تواجه دولة الاحتلال
الإسرائيلي تحديا حاسما في ظل سباق نفوذ إقليمي بين
تركيا وقطر اللتين تجنيان ثمار دورهما الوسيط في ملف الأسرى.
وأشارت صحيفة "إسرائيل اليوم" في تقرير، إلى أن أنقرة والدوحة حصلتا بالفعل على "ترقية عسكرية أمريكية ومكانة رفيعة في الترتيب المستقبلي"، في الوقت الذي تنتظر فيه "إسرائيل" إطلاق سراح ثلاثة عشر جثة لـ"أسرى قتلوا في الأسر"، مضيفة أن واشنطن تسعى من خلال ذلك إلى دمج حركة
حماس تدريجيا في الهياكل الحكومية المستقبلية.
وبحسب الصحيفة، فإن إرسال أنقرة ثمانين خبيرا إلى قطاع
غزة "للمساعدة في تحديد مكان الأسرى" لا يعدو كونه الخطوة الأولى في مسار قد يؤدي إلى مشاركة تركية طويلة الأمد في القطاع.
ولفتت الصحيفة إلى أن الجسر الجوي الذي نقل كبار المسؤولين الأمريكيين إلى المنطقة يعكس مدى الأهمية التي يوليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتنفيذ خطته بهذا الشأن.
وذكرت أن دولة الاحتلال مطالبة حاليا بمناورة دقيقة توازن بين ضمان الدعم الأمريكي والحفاظ على التنسيق الوثيق معه، وبين رفض أي محاولات لتطبيع سلوك حماس أو العودة إلى معادلات سابقة "ثبت فشلها"، على حد تعبيره، وترى أن نجاح إسرائيل في هذه المرحلة يتوقف على قدرتها في الاستمرار بالتنسيق مع واشنطن حتى عودة الرهائن الثلاثة عشر القتلى.
وأوضحت "إسرائيل اليوم" أن ترامب، الذي أدرك أهمية الدول الوسيطة، وضع
قطر وتركيا في صدارة المشهد للضغط على حماس للموافقة على صفقة إطلاق الأسرى.
وأشارت إلى أن الخطوة حققت "إنجازا باهرا" تمثل في الإفراج عن جميع الأسرى أحياء دفعة واحدة، دون أن تُجبر إسرائيل على التنازل عن مواقعها أو أصولها الرئيسية في القطاع، في حين حصلت كل من الدوحة وأنقرة على مكاسب ملموسة ووعدت بمزيد من الامتيازات مستقبلا.
وأضاف التقرير أن قطر استعادت مكانتها كوسيط دولي وحصلت على "مظلة حماية أمريكية" بأمر رئاسي، فضلا عن تعزيز التعاون العسكري، فيما نالت تركيا موقعا رفيعا في المحادثات بفضل "الاحترام الذي يكنه الرئيس الأمريكي لأردوغان"، مع الإشارة إلى أن ذلك يمهد لانضمام أنقرة إلى برنامج شراء طائرات "إف-35" الأمريكية.
وبيّنت أن "إسرائيل" كانت تدرك مسبقا أن لهذه الترتيبات ثمنا سياسيا، لكنها تواجه ضغطا أمريكيا للمضي قدما نحو مرحلة "التفكيك ونزع السلاح" مع العمل في الوقت نفسه على تقييد تحركات تركيا داخل القطاع، لمنعها من توسيع نفوذها أو لعب دور أساسي في عملية إعادة الإعمار وإدارة غزة.
وقالت الصحيفة إن إرسال تركيا نحو 80 خبيرا إلى القطاع تحت غطاء "المساعدة في تحديد مكان الأسرى" يعكس رغبة تركية في تهيئة الأرضية لتواجد دائم وأكثر عمقا في غزة، وفي حال انتقال إسرائيل إلى المرحلة التالية، فإن عليها، بحسب تصريحات فانس التي نقلتها الصحيفة، أن تحتفظ بحق النقض أو الموافقة على تشكيلة قوة الاستقرار الدولية والحكومة التكنوقراطية المزمع إنشاؤها.
وأوضحت أن تركيا لن تتمكن من نشر قواتها في القطاع، ويجب منع نشاط منظمة "IHH" التي شاركت في أساطيل كسر الحصار على غزة، من "مافي مرمرة" إلى "أسطول الصمود العالمي" الذي أحبطه جيش الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا.
كما دعت إلى تطبيق آلية دقيقة في تعيين الحكومة التكنوقراطية، مشيرة إلى أن حماس والسلطة الفلسطينية تسعيان لتمثيل أنفسهما فيها بموافقة مصرية وبعلم الوسطاء، كما أن محاولات أنقرة، بدعم من قطر، للحفاظ على مكانة حماس داخل غزة يجب أن تُواجه بالرفض، لضمان عدم تحول الحركة إلى جزء من آلية الحكم المدني في القطاع.