كتب

الشرق الممزق.. قراءة في التدخل الغربي وصراع الحضارات.. كتاب جديد

إذا كان هناك عدد هام من المسلمين عدوانيين وخطرين فالسبب ليس لأننا نحن نحتاج لِعَدُوِّ ولكن لأنهم هم بحاجة لذلك.
الكتاب: تفتيت الشرق الأوسط -تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي
الكاتب: د. جيرمي سولت،ترجمة: د. نبيل صبحي الطويل
الناشر: دار النفائس للطباعة والنشر، دمشق -سوريا- الطبعة الأولى 2011،(عدد الصفحات 456 من القطع الكبير)


هذا هو الجزء الأول من قراءة خاصة بـ"عربي21"، يقدمها الباحث التونسي توفيق المديني للكتاب الموسوعي "تفتيت الشرق الأوسط – تاريخ الاضطرابات التي يثيرها الغرب في العالم العربي" للمؤلف البريطاني جيرمي سولت، والذي ترجم إلى العربية الدكتور نبيل صبحي الطويل.

يتناول هذا الجزء خلفيات الكتاب، من العدوان الإسرائيلي على مصر وسوريا عام 1967، مرورًا بحروب الاستنزاف والاغتيالات ومحاولات فرض السيطرة على الشعب الفلسطيني، وصولًا إلى صوغ سولت لفكرة تأثير القرارات الغربية على الشرق الأوسط عبر القرنين الماضيين. كما يسلط الضوء على أساليب السيطرة المختلفة التي اعتمدتها القوى الغربية، بين الغزو المباشر والتدخل السياسي والاقتصادي، وصولًا إلى خلق اعتماد اتكالي على المعونة الخارجية، في سياق دراسة شاملة لتقنيات "تفتيت الشرق" وأبعادها الحضارية والثقافية والسياسية.

أحداث تاريخية

هناك عدَّة أحداث تاريخية قادت الكاتب والباحث جيرمي سولت لكتابة هذا الكتاب الموسوعي، منها:

أولاً ـ في عام 1967 كان الكاتب  في لندن عندما قامت "إسرائيل" بعدوانها العسكري الصاعق على مصر وسوريا، حيث تخلل الصحف البريطانية هناك روح من الطرب والتشفي، بإسقاط ناصر الديكتاتور العربي عن مكانته.

ثانيًا ـ وتبعت حرب عام 1967 حرب الاستنزاف على طول قناة السويس، وغارة الكوماندوس الإسرائيلي على مطار بيروت الدولي عام 1968، والمحاولة الفاشلة لتنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان من خلال اتفاق القاهرة عام 1969، واختطاف الطائرات والحرب الأهلية في الأردن، والهجوم على القرية الأولمبية في ميونيخ عام 1972، والنهاية المأساوية على أرض مطار ميونيخ، بعد ساعات من الهجوم حين فتح القناصة الألمان نيرانهم على الباص الذي نقل الرهائن الإسرائيليين والخاطفين الفلسطينيين إلى الطائرة التي كانت ستقلهم إلى بر الأمان بالجزائر، وغارات الطائرات الإسرائيلية على لبنان وسورية التي تبعت ذلك.

ثالثًا ـ ثم الحرب الكبرى بين العرب وإسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول عام1973،واغتيال  الكوماندوس الإسرائيلي في بيروت ثلاثة من القادة الفلسطينيين :كمال عدوان وكمال ناصر ويوسف النجار.

في التيار الرئيسي لأجهزة الإعلام الغربية غالباً ما يبدأ النقاش المعاصر عن العلاقة بين الإسلام والغرب بالسؤال الخطابي البلاغي ـ المغالي ـ: ما الخطأ الذي حدث؟ هل يُشكّلُ الإسلام خطراً على الغرب؟ لماذا يكرهوننا؟ أو مَنْ هو العَدُو؟
هذه بعض المعالم التي قادت الكاتب لاتخاذ قراره لتأليف هذا الكتاب، حيث الموضوع المركزي فيه هو الآثار والنتائج في الشرق الأوسط للقرارات المتخذة في مراكز القوى العالمية - الغربية - في القرنين الماضيين، وتقنيات السيطرة والضبط التي استعملتها الحكومات البعيدة وتتراوح هذه التقنيات بين الغزو والاحتلال والأساليب السرية الأخرى لممارسة التسلط عن طريق الاتفاقيات، والشيء الأحدث هو عن طريق خلق الاعتماد الاتكالي لتلك الدول والدويلات على المعونة الخارجية الكبيرة الحجم، وهذه الطريقة ليست نسخة متطابقة تماماً مع ما حدث في كل مكان آخر من العالم، إلا أنها مثل معقول مشابه في خطوطه العريضة، ، وتقوم هذه الحكومات فقط بما قامت به دائماً الحكومات القوية، ولكن الزعماء العرب الخائفين المحرضين المختارين جعلوا الذبح، بالتأكيد، أكثر سهولة.

وكتاب "تفتيت الشرق الأوسط" لمؤلفه الكاتب والباحث البريطاني جيرمي سولت الذي ألف بمنتهى السرعة الملحة للقارئ العادي - العام -الذي يشعر بالحاجة لمعرفة المزيد عن الشرق الأوسط أكثر مما تستطيع أو تريد أجهزة الإعلام العامة ذكره وروايته.

هذا الكتاب يتكون من مقدمة وأربعة فصول كبيرة:

لماذا يكرهوننا؟

في هذا الفصل الأول يهتم الكاتب في الغالب بكيفية ضغط الغرب من خلال باب مفتوح عام 1798(حملة نابليون بونابرت على مصر)، ويستمر في ضغطه منذ ذلك التاريخ والتشابهات عبر القرون، ومن ضمنها التبرير البلاغي للتدخل المدنية والنظام في القرن التاسع عشر؛ المدنية والحرية والديموقراطية في القرن العشرين والعمل المسرحي المزدوج الذي يميز كل عهد من محمد علي ولورد يلمرستون في الثلاثينات من القرن التاسع عشر حتى أنطوني إيدن وعبد الناصر في خمسينات القرن العشرين، وجورج دبليو بوش وصدام حسين في عام 200۳، تشير إلى حالة مرضية معينة مؤثرة في هذا الموضوع، مستندة على بنية تحتية ثقافية عن: من هم ومن نحن؟ وما نحن مؤهلين للقيام به، وكيف يجب أن يستجيبوا لذلك لكي يتحاشوا العقاب؟

1 ـ المدنية وتناقضاتها

ويعرض الكاتب المشهد على مسرح الأحداث بالنظر في أصل الحضارة وتشكيل ما سماه صموئيل هنتنغتن: حدود الإسلام الدموية. وبينما فرض المسلمون بالتأكيد حدودهم خلال الصعود العربي والعثماني، إلا أنَّ حدودهم خلال عهود الانحطاط.. فرضت عليهم، ومنذ الغزو الفرنسي لمصر عام 1798 وما بعده، كانت دماؤهم هي التي سفحت بغزارة خلال العمليات. وتتحرك الرواية من الغزو الفرنسي الثاني للجزائر عام 1830 إلى الغزو البريطاني لمصر عام 1882، والمذبحة بالرشاشات للمحاربين القبليين السودانيين في الحركة الوطنية البدائية في معركة أم درمان حيث أعلن ونستون تشرشل إشارة نصره العلم على البربرية.

في التيار الرئيسي لأجهزة الإعلام الغربية غالباً ما يبدأ النقاش المعاصر عن العلاقة بين الإسلام والغرب بالسؤال الخطابي البلاغي ـ المغالي ـ: ما الخطأ الذي حدث؟ هل يُشكّلُ الإسلام خطراً على الغرب؟ لماذا يكرهوننا؟ أو مَنْ هو العَدُو؟

كان فجر التاريخ في الشرق ولكن نضوجه كان في الأراضي المسائية للغرب، وتبع التفسخ الشرقي التجدد الغربي: وبالنسبة لأهل الغرب يبرز قدر الله وقدرته في السهول الخطبة والأنهار العريضة والأحراج الكثيفة والجبال المهيبة - الرائعة - الممتدة أمامهم.
عبر التاريخ، مثل الألوان التي تخرج عبر بلورة منشورية تتغير بتحريك البلورة، كان الغرب: خرافياً تاريخياً متخبلاً، تمدينياً، متديناً عاطفياً، علمانياً، أمبريالياً وسياسياً، وكانت أوروبا البذرة المحلية الغربية التي طَلَعَتْ منها فروع الغرب في الكرة الأرضية والخلاصة التي توصل إليها بارسون صموئيل پورشاس أن الله أمسك علوم الإبحار عن الفُرْس والمغول والعباسيين والصينيين والتتار والترك.. حتى تسطع شمس الحق والحقيقة من غربنا لتضيء الشرق.. وبالنسبة للمسيحيين الذين نزلوا على يابسة العالم الجديد، لم يكن الغرب نقيضاً للشرق بقدر ما كان خليفته الإلهية. كان فجر التاريخ في الشرق ولكن نضوجه كان في الأراضي المسائية للغرب، وتبع التفسخ الشرقي التجدد الغربي: وبالنسبة لأهل الغرب يبرز قدر الله وقدرته في السهول الخطبة والأنهار العريضة والأحراج الكثيفة والجبال المهيبة - الرائعة - الممتدة أمامهم.

وضُخمَتْ فكرة الغرب في تاريخ العالم بالجغرافيا التي خدمت النظرة الأوروبية ثم الغربية المركزية كانت أوروبا، جغرافياً، جزءاً صغيراً من كتلة أرضية واسعة تمتد حتى نصف الطريق حول العالم. لم يكن هناك قارة أوروبية منفصلة، وفعلاً لم يكن هناك نقطة انقطاع حادة أبداً بل امتزاج بطيء للطوبوغرافيات والثقافات واستعاراتها من بعضها البعض الموضحة أصلاً بالأساطير... حتى في الاسم الذي أعطي لأقصى طرفها الغربي: الكتلة الأرضية الأورو - آسيوية - Eurasia. أوروبا كانت الأميرة الفينيقية التي اختطفها زيوس وحملها معه إلى جزيرة كريت.

ولقد وصف أرنولد توينبي التناقض بين أوروبا وآسيا وهو الذي وصف الهلالين حول الاسمين بالخطأ وأن ما يُدعى بـ القارات هو تخيلات لا علاقة لها بالكيانين الجغرافيين الحقيقيين وخارطة العالم المحرفة التي رسمها جيراردوس مرکاتور عام 1569 وَسَّعت الغَرْب على حساب الشرق والشمال على حساب الجنوب. كان مركاتور عالماً يُطبق أساليب رياضية جديدة لعلم رسم الخرائط Cartography، ولكن خارطة تبدو أنها وضعت الغرب في محرق مركز العالم لم تكن بالتأكيد خارجة عن المألوف في عَصْرِ التوسع الأوروبي. والتصنيف الجغرافي والثقافي للعالم الذي تبع الاكتشافات الكبرى مانحاً حق التملك الوحيد للملك الذي مول سفن المكتشفين كان أساسياً للإمبريالية: وبدون هم هناك ليس من الممكن وجود نحن، وبدون البرابرة والمتوحشين لا حاجة هناك لدخول أراض بعيدة باسم المدنية.

يقول الكاتب جيرمي سولت: إنَّ "نشوء وتطور كلمة المدنية - Civilization - من الجذر اليوناني Civis حصل لما اكتشف البحارة والمستكشفون البرتغاليون والهولنديون والأسبان والفرنسيون والبريطانيون أراض جديدة وأقواماً كان بالإمكان تسمية بعضهم متمدنين Civilized والبعض الآخر برابرة... يمكن تمدينهم، وآخرين كانوا متوحشين ومن الصعوبة تسميتهم بالآدميين والمفكرون العقلانيون في عصر التنوير، لم يعتقدوا أو لم يستطيعوا الاعتقاد بالاختلافات الفطرية بين إنسان وآخر. غيزو - Guizot آمن بـ مدنية عالمية واحدة وبقدر إنساني مشترك. وقَدَرُ عائلات البشر المستظلين بشجرة المدنية هو أن تغطيهم أوراقها، في آخر الأمر. ومن هذه النقطة.. نتحرك إلى الأمام نحو فكرة أن العولمة في أواخر القرن العشرين ثبتت - إسمنتياً -المدنية الكونية والبديل هو فكرة وجود مدنيات متعددة: غَرْبيَّة، كونفوشيوسية، يابانية، إسلامية، هندوسية سلافية - أرثوذوكسية أميركية لاتينية، وربما أيضاً أفريقية، حسب ترتيب صموئيل هَنتِنْعْتُن، وهي معرَّضةً للصدام بسبب اختلافاتها الفطرية المتأصلة"(ص25)..

والحرب العالمية الثانية 1939-1945 تمثل انشقاقاً كبيراً آخر في صفوف الشعوب المتمدنة. في أواخر الثلاثينيات انشقت ألمانيا وإيطاليا عن العالم الغربي المصلحة مِحْوَرٍ ثلاثي الأبعاد مع اليابان الشرقي، وروسيا نصف البربرية ـ وهي الآن شيوعية في الصفقة ـ حاربت إلى جانب الديموقراطيات الليبرالية. وهذه الحرب الساخنة من أجل المدنية والقيم الحضارية تبعتها رأساً حرب باردة بين الغرب والشرق، وهذه المرة ليس الأدنى والأوسط ولا الأقصى ولكن الاتحاد السوفيتي ومذنباته أو الدول الشيوعية الأسيرة الممتدة من أوروبا الشرقية إلى الجزء الشرقي من ألمانيا، وهذا الصراع الجديد باسم المدنية والديموقراطية والحرية أرخَ البداية الحقيقية لولادة الغرب كفكرة سياسية، ولكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1989 عادت التوترات القديمة والاختلافات المغمورة داخل أوروبا وبين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية لتطفو بسرعة على السطح.

2 ـ الحضارات في الخط الأول للجبهة

يستعرض الكاتب هنا، معظم التحاليل و المواقف المعادية للإسلام ، مثل كتابات المستشرق الإسكتلندي السير وليم ميور في القرن التاسع عشر في دراسته لحياة النبي محمد ، واتَّبع هذا الخط رجال دين وسياسيون وكاتبو كراريس قاتلوا من أجل حقوق الأقليات المسيحية المعرضة لشرور الحكومات المحمدية في الإمبراطورية العثمانية. لقد رحبوا بهذا الدعم الأكاديمي لوجهة نظرهم بأن الإسلام ذاته هو سبب مشاكلهم وليست النزاعات الدنيوية على الماشية والأراضي أو التوترات الطائفية التي تُشعلها القوى الخارجية، وتوسع ميور في هذا الموضوع بكتاب ثان عن الخلافة: فيما يتعلق بالنواحي الروحية والاجتماعية والعقيدية - الدوغماتية - للإسلام، لم يكن هناك لا تقدم ولا تغيير مادي منذ القرن الثالث للهجرة، والذي وَجَدْناه في ذلك التاريخ هو ما نجده اليوم أيضاً. وقد تتقدم الشعوب في الحضارة والأخلاق والفلسفة والعلوم والفنون إلا أن الإسلام يبقى جامداً بدون حراك، وهكذا سيبقى كما أفادتنا به دروس هذا التاريخ.

وَوَصْفُ مِيُور للإسلام على أنه دين جامد لا يَتَغَيَّر معيقٌ للتقدم. يبقى كريماً بالمقارنة للقدح والذم الذي أهاله آخرون على الإسلام. وبدت النجاحات الغربية في الميادين الحربية في القرن التاسع عشر... كأنما تُثبت وجهة النظر المسيحية عن: أين هي خيارات الله الدينية وأفكار التفوق الديني والعرقي لمدنية الغرب كانت لا تزال في ذهن السياسيين الذين دفعوا شعوبهم إلى الحرب العالمية الأولى. ومواضيع العرق لا تزال مستمرة في السياسات اليوم، ولو أنها بشكل أقل جهورية وبصيغ رمزية، أضف إلى ذلك أن الدين عاد فتغلغل في الحياة العامة مرة أخرى لعديد من الدول، وكذلك أعيد موضوع المدنية أو الحضارة المركزيته في النقاش السياسي في نفس الوقت الذي يفتش فيه الزعماء والأكاديميون في الآفاق الواسعة عن تفسيرات للتوترات القائمة بين الإسلام والغرب.

من وجهة نظر لويس فإنَّ حنق المسلمين من سيطرة الغرب انتشر مرضياً متحولاً إلى كراهية عاطفية عميقةـ متغلغلة في الضلوع ـ للغرب ولكل ما يمثله كقوة عالمية، كأيديولوجية وكأسلوب حياة واتسعت هذه الكراهية لتشمل مروحة واسعة من المغربين والمُعَصْرَنين المحليين.
ورغم أن صموئيل ب هَنْتِنَعْتُن نال حصة الأسد من الانتباه، فإن برنارد لويس، المولود عام 1916، كان قد كتب في موضوع اختلاف وصراع الحضارات قبله بعقود، وفي ذروة السيطرة الأمبريالية الاستعمارية على الشرق الأوسط عام 1950، ادعى لويس إن على العرب أن يحلوا مشاكل تأقلمهم مع العالم المعاصر بقبولهم لواحد أو لآخر من النسخ المتنافسة للمدنية المعاصرة المقدمة إليهم بمزج ثقافتهم الذاتية وهويتهم بكامل المدنية المسيطرة الأوسع. وبعد عقد من هذا الرأي حول لويس أزمة الحضارات التي تواجه هذا العرض إلى صدام بين الحضارات. عندما تصطدم الحضارتان إحداهما ستتغلب والثانية ستتحطم.

قد يتحدث المثاليون والعقائديون بسلاسة ألسنتهم عن زواج بين أفضل العناصر من الجهتين ولكن النتيجة لمثل هذا اللقاء عادة هي تعايش الأسوأ. وهكذا، يحاجج لويس، يكون للحضارة المأزومة ردة فعل، أخيراً ضد تأثير القوى الأجنبية التي سيطرت عليها وحولتها. سنكون في وضع أفضل لفهم هذه الحالة إذا نظرنا للاستياء الحاضر في الشرق الأوسط ليس كصراع بين دول أو شعوب ولكن كصدام بين الحضارات.

وغابت هذه الجملة وبعد عقود ثلاثة عاد البروفسور لويس إلى الموضوع فكتب: انحن نواجه الآن مزاجاً وحركة أعلى بكثير من مستوى المواضيع والسياسات والحكومات التي تتبعها وهذه لا تقل عن صدام حضارات، ربما هي غير معقولة ولكنها بالتأكيد ردة فعل تاريخية لعدو قديم ضد إرثنا اليهودي -المسيحي، ضد حاضرنا العلماني والتوسع العالمي للاثنين معاً.

ومن وجهة نظر لويس فإنَّ حنق المسلمين من سيطرة الغرب انتشر مرضياً متحولاً إلى كراهية عاطفية عميقةـ متغلغلة في الضلوع ـ للغرب ولكل ما يمثله كقوة عالمية، كأيديولوجية وكأسلوب حياة واتسعت هذه الكراهية لتشمل مروحة واسعة من المغربين والمُعَصْرَنين المحليين. إنها كراهية عميقة بحيث قادت كل من يشعرون بها للاصْطِفَافِ مع أي عدو محتمل للغرب. ويجب البحث عن جذور هذه الكراهية في التاريخ الألفي للعلاقات بين الإسلام والمسيحية. وبمعنى، ما كانوا يكرهوننا لأجيال، ومن الطبيعي جداً أن يشعروا بذلك عندك هذا التنافس الألفي ـ من ألف سنة ـ بين دينين عالميين والآن من وجهة نظرهم، يبدو أن الدين الخطأ يربح المعركة. وإذا كان هناك عدد هام من المسلمين عدوانيين وخطرين فالسبب ليس لأننا نحن نحتاج لِعَدُوِّ ولكن لأنهم هم بحاجة لذلك.