ملفات وتقارير

حقوقي تونسي لـ"عربي21": العريض والجبالي يُستدعيان بموجب قانون الإرهاب

أشار الغربي إلى أن العودة إلى استدعاء قيادات سابقة لحكومات ما بعد الثورة، في قضايا قديمة وبدون قرائن واضحة، يعكس استمرار مناخ الانتقام السياسي بعد سنوات من تضييق المجال العام..
كشف الناشط الحقوقي والسياسي التونسي أنور الغربي في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن السلطات التونسية جلبت الأسبوع الماضي المهندس علي العريض، نائب رئيس حركة النهضة ورئيس الحكومة الأسبق، من السجن إلى العاصمة تونس، للاستماع إليه في قضية جديدة أُحيلت بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بناءً على إفادة من "واشٍ" مجهول الهوية قدم شكوى تعود إلى اثني عشر عامًا.

وأوضح الغربي أن الواشي، الذي يُعرف باسم “البوزيدي”، هو صاحب مقهى في سيدي بوزيد، تقدّم في عام 2024 بشكوى للنيابة العامة مستخدمًا هوية رمزية (XXX)، زاعمًا أنه عاين بنفسه سنة 2012 دخول ملتحين ومسلحين إلى مسجدٍ مقابلٍ لمقهى يملكه في المدينة. وأضاف الواشي في روايته أنه توجه حينها بشكواه إلى كلٍّ من رئيس الحكومة آنذاك حمادي الجبالي، ووزير الداخلية علي العريض، ورئيس حركة النهضة، الذين اتهمهم في نصّ الشكوى بـ"رعاية الإرهاب وتسفير الشباب إلى سوريا".

وأكد الغربي أن الملف يخلو تمامًا من أي دليل أو وثيقة أو شاهد مادي يدعم هذه الادعاءات، مشيرًا إلى أن مجرد الشكوى كانت كافية لاستدعاء كلٍّ من العريض والجبالي للتحقيق تحت قانون الإرهاب، رغم أن الوقائع المزعومة تعود إلى أكثر من 12 عامًا.

وفي السياق ذاته، أفاد الغربي بأن السلطات وجهت استدعاءً للمهندس حمادي الجبالي للاستماع إليه في القضية ذاتها، غير أن الأخير يخضع لإقامة جبرية غير معلنة داخل منطقة محددة من مدينة سوسة، ويُمنع عليه مغادرتها دون ترخيص رسمي.

وبيّن الغربي أن الجبالي، وبعد مشاورات واتصالات مكثفة، تلقّى ضمانات شفوية من السلطة نفسها بعدم ملاحقته في حال انتقاله إلى منطقة العوينة بالعاصمة للإدلاء بإفادته، في مشهدٍ وصفه الغربي بأنه "يعكس الطابع الانتقائي وغير القانوني للإجراءات الأمنية المتخذة بحق المعارضين والقيادات السابقة في البلاد".

وانتقد الغربي ما وصفه بـ"العبث القضائي المستمر تحت غطاء قانون الإرهاب"، مشيرًا إلى أن هذا القانون يحمي الواشين من المساءلة والملاحقة القانونية حتى في حال الادعاء الكاذب، بينما لا يمنح أي ضمانات قانونية لمن يتم استهدافهم أو الزج بهم في قضايا بلا سندٍ واقعي أو قانوني.

وأضاف الناشط الحقوقي أن هذه الممارسات تندرج ضمن سياسة منهجية لتصفية الخصوم السياسيين واستنزاف المعارضة عبر ملفات مفتوحة وقضايا متجددة تُستخدم "كأدوات ضغط سياسية"، على حدّ قوله، محذرًا من أن استمرار هذه السياسات يُقوّض ما تبقّى من استقلال القضاء في تونس ويعمّق أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات العدلية.

وأشار الغربي إلى أن العودة إلى استدعاء قيادات سابقة لحكومات ما بعد الثورة، في قضايا قديمة وبدون قرائن واضحة، يعكس استمرار مناخ الانتقام السياسي بعد سنوات من تضييق المجال العام، مؤكّدًا أن “المنظومة القائمة تُعيد إنتاج الممارسات الأمنية السابقة، ولكن تحت غطاءٍ قانونيٍّ جديدٍ عنوانه مكافحة الإرهاب”.

وختم الغربي حديثه لـ"عربي21" بالقول إن ما يحدث اليوم في تونس "هو تلاعب بالقضاء وتوسيع لاستخدام قانون الإرهاب في تصفية الحسابات السياسية"، داعيًا إلى "تحرّك وطني ودولي عاجل من أجل ضمان العدالة والشفافية وحماية المعارضين من التوظيف القضائي الذي يهدد الحريات العامة ويمسّ جوهر المسار الديمقراطي في البلاد".

يُذكر أن المهندس علي العريض يشغل منصب نائب رئيس حركة النهضة، وقد تولّى وزارة الداخلية بعد الثورة التونسية بين عامي 2011 و2013، ثم عُيّن رئيسًا للحكومة حتى يناير/كانون الثاني 2014، ويُعدّ من أبرز الوجوه السياسية التي لعبت دورًا محوريًا في المرحلة الانتقالية عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي. ويقضي العريض حاليًا عقوبة بالسجن على خلفية ما يُعرف بملف "التسفير إلى بؤر التوتر"، وهي قضية تعتبرها منظمات حقوقية "ذات دوافع سياسية" تستهدف قيادات المعارضة.

أما المهندس حمادي الجبالي، فهو أحد مؤسسي حركة النهضة وشغل منصب رئيس الحكومة التونسية بين عامي 2011 و2013، بعد أول انتخابات حرة في البلاد، كما تولّى سابقًا الأمانة العامة للحركة، وسبق أن اعتُقل لسنوات طويلة خلال حكم بن علي بسبب نشاطه السياسي. ومنذ عام 2022، يخضع الجبالي إلى إجراءات تقييدية وملاحقات قضائية متكررة.