سلّطت وسائل إعلام عبرية، الضوء على المخاوف المتزايدة في تل أبيب بشأن هجرة العقول وأصحاب الدرجات العلمية العالية، مشيرة إلى بيانات المكتب المركزي للإحصاء
الإسرائيلي والتي تقول إن ربع الحاصلين على شهادات الدكتوراه في الرياضيات غادروا "إسرائيل".
ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي أن "عدد الأكاديميين الإسرائيليين المقيمين في الخارج بلغ نحو 55 ألفا عام 2024"، وسط مخاوف متزايدة بين الباحثين الشباب بسبب الحرب على
غزة، ومحاولات إضعاف القضاء، وتقليص ميزانيات التعليم العالي.
وبحسب البيانات، يقيم في الخارج نحو 25.4 بالمئة من حاملي الدكتوراه في الرياضيات، و21.7 بالمئة في علوم الحاسوب، و19.4 بالمئة في علم الوراثة، و17.3 بالمئة في علم الأحياء الدقيقة، و17 في المئة في الفيزياء، ونحو 14 في المئة في الكيمياء والهندسة الكهربائية وعلم الأحياء.
وأشارت المعطيات إلى أن 23 بالمئة من خريجي الدكتوراه من معهد وايزمان للعلوم يعيشون في الخارج، مقابل 18.2 في المئة من خريجي معهد التخنيون، و15 بالمئة من خريجي الدكتوراه في العلوم من جامعة تل أبيب، و10 بالمئة من جامعة أريئيل.
وبيّنت الأرقام أن 11.9 بالمئة من حاملي الدكتوراه و8.1 بالمئة من خريجي الماجستير كانوا يقيمون في الخارج عام 2024، وتشمل المعطيات من حصلوا على شهاداتهم بين عامي 1990 و2018، ما يشير إلى أن الظاهرة لا تقتصر على فترات ما بعد الدكتوراه.
وسجلت حكومة الاحتلال خلال العام الماضي هجرة سلبية بين حاملي الشهادات الجامعية، إذ غادر عدد أكبر من خريجي البكالوريوس والماجستير والدكتوراه مقارنة بعدد العائدين، وغالبا ما ينتمي هؤلاء إلى الفئات الشابة وسكان تل أبيب وضواحيها الميسورة.
وتزامن ذلك مع مرور ثلاث سنوات على تولي حكومة رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو الحالية السلطة، حيث أطلقت بعد فترة قصيرة محاولات لإضعاف القضاء، أعقبها أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر وحرب استمرت عامين في غزة.
وأوضحت البيانات أن عام 2022 شهد بداية تراجع في أعداد العائدين، فيما سجل عام 2023 زيادة في أعداد المغادرين الذين استقروا في الخارج، كما ارتفعت نسبة خريجي الدكتوراه الشباب الذين يواصلون دراستهم خارج البلاد، لا سيما في العلوم التطبيقية والهندسة.
وأشارت "الصحيفة" إلى أن الأكاديميين قد يواجهون ضغوطا إضافية بسبب الهجمات اللفظية التي تشنها حكومة الاحتلال على الأوساط الأكاديمية، بقيادة وزير التعليم يواف كيش، إلى جانب تقليص ميزانيات التعليم العالي وتحويلها إلى جهات ممثلة في الائتلاف الحاكم، مثل المستوطنين والمجتمع الحريدي.
وبلغت ميزانية التعليم العالي لعام 2025 نحو 14 مليار شيكل (4.34 مليار دولار)، مع توقعات بأن تبقى على المستوى ذاته في 2026، رغم انخفاض منح البحث العلمي الخارجية نتيجة تصاعد المقاطعة الأكاديمية، وتراجع التمويل بنحو 700 مليون شيكل خلال خمس سنوات.
ونقلت الصحيفة أن الحكومة حوّلت 40 مليون شيكل (12.49 مليون دولار) من ميزانية التعليم العالي إلى وزارة الأمن القومي برئاسة إيتامار بن غفير، إضافة إلى خفض سابق بقيمة 150 مليون شيكل لتمويل أنشطة دعائية لوزارة الخارجية.
وفي المقابل، رصدت الجامعات تراجعا في منح المجلس الأوروبي للبحوث، ما قلّص فرص التمويل والتعاون الأكاديمي الدولي.
ورغم ذلك، أظهرت البيانات انخفاضا طفيفا في نسب هجرة خريجي البكالوريوس والماجستير خلال السنوات الأخيرة، مقارنة بذروة سابقة، وهو ما يُعزى إلى توسع الكليات الأكاديمية منذ تسعينيات القرن الماضي خلال حكومة إسحاق رابين.
ومع هذا التحسن المحدود، لا تزال نسب مرتفعة من خريجي الموسيقى والعلاقات الدولية وعلوم الحاسوب والرياضيات والفيزياء تقيم في الخارج، سواء بين حاملي البكالوريوس أو الماجستير، ما يعكس استمرار التحدي البنيوي لهجرة الكفاءات في دولة الاحتلال الإسرائيلي.