حقوق وحريات

تدهور إنساني بسجن بدر 3.. تصاعد الإضراب ومحاولات انتحار ومخاوف من انهيار صحي شامل

تدهور خطير في أوضاع سجن بدر يؤدي إلى موجة انتحارات بين السجناء - يوتيوب
تدهور خطير في أوضاع سجن بدر يؤدي إلى موجة انتحارات بين السجناء - يوتيوب
يتواصل الإضراب المفتوح عن الطعام في قطاع 2 بسجن بدر 3 في مصر٬ وسط تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية والصحية، بعد انضمام عشرات المعتقلين السياسيين إليه، احتجاجا على ما وصفوه بـ"الانتهاكات الجسيمة" بحقهم من إدارة السجن، وسط محاولات حثيثة لعزلهم عن باقي النزلاء والتعتيم على ما يجري داخل جدران السجن شديد الحراسة.

في خطوة وصفها حقوقيون بأنها تهدف إلى طمس آثار الإضراب وتجنب افتضاح الوضع الصحي المتدهور، قامت إدارة سجن بدر 3 بنقل عدد من المستلزمات الطبية من مستشفى السجن إلى داخل قطاع 2. 

وشملت هذه التجهيزات أسرّة طبية، وأجهزة قياس الضغط والسكر، ومحاليل وريدية، بهدف التعامل مع حالات الإغماء وفقدان الوعي الناتجة عن الإضراب داخل القطاع نفسه، دون الحاجة إلى نقل المعتقلين إلى المستشفى الرئيسي، ما يمنع باقي النزلاء من الاطلاع على حجم الكارثة الإنسانية.


ارتفاع عدد المضربين... وكبار السن في الواجهة
ارتفع عدد المضربين عن الطعام في قطاع 2 إلى 35 معتقلاً من أصل 58، بعد انضمام وزير الشباب الأسبق أسامة ياسين إلى الإضراب. ويشكل المعتقلون كبار السن (فوق 65 عاما) نسبة بارزة من المشاركين، في وقت يحذّر فيه مراقبون من أن ظروف السجن القاسية قد تعجل بانهيار صحي واسع النطاق.

وبالتوازي تفاقمت الأوضاع الصحية لعدد من الشخصيات البارزة داخل القطاع، حيث نُقل كل من البرلماني الأسبق محمد البلتاجي، والطبيب أحمد عارف، المتحدث الإعلامي السابق لجماعة الإخوان المسلمين، إلى المركز الطبي، بعد إصابتهما بمضاعفات نتيجة الإضراب المستمر.

كما شهدت الأيام الماضية نقل القيادي الإخواني البارز محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد، إلى المركز الطبي أيضا إثر تعرضه لأزمة قلبية، رغم عدم مشاركته في الإضراب، وهو ما يعكس هشاشة الأوضاع الصحية داخل السجن بشكل عام.

محاولة انتحار جديدة
في تطور مأساوي يعكس الضغوط النفسية الهائلة التي يتعرض لها السجناء، أقدم المعتقل أحمد شريف على محاولة انتحار مجددا، احتجاجا على منعه المستمر من الزيارة، ورفض إدارة السجن إثبات وضعه الصحي أو توثيقه رسميا، ما فاقم من معاناته النفسية.

بالمقابل، أعلن عدد من معتقلي القطاعات الأخرى في سجن بدر 3 تضامنهم الكامل مع نزلاء قطاع 2، ولوّحوا بالتصعيد والانضمام إلى الإضراب المفتوح في حال تجاهلت إدارة السجن مطالبهم الأساسية، وفي مقدمتها: فتح باب الزيارة، والسماح بالتريض، وتحسين أوضاع الاحتجاز.

في الوقت نفسه، كشفت مصادر حقوقية عن ضغوط تمارسها أجهزة أمنية داخل السجن، بقيادة ضابط من أمن الدولة، إضافة إلى رئيس المباحث ومأمور السجن، لإجبار عدد من المضربين على التراجع عن خطواتهم الاحتجاجية.

اظهار أخبار متعلقة


جلسات محاكمة تتحول إلى مشاهد مأساوية
وفي مشهد صادم رُصد خلال جلسات محكمة الجنايات داخل مجمع سجون بدر في تموز/يوليو الجاري٬ نقل عدد من المحامين شهادات مروعة عن حجم المعاناة النفسية والجسدية التي يعاني منها المعتقلون السياسيون، مؤكدين أن بعضهم لم يجد وسيلة للتعبير عن معاناته سوى محاولة الانتحار داخل قفص المحكمة.

ومن أبرز هذه الحوادث، ما قام به المعتقل محمد أنيس محمد الشريف، الذي حاول قطع شرايين يديه داخل القفص أثناء إحدى الجلسات في 12 تموز/يوليو الجاري، في محاولة يائسة للفت الأنظار إلى ما يتعرض له من قهر وظلم وإهمال، بحسب شهادة المحامين الحاضرين.

منظمات حقوقية تدق ناقوس الخطر
وأكدت منظمات حقوقية مصرية ودولية أن ما يجري في سجن بدر 3 يمثل كارثة إنسانية مكتملة الأركان، ويخالف أبسط المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن السجناء السياسيين يعانون من عزلة تامة، ومنع متكرر من الزيارة، وانعدام الخدمات الطبية والنفسية، وسوء التغذية، والتعذيب المعنوي والجسدي.

وحذرت هذه المنظمات من خطر انهيار إنساني جماعي داخل السجن، داعية الجهات القضائية والرقابية والبرلمانية إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف في أوضاع السجناء، ومطالبة الحكومة المصرية باحترام تعهداتها الدولية بشأن معاملة المحتجزين، خصوصا من فئة السجناء السياسيين.

سجن بدر.. واجهة قمع حديثة
ويُعرف سجن بدر 3 بأنه أحد أحدث مجمعات السجون شديدة الحراسة التي أنشأتها السلطات المصرية في السنوات الأخيرة، وقد أثار منذ افتتاحه موجة انتقادات واسعة من منظمات حقوقية بسبب ظروف الاحتجاز القاسية، وغياب الشفافية، والانتهاكات الممنهجة، ما دفع البعض إلى وصفه بـ"النسخة الأحدث من سجن العقرب" سيئ السمعة.

وفيما تصر السلطات على وصف سجونها الجديدة بـ"النموذجية"، تتزايد الأدلة والشهادات التي تؤكد أن ما يجري خلف الأسوار لا يمت للكرامة الإنسانية بصلة، في وقت تتصاعد فيه الأصوات المطالبة بإغلاق هذا السجن وفتح تحقيق دولي في كافة الانتهاكات التي تحدث داخله.
التعليقات (0)