تشهد أروقة
سجن بدر 3 تصعيدا منذ العشرين من حزيران/يونيو الماضي، مع دخول عدد من المعتقلين السياسيين في
إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجا على استمرار حرمانهم من زيارة ذويهم منذ أكثر من عقد من الزمن.
ووفق مصادر حقوقية، فإن الإضراب الذي بدأ بمشاركة عشرة معتقلين، يشهد يوميا ارتفاعا في عدد المضربين، وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي ووقوع كارثة إنسانية في أي لحظة.
يتصدر المشهد قطاع 2 داخل سجن بدر 3، حيث يُحتجز 58 معتقلا، غالبيتهم من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بينهم الدكتور محمد البلتاجي، والدكتور عبد الرحمن البر، والوزير السابق خالد الأزهري، والمحامي أسامة مرسي، وغيرهم من الشخصيات البارزة التي تجاوزت أعمار العديد منهم 65 عاما، ويعانون من أمراض مزمنة.
ويطالب المعتقلون بحقهم في رؤية أسرهم وزيارة ذويهم، بعد سنوات طويلة من المنع القسري. إلا أن إدارة السجن، بتوجيهات مباشرة من جهاز الأمن الوطني، رفضت الاستجابة لهذه المطالب الأساسية، ما دفع المعتقلين لحجب كاميرات المراقبة داخل الزنازين، في خطوة احتجاجية رمزية.
تفتيشات قمعية ومحاولات انتحار متكررة
ردّت مصلحة السجون بحملة تفتيش وتجريد قمعية، طالت زنازين القطاع، حيث صادرت كافة الممتلكات الشخصية، بما فيها الأوراق والمصاحف، ولم تبقِ سوى "سترات السجن".
ومع استمرار التجاهل، أقدم عدد من المعتقلين على محاولات انتحار متكررة، بلغ عددها 15 محاولة خلال أقل من أسبوعين، في مؤشر مقلق على حالة اليأس المتفاقمة داخل السجن.
وكان أبرز هذه الحالات محاولة المعتقل أحمد شريف، المحكوم بالمؤبد، قطع شرايين يده، احتجاجا على منعه من رؤية أبنائه، رافضا تلقي العلاج إلا بعد تحرير محضر رسمي يُثبت دوافع محاولته، وهو ما رفضته إدارة السجن، قبل أن يُنقل لاحقًا إلى مستشفى السجن في حالة خطيرة.
وفي تطور خطير، داهمت قوات الأمن السجن مجددًا الثلاثاء، وصادرت جميع المقتنيات داخل الزنازين، بما في ذلك المصاحف، في حملة تفتيش وُصفت بأنها "الأشد منذ بداية الأزمة".
وهدّد ضباط الأمن الوطني المعتقلين في باقي قطاعات السجن بنقلهم إلى القطاع 2 حال تضامنهم مع المضربين، في محاولة لكسر روح التكاتف داخل المعتقل.
اظهار أخبار متعلقة
مطالب مشروعة.. ورفض قضائي للتوثيق
خلال جلسة محاكمة عُقدت السبت الماضي، حاول عدد من المعتقلين، بينهم خالد الأزهري وحسن البرنس، توثيق تدهور أوضاعهم الصحية وطلبوا إثبات ذلك في محضر الجلسة، بما في ذلك قياس ضغط الدم ونسبة السكر، لكن القاضي محمد السعيد الشربيني رفض توثيق هذه المطالب، بل قام بتجديد حبسهم، ما أثار استياء الحقوقيين وأسر المعتقلين.
في بيان من داخل السجن، ناشد المعتقلون المضربون عن الطعام كل الضمائر الحية محليا ودوليا التدخل العاجل لإنقاذهم من "المقتلة البطيئة"، كما حمّلوا وزارة الداخلية ومصلحة السجون وجهاز الأمن الوطني المسؤولية الكاملة عن حياتهم، خصوصا أن من بينهم مرضى وكبار سن مهددون بفقدان حياتهم في أي لحظة.
أكد المعتقلون في تصريحاتهم أنهم لا يطلبون سوى حقهم المشروع في الزيارة والتريّض والعلاج والكرامة الإنسانية، وهو ما يُنكره عليهم النظام منذ الانقلاب العسكري في تموز/يوليو 2013، ما دفعهم إلى اعتبار الإضراب ومعه خيار الانتحار "الوسيلة الوحيدة المتاحة في ظل الانسداد القاتل".
58 معتقلًا في خطر.. وصرخة لا تصل
وتشير المعطيات إلى أن 58 معتقلا في قطاع 2 يتعرضون حاليا لأبشع صنوف العزل والتنكيل، وسط تدهور متسارع في الأوضاع الصحية والنفسية، لا سيما مع غياب أي استجابة من جانب إدارة السجن، التي تكتفي بإرسال ضباط الأمن الوطني للتهديد والترهيب.
تطالب منظمات حقوقية مصرية ودولية بضرورة التحرك السريع لإنقاذ حياة المضربين في سجن بدر 3، ومحاسبة المسؤولين عن هذا التنكيل المتعمد، والضغط من أجل فتح باب الزيارات والعلاج فورًا، محذرين من أن تجاهل هذا الوضع قد يقود إلى كارثة إنسانية جديدة داخل السجون المصرية.