صحافة دولية

محامون يطالبون بإسقاط قضية الاعتداء على أسير فلسطيني في "سدي تيمان"

نتنياهو يقول إن حادثة سدي تيمان ألحقت ضررا كبيرا بصورة إسرائيل والجيش- يديعوت
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير أن محامي الدفاع عن جنود الاحتياط الإسرائيليين المتهمين بالاعتداء العنيف على أسير فلسطيني، طالبوا الأحد بإسقاط التهم الموجهة إليهم، بحجة وجود "عيوب واضحة" في الإجراءات القانونية المتعلقة بالقضية.

وأوضح التقرير أن محامي الجنود المتهمين دعوا خلال مؤتمر صحفي إلى إلغاء المحاكمة، بعدما أقرت رئيسة الشؤون القانونية في الجيش الإسرائيلي، اللواء يفعات تومر–يروشالمي، بأنها أجازت تسريب تسجيل مصور من كاميرات المراقبة يوثق الحادثة المزعومة إلى وسائل إعلام إسرائيلية، الأمر الذي ساهم بحسبهم في تسييس القضية وإثارة موجة واسعة من الجدل داخل إسرائيل وخارجها.

وقدمت اللواء يفعات تومر–يروشالمي، التي كانت تشغل منصب المدعية العامة العسكرية، استقالتها يوم الجمعة، ثم اختفت لساعات صباح الأحد، ما استدعى تدخل الشرطة التي بدأت عملية بحث بعد العثور على سيارتها متوقفة قرب أحد الشواطئ شمال تل أبيب، وسط مخاوف من تعرضها لأذى، قبل أن تؤكد الشرطة لاحقاً العثور عليها وهي في حالة جيدة.


ووقف أربعة رجال ملثمين بأقنعة سوداء خلف المحامين أثناء حديثهم للصحفيين في المؤتمر الصحفي، وقال المحامون إن هؤلاء هم أربعة من بين الجنود الخمسة المتهمين في القضية.

ووفق التقرير، فقد وجهت إلى الجنود الخمسة في شباط/فبراير الماضي تهم تتعلق بالاعتداء والتسبب بإصابات خطيرة خلال هجوم وقع في تموز/يوليو 2024، أسفر عن كسر أضلاع المعتقل الفلسطيني، وثقب رئته اليسرى، وتمزق المستقيم.

وكان المعتقل، وهو رجل فلسطيني من غزة، محتجزا في سجن قاعدة سدي تيمان العسكرية جنوب إسرائيل، ولم تُكشف هوية المعتقل أو الجنود المتهمين علنا.

وقالت الصحيفة إن القضية كشفت عن انقسامات حادة داخل إسرائيل بشأن مسألة المساءلة عن إساءة معاملة الفلسطينيين المحتجزين، لافتة إلى أنها تزامنت مع الحرب على غزة التي واجهت خلالها إسرائيل إدانات دولية واتهامات بارتكاب جرائم حرب، وهو ما نفاه المسؤولون الإسرائيليون.

وظهرت تفاصيل التهم الموجهة للجنود أول مرة في تموز/يوليو الماضي بعد اعتقال مجموعة من الجنود للاشتباه في اغتصابهم معتقلا فلسطينيا داخل السجن العسكري في سدي تيمان، وفق سجلات المحكمة، وتصاعد الجدل العام حول القضية بسبب التقارير الأولية التي تحدثت عن واقعة اغتصاب، رغم أن لائحة الاتهام النهائية لم تتضمن تهمًا جنسية، لكن أحد الجنود استخدم جسما حادا لطعن المعتقل ما تسبب في تمزق بجدار المستقيم.

ولم يظهر مقطع الفيديو المسرب من كاميرات المراقبة بوضوح تفاصيل ما جرى خلال الاعتداء الذي استمر نحو 15 دقيقة، إذ حجبت الكاميرات الرؤية في معظم اللقطات، وأظهرت مقتطفات بثها التلفزيون الإسرائيلي الجنود وهم يحيطون بالمعتقل الذي بدا مثبتا على الجدار، فيما ظهر لاحقا وهو ملقى على الأرض.



وبيّنت الصحيفة أن تومر–يروشالمي أوضحت في رسالة استقالتها، التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، أنها سمحت بتسريب اللقطات "لمواجهة الدعاية الكاذبة ضد سلطات إنفاذ القانون العسكرية" ولحماية موظفيها من "حملة نزع الشرعية" التي يشنها إسرائيليون يعارضون محاكمة الجنود.

وأشارت إلى أن بعض السياسيين الإسرائيليين، بمن فيهم أعضاء في حكومة بنيامين نتنياهو، استخدموا تسريب الفيديو كذريعة للطعن في مصداقية القضية برمتها، معتبرين أن نشر التسجيلات يقوض أساس المحاكمة.


وذكرت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعا إلى "تحقيق مستقل ونزيه" في واقعة التسريب، في أول تعليق له منذ استقالة المسؤولة القانونية، قائلا إن "حادثة سدي تيمان ألحقت ضررا كبيرا بصورة إسرائيل والجيش".

وأشارت الصحيفة إلى أن المؤتمر الصحفي الذي عقده محامو الجنود خارج مقر المحكمة العليا في القدس كان خطوة غير مسبوقة.

ونقلت عن المحامي عدي كيدار، من منظمة "هونينو" القانونية اليمينية التي تمثل عددا من الجنود المتهمين، قوله: "لقد شهدنا عملية قانونية معيبة ومتحيزة ومفبركة بالكامل"، مضيفا: "نطالب اليوم بإلغاء المحاكمة فورا وإحقاق العدالة"، وأكد كيدار أن جميع الجنود ينفون التهم المنسوبة إليهم.

وأوضحت الصحيفة أن المؤسسة القضائية الإسرائيلية تتعرض منذ فترة لهجوم متواصل من حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة، التي تسعى لتقليص صلاحيات القضاء وتعزيز نفوذ الحكومة المنتخبة، في حين يرى المعارضون أن هذه المساعي تمثل تهديدا للديمقراطية.

وذكرت أن وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس اتهم تومر–يروشالمي يوم الجمعة بـ"تشويه سمعة الجنود عبر نشر افتراء دم"، معلنا أنها ستجرد من رتبها.


وأضافت الصحيفة أن قضية سدي تيمان تسببت باضطرابات داخل إسرائيل بعد بث مقاطع فيديو أظهرت الشرطة العسكرية وهي تقتحم القاعدة لاعتقال جنود مشتبه فيهم بإساءة معاملة فلسطينيين، مشيرة إلى أن ثلاثة نواب من اليمين المتطرف ضمن ائتلاف نتنياهو شاركوا في احتجاجات خارج القاعدة تضامنا مع الجنود، قبل أن يقتحم عشرات الأشخاص المكان.

وأشار التقرير إلى أن مجموعة من الفلسطينيين الذين احتُجزوا في قاعدة سدي تيمان العسكرية، وجّهوا اتهامات للجنود الإسرائيليين بارتكاب تجاوزات وانتهاكات خطيرة بحقهم أثناء فترة احتجازهم.

وبيّن التحقيق الذي نشر العام الماضي أن آلاف المعتقلين من قطاع غزة احتُجزوا لأشهر طويلة في أوضاع صعبة ومهينة داخل السجن، دون تمكينهم من أي إجراءات قانونية للطعن أو الدفاع عن أنفسهم، مشيرًا إلى أن هذه القاعدة أصبحت في صلب الاتهامات الموجهة للجيش الإسرائيلي بارتكاب انتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين.