صحافة دولية

اختبارٌ مُرعب.. الصين تُجرّب مُخطط هجومٍ لا مركزي

التدريبات ركزت على قوات "الدفاع الساحلي"- جيتي
نشرت صحيفة "برافدا" الروسية تقريرًا تحدثت خلاله عن تطور قدرات الدفاع الساحلي الصيني، من مناورات وتدريبات تكتيكية إلى تحديث المنظومات الصاروخية واللوجستية، ودور هذه القدرات في تعزيز الردع البحري والأمن الإقليمي في ظل التوترات الإقليمية والدولية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قوات الدفاع الساحلي الصينية أجرت مناورات واسعة النطاق في ظروف ميدانية صعبة هدفت من خلالها الى  تطوير قدرات قواتها الصاروخية وتعزيز جاهزيتها للتصدي للتهديدات البحرية المحتملة.

وتضيف الصحيفة أن قوات الدفاع الساحلي الصينية، التابعة لقيادة مسرح العمليات الشرقي في بحرية جيش التحرير الشعبي، أجرت سلسلة من المناورات القتالية نُفِّذت في تضاريس غير مألوفة، بهدف اختبار مستوى التكيّف في بيئات عملياتية معقدة ورفع الجاهزية القتالية في ظروف عالية الكثافة.

وقد شارك في التدريبات فوج صواريخ ساحلي لم يُكشف عن اسمه, والذي ركّز على الانتشار السريع وإعادة التموضع الميداني، إلى جانب تنسيق الضربات الصاروخية وتنفيذ تحركات بين الأقاليم لمسافات بعيدة قبل إجراء الرمايات القتالية الفعلية، في إطار محاكاة عملياتية تهدف إلى تحسين سرعة الاستجابة ودقة التنفيذ.   

وتمكنت أنظمة الإنذار المبكر المشاركة في المناورات من رصد الأهداف البحرية المعادية بسرعة عالية  ونقل البيانات إلى مركز القيادة في الزمن الحقيقي عبر قنوات اتصال آمنة، الأمر الذي أتاح لعدة مجموعات هجومية تنسيق مسارات هجوم مثالية خلال وقت قياسي.

ونفّذت الوحدات الصاروخية الهجومية عمليات إطلاق متزامنة استهدفت أهدافًا بحرية افتراضية، فيما ساهم اعتماد هيكل تموضع لا مركزي جديد في رفع كفاءة الضربات وتحسين دقتها.

وتُعد قوات الدفاع الساحلي التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني من الأقوى على مستوى العالم، إذ تمتلك ترسانة متقدمة من صواريخ كروز المتحركة القادرة على ضرب أهداف بحرية على مسافات بعيدة. وتعتمد معظم منصاتها على الصواريخ المضادة للسفن من طرازي "واي جيه 12"  و "واي جيه 62"، بينما تشير تقارير عسكرية إلى احتمال إدخال الصاروخ الفرط صوتي "واي جيه 20"  في النسخ المستقبلية من منصات الإطلاق، بما يعزز قدرات الردع الصيني في مواجهة التهديدات البحرية.


وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من أن أنظمة الدفاع الساحلي تُعد خيارًا أساسيًا لدى الدول التي تفتقر إلى أساطيل بحرية ضخمة مثل روسيا وفيتنام وكوريا الشمالية، فإن الصين تسير في اتجاه مغاير، إذ تستثمر بكثافة في تطوير قدراتها الساحلية بالرغم من امتلاكها أحد أضخم وأقوى الأساطيل السطحية في العالم.

ويأتي هذا النهج في ظل تطور أجيال جديدة من صواريخ كروز بعيدة المدى عالية الدقة، إلى جانب التحسينات الكبيرة في قدرات الاستطلاع والمراقبة فوق بحار الصين، ما منح أنظمة الدفاع الساحلي أهمية متزايدة في موازين القوة الإقليمية.

وبحسب الصحيفة يجعل قرب العديد من بؤر التوتر المحتملة من السواحل الصينية وفي مقدمتها مضيق تايوان والمياه المحيطة به من الدفاع الساحلي عنصرًا محوريًا في استراتيجية الأمن القومي لبكين  وركيزة أساسية في تعزيز قدرات الردع والدفاع البحري في مواجهة التحديات المتنامية في محيطها الجغرافي الحيوي. 

وشهدت مناورات قوات الدفاع الساحلي الصينية تدريبًا ميدانيًا مكثفًا على مجموعة من السيناريوهات القتالية المتقدمة، ركّزت على التعامل مع الأوضاع التي لا تحقق فيها الضربات الأولى تدميرًا كاملًا للأهداف. ففي مثل هذه الحالات، تولّت الوحدات الاحتياطية تنفيذ هجمات فورية ثانية لاستكمال عملية التدمير وضمان الحسم الميداني.

وذكرت الصحيفة أنه في أحد المشاهد التكتيكية، حاولت سفينة معادية افتراضية الفرار من منطقة الاشتباك عقب الموجة الأولى من الهجمات الصاروخية، إلا أن مركز القيادة، بعد تلقيه بيانات استطلاع محدثة في الوقت الفعلي، أصدر أوامره إلى مجموعة هجومية ثانية بتنفيذ ضربة دقيقة أنهت الهدف بشكل كامل.

واختبر الفوج الساحلي قدرات جديدة في مواجهة الطائرات المسيّرة، من خلال نظام دفاعي ثلاثي الطبقات يجمع بين التشويش الإلكتروني والاعتراض المباشر وتقنيات التمويه والإخفاء بهدف إضعاف فعالية الاستطلاع والضربات الجوية المعادية.

وفي أحد سيناريوهات التدريب، تم استخدام أهداف وهمية لخداع الطائرات المسيّرة وإرباك أنظمتها، في اختبارٍ ناجح لقدرة القوات على العمل في بيئة قتال متعددة التهديدات.

وعلى الرغم من تراجع أهمية أنظمة الدفاع الساحلي مقارنة بما كانت عليه خلال حقبة الحرب الباردة، إلا أنها تستمر في الحصول على تمويل مستمر للحفاظ على جاهزيتها القتالية، إلى جانب عمليات شراء واسعة النطاق للمعدات الحديثة.

وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن هذه الأنظمة تظل عنصرًا دفاعيًا منخفض التكلفة نسبيًا لكنه شديد الفاعلية، مما يجعلها ركيزة أساسية في استراتيجيات الردع البحري وتعزيز الأمن الإقليمي.