في خضم مشهد سياسي واجتماعي متقلّب، في
المغرب، قرّر جيلZ، أن يسلك طريق الاحتجاج بصوت مرتفع، غير آبه بالوساطات الحزبية أو الخطاب الرسمي، فكانت النتيجة، أنّه وُصف بـ"حراك غير مسبوق يُربك الحكومة، ويعيد صياغة العلاقة بين المواطن والدولة".
ووصلت احتجاجات الشباب المغربي، إلى يومها العاشر، في عشرات المدن المغربية، من الدار البيضاء إلى الناظور، تطوان، تارودانت، فاس، سلا، العيون، كلميم، الجديدة، ورزازات، المحمدية، خريبكة، قنيطرة ومن بني ملال، إلى العيون، حيثُ رفعت شعارات قوية، من قبيل: "الصحة والتعليم حق، لا امتياز"، و""الصحة أولا، ما بغيناش (لا نريد) كأس العالم"، "ارحل يا أخنوش"، "أين وعودكم؟".
وفيما استمرّت احتجاجات الشباب، خفت صوت الأمن، حيث لم تعد لغة القمع والاعتقالات، هي سيدة المشهد، كما كان الأمر في البداية؛ ومساء أول أمس الاثنين، أعلن "
جيل Z 212"، وذلك في إشارة إلى رمز الهاتف الدولي للمغرب، عن توقيف مؤقت للاحتجاجات حتى الخميس المقبل.
وفي السياق نفسه، أكّدت الحركة عبر بيان لها: "لسنا في تراجع، بل نُعيد ترتيب الصفوف". فيما عرفت "عربي21" من مصادر خاصة، أنّ: "الشباب يعملون على إعادة ترتيب الأولويات في الوقت الحالي، وهم كذلك في تفاوض عل الخروج بأسماء شبابية لقيادة الحركة داخل كل مدينة، وكذلك يعملون على الحدّ من التدخلات الحزبية بهم، خاصة أنّ موعد الانتخابات التشريعية لم يعد بعيدا".
إلى ذلك، كانت الحركة الشبابية، قد أعلنت عن رفضها لقاء نظّمته شبيبة حزب سياسي في مدينة مراكش، معتبرة أن فيه "محاولة لسرقة النضال". كما أنّه في تصعيد وُصف بـ"اللافت" قد دعا الشباب إلى: "مقاطعة اقتصادية شملت 12 علامة تجارية تابعة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش".
وأبرز الشباب: "ندعو كل المغاربة الأحرار إلى مقاطعة منتجات شركات عزيز أخنوش، رمز الاحتكار وزواج المال بالسلطة"، مردفين: "كفى من التلميع الخارجي على حساب كرامة المواطن. قاطع وشارك صوتك".
الحكومة ترد... لكن بحذر
في مواجهة تنامي الغضب الشبابي الشعبي، خرج وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بتصريحات حاول من خلالها امتصاص الغضب، معلنا عن استعداد الحكومة لـ"مراجعة مؤشر الدعم الاجتماعي المباشر"، معترفا في الوقت نفسه بوجود "اختلالات كبيرة في نظام راميد (نظام صحّي خاص بالفئات ذات الدخل المحدود)".
من جهتها، لم تسلم المعارضة أيضًا من انتقادات "جيل Z 212" التي حمّلت الأحزاب، سواء في الحكومة أو البرلمان، مسؤولية "التقاعس"، و"التواطؤ بالصمت"، بل و"الفشل الجماعي في تمثيل مصالح المواطنين".
تجدر الإشارة إلى أنّه الخميس القادم سيكون ما يصفه المتابعين لحراك الشباب المغربي بـ"محطة حاسمة". حيث دعت الحركة إلى وقفات وطنية موحدة، قبل يوم واحد من الخطاب الملكي المرتقب في البرلمان، ما يطرح سؤالا جوهريا: "هل يتحول خطاب الملك إلى استجابة لمطالب الشارع؟".
كيف وُلد "جيل Z 212"؟
في خضم تدهور التعليم العمومي، واختناق القطاع الصحي، وارتفاع البطالة، لم يخرج هؤلاء الشباب الغاضبون والرّاغبون في الإصلاح والتغيير الإجابي، من تحت عباءة حزب سياسي أو تيار تقليدي. بل تبلورت الحركة داخل غرف نقاش افتراضية على منصّات مثل "ديسكورد" و"إنستغرام" و"تيك توك"، حيث بدأ التنسيق والاحتجاج الرمزي أولا لجيل الألفية.
كيف يفكر الجيل Z؟
البداية، من مساء أحد أيام أيلول/ سبتمبر 2025، حيث تحوّلت ساحة البرلمان في العاصمة المغربية،
الرباط، إلى نقطة اشتباك غير معلن بين جيلين: الأول يمثّل الدولة بأسلاكها الأمنية وخطابها المؤسساتي، والثاني بين الجيل زد، وهو بلا تنظيمات حزبية أو أطر نقابية، "متّصل" طوال الوقت على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه اختار النزول إلى الشارع هذه المرة.
فجأة، تحوّلت تلك "النقاشات الرقمية" إلى احتجاجات ميدانية منسّقة، اجتاحت مدن عدّة، بينها: الرباط، الدار البيضاء، طنجة، ومكناس. ويقول ياسين (23 سنة)، وهو أحد النشطاء في الحركة، في حديثه لـ"عربي21": "كنا نظن أن احتجاجات مواقع التواصل تكفي، لكن عندما رأينا آلاف المتابعين يتفقون على نفس المطالب، أدركنا أن لحظة النزول إلى الشارع قد حانت".
وعلى الرغم من الطابع السلمي للاحتجاجات، إلاّ أنّ قوات الأمن كانت قد سارعت في الأيام الأولى، إلى تفريق المظاهرات بالقوة، مع اعتقال العشرات، في مشهد وصفه المواطنين المغاربة: "ردة فعل كلاسيكية على ظاهرة غير تقليدية".
كيف وُلد "جيل Z 212"؟
في خضم تدهور التعليم العمومي، واختناق القطاع الصحي، وارتفاع البطالة، لم يخرج هؤلاء الشباب الغاضبون والرّاغبون في الإصلاح والتغيير الإجابي، من تحت عباءة حزب سياسي أو تيار تقليدي. بل تبلورت الحركة داخل غرف نقاش افتراضية على منصّات مثل "ديسكورد" و"إنستغرام" و"تيك توك"، حيث بدأ التنسيق والاحتجاج الرمزي أولا لجيل الألفية.
وفي السياق نفسه، وفجأة، تحوّلت تلك "النقاشات الرقمية" إلى احتجاجات ميدانية منسّقة، اجتاحت مدن عدّة، بينها: الرباط، الدار البيضاء، طنجة، ومكناس. ويقول ياسين (23 سنة)، وهو أحد النشطاء في الحركة، في حديثه لـ"عربي21": "كنا نظن أن احتجاجات مواقع التواصل تكفي، لكن عندما رأينا آلاف المتابعين يتفقون على نفس المطالب، أدركنا أن لحظة النزول إلى الشارع قد حانت".