في الوقت الذي تشهد فيه معظم دول العالم هذه الأيام بداية العام الدراسي الجديد، تحرم حرب الإبادة
الإسرائيلية المستمرة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 طلاب وطالبات قطاع
غزة من
التعليم للعام الثالث على التوالي.
وأصبحت مدارس غزة بلا مقاعد دراسة ولا صفوف مدرسية، وتحولت إلى مراكز لإيواء نازحين قسريا أو أكوام من ركام، ما تسبب في حرمان نحو 785 ألف طالب وطالبة من التعليم.
وتحدثت الطفلة جوري مهنا (9 أعوام) من مدينة غزة لوكالة الأناضول، وقالت إنها "تشتاق لمدرستها وصديقاتها وتريد أن تكتب على اللوح من جديد". وجاءت هذه الكلمات وجوري تحتفظ بعلبة أقلام ملونة في حقيبتها الصغيرة، رغم أنها لم تستخدمها منذ أكثر من عامين.
وتحاول والدة الطفلة جوري تعويض هذا الانقطاع عبر تسجيل ابنتها في منظومة تعليم إلكتروني أطلقتها وزارة التربية والتعليم في غزة، لكنها تصطدم بواقع قاسٍ يتمثل في النزوح القسري المتكرر وانقطاع الكهرباء وضعف الإنترنت، تحت وطأة قصف إسرائيلي مستمر ضمن حرب الإبادة، وقالت الأم: "أصبح التعليم في غزة حلما صعب المنال، كل عائلة تبحث عن أي وسيلة حتى لا يضيع مستقبل أطفالها".
وفي 13 آب/ أغسطس الماضي، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، عبر منصة "إكس"، إن مليون طفل بغزة محرومون من التعليم، ويعانون من صدمة نفسية عميقة.
اظهار أخبار متعلقة
ولا يقتصر الحرمان من التعليم على الأطفال فقط، بل يمتد ليشمل الطلاب كافة في مراحلهم الدراسية الابتدائية والثانوية والجامعية.
محمود أبو دف "18عاما" كان على وشك إكمال مرحلة الدراسة الثانوية والالتحاق بالتعليم الجامعي، لكن العدوان الإسرائيلي دمر حياته الدراسية كليا. وقال أبو دف: "للعام الثاني لم نتمكن من تقديم امتحانات الثانوية العامة/ التوجيهي، ولا يزال مصيرنا مجهولا".
وتابع حديثه لـ"الأناضول": "مئات آلاف الطلبة في غزة وجدوا أنفسهم بلا مقاعد أو صفوف دراسية"، مشيرا إلى أن المرافق التعليمية "تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين الفارين من جحيم القصف الإسرائيلي".
وفي هذا الصدد، ذكر مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، أن "الاحتلال الإسرائيلي يحرم للعام الثالث على التوالي نحو 785 ألف طالب وطالبة من الدراسة"، مضيفا: "كما يحرم 25 ألف معلم من حقهم الأساسي في التعليم، في جريمة ممنهجة يرقى أثرها إلى إبادة ثقافية وتعليمية".
وعزا الثوابتة الوضع الراهن إلى التدمير الواسع الذي طال البنية التحتية التعليمية بفعل العدوان المتواصل، وأضاف أن الأضرار المادية طالت أكثر من 95 بالمئة من مدارس قطاع غزة، فيما تحتاج أكثر من 90 بالمئة من المباني المدرسية إلى إعادة بناء أو إعادة تأهيل شامل.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف بشكل مباشر 662 مبنى مدرسيا، أي ما يقارب 80 بالمئة من إجمالي المدارس، بينما صُنفت 116 مدرسة أخرى متضررة، وهو ما أدى إلى حرمان نحو 140 ألف طالب إضافي من الالتحاق بمقاعد الدراسة.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف أن العدوان الإسرائيلي دمر 163 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية كليا، و388 مؤسسة أخرى جزئيا، وتضرر 70 بالمئة من المدارس التي استخدمت ملاجئ لنازحين، ومحافظتا شمال غزة ورفح هما الأكثر تضررا بنسبة 100 بالمئة.
وأردف: "لم يتوقف الاستهداف عند البنية التحتية، بل امتد ليحصد أرواح 13500 طالب و830 معلما وكادرا تربويا، و193 عالما وأكاديميا وباحثا"، واصفا بأنه "استهداف ممنهج للحق في التعليم وحرمان أجيال بأكملها من مستقبلها".
وأوضح أن هذه الممارسات تمثل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، واتفاقية حقوق الطفل، التي تضمن الحق في التعليم والحماية في أوقات النزاع". كما شدد على أن ما يجري في غزة ليس مجرد أضرار جانبية للحرب، بل "تدمير متعمد للركائز الأساسية للحياة المدنية".
ودعا المجتمع الدولي إلى "تحرك عاجل لوقف هذه الجريمة، والعمل على محاسبة الاحتلال على جرائمه ضد الطلبة والمعلمين والبنية التعليمية".
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في 7 آب/ أغسطس الحقوقية الدولية في بيان إن"هجمات الاحتلال الإسرائيلي على مدارس غزة ستعطل التعليم لسنوات عديدة".
وتابعت: "إصلاح هذه المدارس وإعادة بنائها سيتطلب الكثير من الموارد والوقت، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية كبيرة على الأطفال وأولياء الأمور والمعلمين".
وبدعم أمريكي، يرتكب جيش الاحتلال إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلا النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 63 ألفا و633 شهيدا، و160 ألفا و914 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 361 فلسطينيا بينهم 130 طفلا.