شارك رئيس
الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، في قمة شرم الشيخ للسلام، إلى جانب
عدد من الرؤساء والمسؤولين، ووقّع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وثيقة لإنهاء
الحرب بين
إسرائيل وحركة حماس في قطاع
غزة. وبهذا التوقيع، أصبحت
تركيا إحدى الدول
الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في القطاع.
وسائل إعلام
تركية وإسرائيلية، ذكرت أن أردوغان عندما كان في طريقه إلى شرم الشيخ علم أن رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحضر القمة، بعد توجيه السيسي دعوة إليه في
اللحظة الأخيرة بناء على طلب ترامب، وأبلغ أردوغان المسؤولين المصريين أن طائرته
ستعود إلى تركيا إن كان نتنياهو سيحضر شرم الشيخ، واحتج المسؤولون الأتراك لدى
الأمريكان على عدم التنسيق معهم قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة وإضافة نتنياهو إلى
قائمة المدعوين للقمة،
التوقيع الذي وضعه أردوغان مع ترامب والسيسي وآل ثاني على تلك الوثيقة في شرم الشيخ نجاح دبلوماسي، ولكنه في ذات الوقت يحمِّل تركيا مسؤولية كبيرة، ويجعلها أمام اختبار حماية سكان القطاع من انتهاكات الجيش الإسرائيلي لوقف إطلاق النار
كما احتج بعض القادة العرب أيضا على دعوة نتنياهو وقالوا إنهم
لن يحضروا شرم الشيخ إن حضر رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأمر الذي دفع نتنياهو إلى
التراجع عن الحضور.
عدم مشاركة رئيس
الوزراء الإسرائيلي في قمة شرم الشيخ، على الرغم من رغبته الشديدة في المشاركة
ودعم تلك الرغبة من قبل الرئيس الأمريكي، يشير إلى أن الدول العربية والإسلامية
تملك أوراقا يمكن أن تضغط بها على الولايات المتحدة، كما يمكن أن ترفض ما يحاول
ترامب إملاءه لتدفع الرئيس الأمريكي إلى التراجع، خاصة في حال تبنت الدول العربية
والإسلامية الوازنة موقفا موحدا. وبعبارة أخرى، لا ينبغي أن يُنظر إلى ما يقوله
ترامب ويطلبه وكأنه أمر حتمي يجب أن يتحقق.
التوقيع الذي
وضعه أردوغان مع ترامب والسيسي وآل ثاني على تلك الوثيقة في شرم الشيخ نجاح
دبلوماسي، ولكنه في ذات الوقت يحمِّل تركيا مسؤولية كبيرة، ويجعلها أمام اختبار
حماية سكان القطاع من انتهاكات الجيش الإسرائيلي لوقف إطلاق النار. ومن المتوقع أن
تقوم قوات الاحتلال بخرق الاتفاق وشن عمليات استفزازية من أجل استئناف حرب الإبادة
ومنع إعادة إعمار غزة، وبالتالي، يجب أن تستخدم أنقرة كل ما تملكه من أوراق للجم
إسرائيل وإجبارها على الالتزام ببنود الاتفاق، وإلا فيبقى كون تركيا ضامنة للاتفاق
بلا معنى.
أولويات تركيا
حاليا في قطاع غزة هي ضمان وقف الإبادة الجماعية وتضميد جراح السكان في أسرع وقت
ممكن، وأولى الأولويات بعد وقف إطلاق النار هي تدفق المساعدات الإنسانية. وأخبر
أردوغان الصحفيين في طريق عودته من شرم الشيخ بدخول 350 شاحنة إلى القطاع في
الأيام الأخيرة محملة بالمساعدات التركية. كما انطلقت أمس الثلاثاء "سفينة
البر الــ17" من ميناء مرسين التركي نحو ميناء العريش المصري، وهي تحمل 900 طن
من الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية وغيرها من المساعدات التي يحتاج إليها
سكان غزة.
الأولوية الثانية
هي إقامة مدن مؤقتة من الكونتينرات والخيام المقاومة للبرد على وجه السرعة قبل
حلول الشتاء. ومن المؤكد أن تلك المدن ستوفر لسكان غزة أماكن أفضل من الخيام
البدائية المتهالكة يعيشون فيها حتى تتم إعادة بناء بيوتهم المدمرة. وكانت تركيا
أقامت ذاك النوع من المدن خلال عدة أيام في المحافظات التي ضربتها الزلازل في شباط/
فبراير 2023،
كل تلك الخطوات والأعمال مرهونة بالتزام إسرائيل بجميع بنود الاتفاق، الأمر الذي يجعل ممارسة الضغوط على دولة الاحتلال ضرورة قصوى كيلا تتهرب من تطبيق الاتفاق أو تتلاعب بتفسير بنوده
وانتقل جميع الذين سكنوا في المدن المؤقتة إلى بيوتهم الجديدة.
وبالتالي، يمكن أن ترسل تركيا تلك الكونتينرات والخيام إلى قطاع غزة لتقيم فيه
مدنا مؤقتة مشابهة.
البلديات في
تركيا لعبت بعد الزلازل دورا مهما في توفير الخدمات، وهرعت كثير منها بإمكانياتها
إلى المناطق المنكوبة لإصلاح شبكات الكهرباء والمياه والبنى التحتية وفتح الطرق
وإزالة الأنقاض. ويمكن أن تقدم ذات البلديات خدمات في قطاع غزة بالتنسيق
والتعاون مع بلديات القطاع. وفي هذا الإطار، ذكر رئيس بلدية كوجا ألي التركية،
طاهر بويوك آكين، أنه تحدث مع رئيس بلدية غزة يحيى السراج، وأبلغه باستعدادهم
لإقامة مند مؤقتة من الكونتينرات والخيام ومستشفى ميداني وتوفير مياه الشرب وغيرها
من الخدمات.
تركيا بمؤسساتها
الحكومية، وبلدياتها، ومنظماتها المدنية، يمكن أن تقدم لقطاع غزة شيئا كثيرا
لتضميد جراح سكانه، كما يمكن أن تسهم إدارة الإسكان الجماعي التركية
"توكي" في مشاريع إعادة الإعمار لإنجازها في فترة قياسية، إلا أن كل تلك
الخطوات والأعمال مرهونة بالتزام إسرائيل بجميع بنود الاتفاق، الأمر الذي يجعل
ممارسة الضغوط على دولة الاحتلال ضرورة قصوى كيلا تتهرب من تطبيق الاتفاق أو
تتلاعب بتفسير بنوده.
x.com/ismail_yasa