صحافة دولية

55 ألف طفل في غزة يعانون من سوء التغذية الحاد بسبب الإبادة

دراسة "ذي لانسيت": القيود الإسرائيلية تفاقم أزمة الغذاء بين أطفال غزة - جيتي
دراسة "ذي لانسيت": القيود الإسرائيلية تفاقم أزمة الغذاء بين أطفال غزة - جيتي
كشفت دراسة حديثة نشرت نتائجها، الأربعاء الماضي، في المجلة الطبية البريطانية "ذي لانسيت"، أن نحو 55 ألف طفل في مرحلة ما قبل دخول المدرسة في قطاع غزة يعانون من سوء تغذية حاد، نتيجة القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات الإنسانية، والتي أدت إلى تفاقم أزمة الغذاء في القطاع المحاصر منذ سنوات.

وأوضحت الدراسة، التي أجرتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات يواجهون مخاطر صحية جسيمة بسبب نقص التغذية، مؤكدة أن الأرقام تجاوزت بكثير ما كان محددًا سابقًا كضحايا لسوء التغذية الحاد الذي قد يؤدي إلى الوفاة.

دراسة تحليلية للواقع الغذائي
وأظهرت الدراسة التي نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية٬ تحليلا شهريا لأوضاع الأطفال في غزة خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير 2024 إلى آب/أغسطس الماضي٬ موضحة وجود صلة مباشرة بين القيود الإسرائيلية المفروضة على دخول الإمدادات الغذائية والطبية ومستويات سوء التغذية.

وقال الدكتور أكيهيرو سيتا، مدير الصحة في أونروا وأحد مؤلفي الدراسة، إن "المزيد من الأطفال سيموتون ما لم تتوقف الأعمال العدائية ويتم تقديم خدمات إنسانية دولية كافية دون معوقات".
وأضاف: "عامان من الحرب تركا تداعيات جسدية خطيرة على عشرات آلاف الأطفال في غزة، وهو ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع".

القياسات والنتائج الإحصائية
استخدم الباحثون قياسات محيط الذراع لـ 220 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات في محافظات غزة الخمس. وذكرت الدراسة أن نسبة الأطفال الذين أظهروا علامات الهزال ارتفعت من 5٪ في كانون الثاني/ يناير 2024 إلى ما يقرب من 9٪ بعد ستة أشهر. بعد فرض قيود صارمة على المساعدات في نهاية 2024، تضاعف معدل الهزال تقريبا بحلول كانون الثاني/ يناير الماضي.

وعند السماح بدخول مساعدات لفترة ستة أسابيع بعد وقف إطلاق النار المؤقت، سجل انخفاض ملموس في حالات الهزال، قبل أن يرتفع مجددا مع فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا مشددا دام 11 أسبوعا في آذار/مارس الماضي. وبالرغم من تخفيف القيود لاحقا في أيار/مايو الماضي٬ ارتفعت مستويات الهزال لتصل إلى نحو 16٪، مع تسجيل ما يقرب من ربع الأطفال في خطر شديد.

ووفق الباحثين، يعاني 12 ألف و800 طفل من الهزال الشديد، وهو أخطر أشكال سوء التغذية، ويحتاجون إلى تغذية عاجلة ورعاية طبية متخصصة. ويعادل هذا العدد نحو 55 ألف طفل تحت سن ست سنوات، ممن يتعرضون لخطر حقيقي يهدد حياتهم.

اظهار أخبار متعلقة


تأثير القيود على حياة الأطفال
وقالت الدكتورة ماساكو هورينو، عالمة الأوبئة الغذائية والباحثة الرئيسية في الدراسة: "الأطفال في أسر اللاجئين الفلسطينيين كانوا يعانون من نقص غذائي طفيف قبل الحرب، لكن القيود الإسرائيلية وأعمال العنف الأخيرة أدت إلى سوء تغذية حاد، قابل للوقاية، ويهدد حياة عشرات الآلاف من الأطفال في غزة".

وأكد الباحثون أن القيود الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية ومنع دخول الغذاء إلى غزة جعلت من الصعب على وكالات الإغاثة تقديم الدعم الكافي، مشيرين إلى أن القيود فرضت واقعا مأساويا على الأطفال، حيث أدت إلى زيادة معدلات الهزال الحاد وانتشار أمراض غير معدية مرتبطة بسوء التغذية.

وأظهرت الدراسة أن مدينة رفح شهدت زيادة بمقدار أربعة أضعاف في حالات سوء التغذية بعد هجوم واسع من الاحتلال الإسرائيلي، بينما شهدت مدينة غزة ارتفاع معدل انتشار الهزال بأكثر من خمسة أضعاف منذ آذار/مارس الماضي٬ ليصل إلى نحو 30٪ منتصف آب/أغسطس الماضي.

دور المنظمات الإنسانية
وقالت صحيفة "الغارديان" في تقريرها إن الدراسة تأتي في وقت تتفاوض فيه حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي في مصر لإنهاء الحرب وإطلاق المساعدات الإنسانية. وتستهدف الخطة الأمريكية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب في منتجع شرم الشيخ إعادة الأسرى وزيادة المساعدات دون تدخل مباشر، عبر الأمم المتحدة والهلال الأحمر.

وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم اليونيسف: "مدينة غزة تشهد حالة من الذعر الشديد وجوع حاد، حيث يعيش عشرات آلاف الأطفال تحت ظروف قاسية، مع عدم قدرة ثلثي السكان على الحصول على الطعام بشكل منتظم".

اظهار أخبار متعلقة


إسهامات البحث وأهميته
شارك في الدراسة سناء النجار، عمرو طبازة، حياة الخماش، رهام الجفال، جياجين شن، غادة الجدبة، والبرفسور كيث بي.ويست، باستخدام بيانات من 16 مركزا صحيا تابعا لأونروا و78 نقطة طبية داخل ملاجئ المدارس ومعسكرات الخيام.

وأشاد خبراء صحة الأطفال بالدراسة، معتبرين أنها توفر أدلة قاطعة على الضرر الجسيم الذي لحق بالأطفال، كما أنها تسلط الضوء على التأثير طويل الأمد لسوء التغذية على النمو البدني والعقلي للأجيال القادمة.

دعوة عاجلة للتحرك الدولي
وقالت الدراسة إن الظروف التي خلقتها الحرب والقيود الإسرائيلية تجعل من شبه المستحيل على وكالات الإغاثة تلبية الاحتياجات الأساسية للأطفال، داعية إلى تحرك عاجل لتوفير المساعدات الغذائية والطبية دون عوائق. كما أكدت على ضرورة مراقبة تأثير سوء التغذية طويل المدى على صحة الأطفال في القطاع، بما في ذلك زيادة مخاطر الأمراض غير المعدية والنمو المتأخر.

وتعكس نتائج الدراسة، التي تعتبر الأولى من نوعها منذ عامين، حجم الكارثة الإنسانية في غزة، وتشير بوضوح إلى أن وقف الأعمال العدائية والسماح بدخول المساعدات الطارئة يمثلان خطوة حاسمة لإنقاذ حياة عشرات آلاف الأطفال.
التعليقات (0)

خبر عاجل