ملفات وتقارير

مجلس الأمن يقترب من دعم خيار المغرب للصحراء والجزائر تلوح بالامتناع عن التصويت

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن حول الصحراء، على ضرورة انخراط الجزائر بشكل أكبر من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع الإقليمي.. الأناضول
كشفت مصادر دبلوماسية في نيويورك أن الجزائر قد تمتنع عن التصويت على مشروع القرار الأممي حول الإقليم، في حال تضمّن النص أي إشارة إلى "سيادة المغرب على الأراضي الصحراوية" دون تنظيم استفتاء لتقرير المصير كما تنص عليه قرارات الأمم المتحدة.

وأكدت المصادر ، وفق صحيفة الخبر الجزائرية، أن هذا الموقف يعكس ثبات السياسة الجزائرية الرافضة لأي تسوية لا تمر عبر "تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير"، مشددة على أن الجزائر تعتبر القضية الصحراوية "قضية تصفية استعمار" لا يمكن حسمها عبر اتفاقات سياسية ظرفية أو مقايضات دبلوماسية.

ويأتي هذا الموقف في وقت يشهد فيه الملف تحولاً ملحوظاً في موازين المواقف الدولية، إذ يتزايد التأييد لخطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل نهائي للنزاع. فقد دعمتها خلال الأشهر الماضية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وعدد من الدول الأوروبية والإفريقية، في حين شكّل الموقف الروسي الأخير الداعم للخطة المغربية مفاجأة لدوائر المراقبة، باعتبار أن موسكو كانت تاريخياً تميل إلى الحياد أو دعم حق تقرير المصير.

وبهذا الموقف الجديد، بات معظم أعضاء مجلس الأمن ـ الدائمين وغير الدائمين ـ يميلون عملياً إلى المقاربة المغربية للحل، في ما اعتبره دبلوماسيون "تحولاً نوعياً في ميزان الشرعية السياسية داخل الأمم المتحدة".

ورغم هذا التحول، تواصل الجزائر رفضها لأي قرار أممي "يشرعن سيطرة المغرب على الإقليم"، معتبرة أن ما يجري هو "محاولة غربية لإعادة تعريف النزاع بما يخدم مصالح استراتيجية واقتصادية على حساب القانون الدولي".

وتتعامل القوى الكبرى، وفي مقدمتها واشنطن وباريس ولندن، مع الملف باعتباره ركيزة للاستقرار في شمال إفريقيا وممرات الطاقة والبحر المتوسط، أكثر منه قضية تصفية استعمار.

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن حول الصحراء، على ضرورة انخراط الجزائر بشكل أكبر من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع الإقليمي. وأشاد التقرير بالإشارات الأخيرة التي بعث بها المغرب من أجل حوار مفتوح مع الجزائر، مشيراً إلى خطاب العرش في 29 تموز / يوليو 2025، حيث جدد الملك محمد السادس تأكيد استعداده لبدء حوار "صريح ومسؤول؛ حوار أخوي وصادق" مع الجزائر.

وذكر غوتيريش أن دول الجوار، وفي مقدمتها الجزائر، لها "دور حاسم ينبغي أن تضطلع به من أجل التوصل إلى حل" للنزاع، مشدداً على أن ذلك من شأنه تعزيز أمنها وآفاقها التنموية. لكنه أشار إلى أنه على الرغم من إعلانات النوايا، لم يتم تسجيل أي تحسن ملموس في العلاقات بين الجزائر والمغرب، داعياً البلدين إلى تجديد جهودهما بما يخدم التعاون الإقليمي، باعتباره شرطاً أساسياً لتحقيق سلام دائم في منطقة المغرب العربي.

وسجل التقرير كذلك رغبة المغرب في إيجاد "حل توافقي، لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف"، مؤكدًا على الدعوة إلى إعادة إطلاق المفاوضات ضمن إطار يشمل كافة الأطراف المعنية، بما فيها الجزائر.

ويأتي هذا التذكير في وقت تكثف فيه الأمم المتحدة والمنتظم الدولي جهودهم لإحياء العملية السياسية، بهدف التوصل إلى حل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم، للنزاع الذي سيبلغ عامه الخمسين الشهر المقبل.

وفي هذا السياق، حذّر الوزير والدبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي مما وصفه بـ"دبلوماسية الصفقات" التي تتزعمها واشنطن عبر مبعوثها للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مشيراً إلى أن المبادرة الجارية "ليست حلاً دبلوماسياً بريئاً، بل محاولة منسقة بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لتثبيت السيادة المغربية كعربون لتطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب"، مؤكداً أن هذه المقاربة "تكرّس روحاً استعمارية جديدة تسعى لإخضاع الجزائر سياسياً".

وأضاف رحابي أن فرنسا تحاول إعادة صياغة خطة الحكم الذاتي المغربية لتبدو شبيهة بتجربة كاليدونيا الجديدة ضمن السيادة الفرنسية، بينما تروّج بريطانيا لصيغة "الحكم الذاتي الموسع" كبديل لتقرير المصير. أما الولايات المتحدة، فيرى رحابي أنها تعمل على تثبيت الوضع القائم خدمة لمصالحها الاستراتيجية في مواجهة النفوذ الروسي والصيني المتنامي في إفريقيا ومنطقة الساحل.



من جهتها، أكدت جبهة البوليساريو، في بيان حديث، انفتاحها على استئناف المفاوضات المباشرة مع المغرب دون شروط مسبقة، شريطة أن تجري تحت رعاية الأمم المتحدة ووفق قراراتها التي تضمن حق تقرير المصير.

وشددت على أن أي تسوية لا تقوم على هذا الأساس "لن تحقق سلاماً دائماً"، مؤكدة تمسكها بالمسار السلمي رغم ما وصفته بـ"سياسات فرض الأمر الواقع بدعم من قوى كبرى".

ويأتي هذا الجدل أيضاً بعد أيام من تصريحات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، الذي أعلن أن الولايات المتحدة تسعى لإنهاء الخلاف بين المغرب والجزائر خلال شهرين، في محاولة لتثبيت الاستقرار الإقليمي وتسهيل التوافق الدولي حول ملف الصحراء الغربية، ما يضيف بعداً جديداً للضغوط الدولية على الأطراف المعنية قبل جلسة مجلس الأمن المقبلة.