نشر موقع “
الأخبار اليومية اليهودية”
الإسرائيلي تقريرا تحليليا اعتبر فيه أن لمصر مصلحة واضحة في بقاء حركة "
حماس" قوة فاعلة في قطاع
غزة، مشيرا إلى أن القاهرة "تدير لعبة مزدوجة وخطرة" تجمع بين الحفاظ على علاقاتها الأمنية مع الاحتلال الإسرائيلي واستثمار نفوذها في القطاع لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
وفي تقريره، تناول الخبير الإسرائيلي حاييم غولوبنتسيتس٬ ما وصفه بـ"التحول الجوهري في المشهد الأمني
المصري"، عقب تعيين اللواء حسن رشاد رئيسا لجهاز المخابرات العامة خلفا للواء عباس كامل، الذي كان يُنظر إليه كـ"جسر استراتيجي" بين القاهرة وتل أبيب لسنوات طويلة.
ويقول غولوبنتسيتس إن هذا التغيير أثار تساؤلات داخل الأوساط المصرية، لكن التعاون الأمني بين مصر والاحتلال الإسرائيلي لا يزال قائما رغم التوترات السياسية الظاهرة في بعض المواقف العلنية، كما تجلى مؤخرا في مؤتمر الدوحة، حين وجهت القاهرة انتقادات حادة لتل أبيب.
توسع عسكري "منسق" في سيناء
يشير التقرير إلى أن مصر وسعت وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع عدد القوات من بضع مئات إلى أكثر من 40 ألف جندي، مؤكدة أن هذا الانتشار يتم بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة لمكافحة التنظيمات الإرهابية.
لكن غولوبنتسيتس يرى أن الغموض يلف طبيعة هذا التنسيق ومدى توافقه مع اتفاقية كامب ديفيد، ما يثير جدلا حول الشرعية القانونية للانتشار العسكري المصري المتزايد في المنطقة.
مصالح استراتيجية بين السلام وصفقة الغاز
ويقول المحلل الإسرائيلي إن سياسة القاهرة تجاه غزة تنطلق من حسابات وطنية واستراتيجية، إذ تعتبر اتفاق السلام مع إسرائيل "أصلا استراتيجيا" تسعى للحفاظ عليه، خصوصا بعد أن رأت مصر عن قرب فعالية الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على القطاع.
ويضيف أن تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعادة النظر في صفقة الغاز البالغة قيمتها 35 مليار دولار أثارت قلقا مصريا كبيرا، لأن الصفقة تمثل فرصة اقتصادية ضخمة، لكنها في الوقت ذاته نقطة ضغط سياسية قد تستخدمها تل أبيب ضد القاهرة.
كما تسعى مصر، بحسب التقرير، إلى تعزيز موقعها أمام واشنطن عبر دورها الإقليمي، خصوصا في ملف سد النهضة، ما يجعلها شريكا لا يمكن تجاوزه في الحسابات الأمريكية بالمنطقة.
إعمار غزة: منفعة اقتصادية وفرصة نفوذ
ويتناول التقرير البعد الاقتصادي للسياسة المصرية تجاه غزة، مشيرا إلى أن القاهرة ترى في عملية إعادة الإعمار فرصة اقتصادية كبرى يمكن أن تدر أرباحا مباشرة عبر المقاولين المصريين والمعدات والموارد اللوجستية.
ويزعم غولوبنتسيتس أن لمصر مصلحة في بقاء حماس قوة مؤثرة في القطاع، مدعيا أن القاهرة "تغض الطرف" أحيانا عن تهريب معدات عسكرية وطائرات مسيرة إلى غزة، في إطار لعبة معقدة تحاول من خلالها الحفاظ على نفوذها الإقليمي.
ويخلص التقرير إلى أن السياسة المصرية تجاه غزة قائمة على موازنة دقيقة بين أربعة أهداف: (الحفاظ على اتفاق السلام مع إسرائيل، الإبقاء على قنوات اتصال مع حماس، الاستفادة الاقتصادية من مشاريع الإعمار، ضمان الدعم الأمريكي المستمر).
ويقول غولوبنتسيتس في ختام تقريره:"ترغب مصر في أن تحتفظ لنفسها بزمام السيطرة، وفي الوقت نفسه بحالة من الفوضى المدروسة. تريد كل شيء في آن واحد، وهذه السياسة بالضبط هي التي تُعقّد الوصول إلى حلٍّ مستقر ودائم في المنطقة".