هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
من بين الكتب التي سعت إلى تفكيك التجربة التونسية بعد 2011 بعيدًا عن الضجيج الإيديولوجي والاحتفاء الرومانسي بالثورة، يبرز كتاب عبد اللطيف الهرماسي «تونس: الثورة والمحنة» كأحد النصوص النادرة التي حاولت أن تمسك بالخيط المعقّد بين الأمل والخذلان، بين انبعاث الحلم الثوري وانكسارات الواقع.
تتناول هذه الدراسة بالنقد والتحليل ما تسميه ظاهرة الاستلاب للصهيونية والآخر، وخطابها الذي ظهر في الثقافة العربية منذ نهاية عام 2015م، مع مواكبة حملة ترشح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي صرح خلالها بأنه يجهز لصفقة القرن لحل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، ووعده بتنفيذ القرار المؤجل بنقل السفارة الأمريكية للقدس، والمقصود بخطاب الاستلاب للصهيونية للأخر، هذا الخطاب الذي ظهر في الاعلام المرئي بداية مع الأكاديمي المصري يوسف زيدان؛ مروجاً لخطاب التخلي عن مدينة القدس والمسجد الأقصى بمبررات شتى، وكأنه أحد المروجين لصفقة القرن، ليتبعه مجموعة من المثقفين والإعلاميين المصريين والعرب في الاعلام المرئي والمقروء.
تصادر دراسات علم الاجتماع على أنّ للمعازل (الغيتوهات) التي وضع فيها الأجانب ففصلتهم عن المجتمعات الغربية في عامة القرن العشرين آثارا كارثية. فقد أثرت في الأجيال الثانية والثالثة للهجرة. فخلقت لديهم شعورا بالتهميش الممنهج عسّر اندماجهم. فكان لإحساسهم بالرفض تبعات جمة تحملتها هذه المجتمعات نفسها لاحقا.
انتشار الصهيونية غير اليهودية في الأوساط الإنجلوسكسونية (فئة الواسب): وهذه الفئة هي أقوى المجموعات الإثنية المسيطرة في الولايات المتحدة، التي ينتمي إليها معظم الرؤساء الأمريكيين، وتسيطر على مفاصل الاقتصاد الأمريكي، من خلال السيطرة على الصناعات الاستراتيجية، والاحتكارات والفعاليات الاقتصادية الكبرى في الولايات المتحدة.
هل يمكن للتاريخ بأحداثه ووقائعه واتساع مدياته، من التاريخ القديم إلى التاريخ المعاصر أن ينتظمه تفسير كلي، يجمع كل وقائعه الصغيرة والكبيرة في خط واحد، أفقيا كان أم دائريا أو متموجا؟ وإذا كان بالوسع معرفيا الإقرار بهذه الإمكان، فهل السعي لتحصيل هذا المعنى الكلي من التاريخ هو وظيفة المؤرخ أم وظيفة الفيلسوف؟
الكتاب، الذي يتوزع على 424 صفحة ويضم ملخصًا تنفيذيًّا وسبعة فصول موزعة على ثلاثة أقسام واستنتاجات عامة، يقدم دراسة معمقة للوعي الأخلاقي في التراث الإسلامي، مسلطًا الضوء على التوتر المزمن بين البعد الإنساني الكوني والأفق الديني الخاص بالقرية الإسلامية.
تشهد مواقف دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) من الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي تحولات لافتة منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى، إذ كشفت الأحداث عن تباين واضح بين الاعتبارات المبدئية والدينية من جهة، والمصالح الاقتصادية والسياسية من جهة أخرى. فقد وجدت دول آسيان نفسها أمام اختبارٍ أخلاقي واستراتيجي معقّد، يوازن بين ضغوط الرأي العام، خصوصًا في الدول ذات الأغلبية المسلمة، وبين حسابات العلاقات مع القوى الكبرى و"إسرائيل". وتبرز أهمية دراسة هذا الموقف في ضوء تصاعد الحضور الآسيوي في النظام الدولي، وما يمثله من وزنٍ ديموغرافي واقتصادي متنامٍ يمكن أن يؤثر في موازين التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية، ويعيد رسم خرائط الاصطفاف في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى.
الكتاب، بما يحمله من كثافة تحليلية وتوتر سياسي، لا يندرج ضمن جنس الدراسات الأكاديمية الصرفة، بل هو أقرب إلى نص جدلي ـ فكري يستند إلى معايشة المؤلف لواقع عربي مأزوم، لا سيما التجربة العراقية التي شكّلت خلفية حاسمة لفهمه لمعنى استبداد الدولة. لكنه مع ذلك يتجاوز حدود الحالة العراقية لينفتح على فضاء عربي عام تتكرر فيه سمات بنيوية متشابهة: من مصر الناصرية إلى سوريا البعثية، ومن جمهوريات "الثورات" التي تحولت إلى ملكيات مقنّعة، وصولاً إلى التجربة التونسية التي حملت وعود الحرية ثم عادت إلى الانغلاق السلطوي مع انقلاب قيس سعيّد.
بما أنَّ الكاتب يهودي أمريكي، مخلصٌ ليهوديته وشعبه، فلا يمكن اتهامه بمعاداة السامية ومعاداة اليهود. ولذلك فهو يستطيع أن يجري نوعاً من النقد الذاتي لليهودية في بعض مراحلها، ويستطيع أن يشير إلى بعض الرواسب التي علقت بالفكر اليهودي عبر تاريخه الطويل. يقول إن هنالك من دون ريب ثروة روحية وجمالية جمة في التقاليد الحاخامية. ولكن فيها كذلك الكثير من الخَبَث والنفايات، بل إن فيها أموراً غريبة ومدمرة.
بالتوازي مع أصحاب الفكر الحر أصبح المواطن الغربي العادي، الذي كان ضحية لتسطيح الفكر وللاستلاب بفعل غسل الدماغ وهيمنة ثقافة الاستهلاك أو البريء من الحقد العنصري والحضاري، يدرك جيّدا أنّ ساسته عالقون في شرك اللوبيات الصهيونية، وأنهم يشكلون سياساتهم من منطلق مصالحهم الشخصية المرتبطة بها، لا من منطلق المصالح العليا للناخب ودافع الضرائب.
يعتبر مصطلح الثقافة من أكثر المصطلحات إثارة للجدل، ليس فقط لعموميته واتساع الدلالات التي يحملها، ولكن أيضا لأن الذين تناولوه حتى داخل الحقل المعرفي الواحد، لم ينتهوا بشأنه إلى تحديد مفاهيمي مشترك، يتواضع عليه الباحثون، بما في ذلك علماء علم الإناسة (الأنثروبولوجيا)، ذلك الحقل الذي يعتبر أكثر الحقول المعرفية انشغالا بقضية الثقافة.
تؤكد الدراسة أن إسرائيل لم تعد تكتفي بالدفاع عن حدودها فحسب، بل تسعى إلى تحويل الجنوب السوري إلى منطقة نفوذ مباشر. وتستند هذه الخطوات إلى مشروع توسعي تاريخي بدأ باحتلال الجولان في 1967، ويستند إلى أطماع صهيونية تاريخية وملكية الأراضي والروايات التوراتية المتعلقة بحوران.
منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول ٢٠٢٣، ترتكب إسرائيل فظائع إبادة جماعية في غزة. فلماذا لم تُستخدَم اتفاقية الإبادة الجماعية لمنعها؟ ولماذا أثبتت الاتفاقية عدم فعاليتها منذ إقرارها وحتى الآن؟ هذان سؤالان من الأسئلة المحورية التي يجيب عنها دان شتاينبوك في كتابه: "عقيدة المحو: منع الإبادة الجماعية، إسرائيل، غزة، والغرب"، الذي نشر في 2025 عن دار "كلاريتي برس"، أتلانتا، الولايات المتحدة.
في عالم الفكر الإسلامي المعاصر، حيث تتداخل النصوص الدينية مع تحديات العقل والتاريخ، يبرز كتاب "علم الكلام والقرآن" للدكتور عبد الحميد مومن كجهد رصين لإعادة قراءة العلاقة بين النص القرآني والعقل في بناء العقيدة. يقدم الكتاب تجربة علماء الغرب الإسلامي بين القرنين السادس والتاسع الهجريين، مستعرضًا منهجياتهم في استمداد علم الكلام من القرآن، وموضحًا كيف يمكن للخطاب العقدي أن يجمع بين ثبات النص ومرونة الفهم العقلي، بعيدًا عن الانغلاق المذهبي أو الانفصال عن المنهجية العقلية.
على المستوى الأكاديمي، يثري الكتاب النقاشات حول الذاكرة الجماعية والعدالة الانتقالية والسلطة القضائية في الأنظمة السلطوية والهجينة. يمكن للباحثين أن ينطلقوا منه لتطوير دراسات مقارنة مع تجارب أخرى (المغرب، مصر، أمريكا اللاتينية)، أو لتحليل العلاقة بين المكان والذاكرة في تاريخ المؤسسات.
لأول مرة منذ صدور اتفاقية الإبادة الجماعية واتفاقيات جنيف الأربع، فإن إبادة جماعية ذات سمات استعمارية استيطانية مميزة في غزة قدّمها مرتكبوها على أنها ملتزمة بالقانون الدولي الإنساني. فقد فككت إسرائيل الكلمات والمفاهيم الواردة في قواعد قانون النزاعات المسلحة من سياقها المعياري، وحوّلتها إلى تراخيص للقتل الجماعي والتدمير العشوائي. وأُعيد تجميع هذه المفاهيم المفككة في "قانون الإبادة الجماعية المسلحة"، المُصمَّم خصيصًا للسكان الفلسطينيين المُصنفين على أساس عرقي، مع تصوير تدميرهم المادي كليًا أو جزئيًا على أنه وسيلة "إضافية" و"مشروعة" و"ضرورية" لتحقيق أهداف الحرب المُعلنة. وبدلا من التوقف عن جرائمها الإبادية، فإنها تتهم حماس بارتكاب أعمال مروعة ترقى إلى جريمة إبادة جماعية!!