هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعيداً كل البعد عن الإيغال في النزعة الإطلاقية والقدسية للوحدة، فإن النظرة الواقعية إلى مخاطر التقسيم في ليبيا، تقودنا إلى القول بأن عدم تكون حركة قومية ديمقراطية حديثة وعقلانية تكون تعبيراً عن عملية وحدوية تاريخية، وتجسيداً واقعياً يتحقق في سيرورته بناء مجتمع مدني حديث يتسع ويشمل جميع القوى والأحزاب السياسية والتيارات الفكرية المتمحورة حول حل مسألة الوحدة الليبية حلاً ديمقراطياً، شكل إخفاقاً تاريخياً عادلاً لمشروع الوحدة الليبية، وعامل انفجار قد يقود للحرب الأهلية.
التحدّي الأول الذي واجهه المجلس الوطني الانتقالي الليبي تمثل في الدور الذي لعبته قبيلة الزنتان العربية القوية في تحرير منطقة الغرب الليبي، وبالتالي الإسهام في الزحف على طرابلس. وقد حرض الزنتان، رأس حربة ومشجعي الانتفاضة في الغرب، في الواقع على تجنيد وتشكيل وتجهيز كتائب تنتمي إلى المدن التي تصدوا لتحريرها (الزاوية وصرمان وغريان)، وقد قادت فيما بعد الهجوم المتزامن على تلك المدن الثلاث.
بات واضحا من خلال المسارات الجديدة التي دشنها الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد توليه منصب الرئاسة، مفارقته لكثير من مقولات وأيدلوجية وأصول السلفية الجهادية التي تبناها ودافع عنها لسنوات من حياته، وهو ما عرضه ويعرضه لانتقادات شديدة من قبل تيارات وتنظيمات سلفية موغلة في أفكار الجهادية الراديكالية.
لقد كان الاستثناء السوري في بقاء نظام الأسد مدة طويلة بعد الثورة أثرا مدمرا على البلاد، ونأمل في الاستثناء العربي المتمثل بسقوط النظام السوري بالكامل أن يكون عاملا إيجابيا في إعادة بناء الدولة والمجتمع من جديد وعلى أسس جديدة.
عندما تواكب سلسلة مؤتمرات القمم الإعلامية والتنموية والتظاهرات الفنية العربية والدولية التي نظمت في بغداد ،على هامش القمة العربية والقمة العراقية المصرية الأردنية في دورتها الـ 34 والمؤتمر الإعلامي العربي الرابع، تكتشف أن الأوضاع تتغير بسرعة في "عاصمة الرشيد" وفي عمقها الجيو استراتيجي الوطني والإقليمي.
أصدر مركز الزيتونة للدراسات ورقة علمية بعنوان "سقوط نظام الأسد في سورية والقضية الفلسطينية: التداعيات والمآلات"، أعدها الباحث سامح سنجر. تسلط الورقة الضوء على التأثيرات الاجتماعية والسياسية والعسكرية التي خلّفها سقوط نظام الأسد على اللاجئين الفلسطينيين في سورية..
في عالم السياسة، لا تُبنى القرارات الكبرى فقط على موازين القوى العسكرية أو الاقتصادية، بل هناك عنصر خفي لكنه بالغ الأهمية: مزاج الشعوب ومستوى رضاها عن واقعها. الدول الكبرى لا تكتفي بمراقبة تحركات الجيوش وتقلبات الأسواق، بل تمتلك أدوات متطورة لقياس مستوى الفرح أو الإحباط داخل المجتمعات، وتبني استراتيجياتها بناء على ذلك.
سيجد المتخوفون من الحكم باسم الإسلام نماذج رائعة في التاريخ السياسي للأمة: السمو الروحي للسلطة التنفيذية، والتجرد لله وحده في من تولى التشريع للناس من خلال أصول ثابتة معلومة، والقضاء فيه مستقل تلقائيا ما دامت القوانين متجردة. إن الحكم كفائي بهذا المعنى، والاشتغال بيومياته ملهاة للناس عن واجباتهم الحضارية الأخرى..
بعد أكثر من خمسين عامًا من الحكم الاستبدادي، تجد سوريا نفسها أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء، ليس فقط في المؤسسات والهياكل السياسية، بل في الوعي المجتمعي والثقافة والفكر. لقد سقط النظام، لكن هل سقطت العقلية التي سمحت له بالبقاء لعقود؟
في عملية استثنائية في كل المقاييس، استطاعت المعارضة السورية الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر الماضي محقّقة انتصاراً مبهراً بأقل الخسائر الممكنة مع تفادي تدمير واسع وممنهج للبلاد أو إراقة للدماء او فتنة طائفية أو عرقية. تمّ التعامل مع الأحداث بمسؤولية عالية وحكمة فريدة غالبا ما تُفتقد في العالم العربي والإسلامي..
تولي مراكز البحث الاجتماعية الحديثة أهمية كبيرة لدراسة أثر التحولات الاقتصادية والثقافية العولمية على الروابط الاجتماعية والأسرة والقيم والانتماء الوطني والمسألة اللغوية، وتتباين نتائجها بحسب الجهة الموجهة للبحث، وحقل الدراسة وخصائصها، وكذا المتغيرات التي تحرص الدراسة على استحضارها (متغير السن، والجنس، والمجال الترابي، والمستوى المعيشي، والمستوى التعليمي، وغيره)..
إذا كانت لسوريا الجديدة مصلحة استراتيجية في الانفتاح على الغرب، وفي المقدمة الولايات المتحدة، فإن من مصلحتها أيضا أن تواظب على علاقات قوية مع روسيا والصين، كتوازن بين الشرق والغرب، تفرضه طبيعة الصراع العربي-الإسرائيلي من جهة، ومقتضيات المصالح السورية من جهة أخرى..
أكد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محمد الصلابي، أن القرارات التي اتخذتها الإدارة السورية بخصوص تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد، الذي أعلن بدوره عن خارطة طريق للتعامل مع المرحلة الانتقالية، هو خطوة في الطريق الصحيح وتلبية لطموح السوريين في الأمن والاستقرار والحرية التي دفعوا ثمنها غاليا.
إذا كانت هذه الخيارات التفاوضية متاحة، وضمن رؤية إدارة التوازن في العلاقات الخارجية بين محوري الغرب والشرق، فإن أكبر نقطة قوة تملكها سوريا الجديدة، هو علاقتها الاستراتيجية مع تركيا، والمستقبل المفتوح للعلاقة مع العراق، والدعم العربي لعودة سوريا موحدة وقوية إلى حضنها العربي. ما عدا ذلك، فإن الوقت يمثل جزءا أساسيا من الحل.
تعيش سوريا اليوم في ظل أزمة مركبة ومعقدة، تجمع بين نتائج حرب مدمرة قام بها الأسد، وأزمة اقتصادية خانقة سببها الأسد، وعقوبات دولية صارمة أيضا تسببها فيها الأسد. هذه العقوبات، التي فُرضت في الأصل على النظام السوري البائد بسبب انتهاكاته ضد الشعب، أصبحت عبئًا إضافيًا على السوريين أنفسهم..
إذا كان التاريخ معلمًا، فهو بالتأكيد ذاك النوع من المعلمين الذي يعيد نفس الدرس مرارًا، ليس لأنه يريدك أن تفهم، بل لأنه يعتقد أن رؤيتك تتعثر في نفس النقطة ممتعة للغاية. وربما يبتسم الآن، كما لو كان يقول: "لا تقلقوا، لدي المزيد من الأزمات والمفاجآت في جعبتي!"..