قضايا وآراء

قطر بين السيادة والريادة

مبارك المطوع
إن ما يُنتظر من قطر اليوم هو ما اعتاد عليه العالم منها: ريادة لا تكتفي بالتصريحات، وإنما تنطلق إلى الفعل.
إن ما يُنتظر من قطر اليوم هو ما اعتاد عليه العالم منها: ريادة لا تكتفي بالتصريحات، وإنما تنطلق إلى الفعل.
لم يكن العدوان الإسرائيلي الأخير على دولة قطر مجرّد حدث أمني عابر أو مناورة فاشلة لاغتيال قيادات فلسطينية كانت تفاوض بوساطة قطرية، بل هو اعتداءٌ صارخ على دولة عُرفت عالميًا بجهودها في إطفاء الحرائق السياسية وتقديم جسور الحوار حيث تعجز القوى الكبرى. إن محاولة الغدر تلك لم تستهدف شخصيات فلسطينية فحسب، وإنما استهدفت الدور القطري نفسه، دور الوسيط النزيه الذي حمل على عاتقه مسؤولية البحث عن سلام عادل وحلول إنسانية لشعبٍ محاصر منذ عقود.

قطر التي وقفت وحدها يوم حاصرها القريب، ورفضت أن تركع تحت وطأة الحصار، قدّمت درسًا تاريخيًا في الثبات. لم تنكسر، بل تحولت محنتها إلى منطلق لقيادة دبلوماسية أكثر حضورًا وفاعلية، فصارت مقصداً لكل الأطراف المتنازعة التي تبحث عن صوت عاقل ومساحة حياد إيجابي. واليوم، حين تتعرض لعدوان من الاحتلال الإسرائيلي، فإن هذا الاعتداء ليس على قطر وحدها، بل على منطق العدالة والوساطة وعلى أمل الشعوب في أن يكون هناك من يجرؤ على قول “لا” في زمن المساومات.

لقد أثبتت قطر يوماً بعد يوم أنها قادرة على أن تجمع بين الصمود في وجه التحديات، وبين القدرة على القيادة في الملفات الأكثر تعقيداً. هذا الدور بات اليوم أكثر إلحاحاً، فمعاناة الشعب الفلسطيني لم تعد تحتمل مزيداً من الانتظار أو المساومات. التاريخ سيسجل أن هناك دولاً ترددت، ودولاً صمتت، لكن سيذكر أيضاً أن قطر لم تتردد في الانحياز إلى الضمير الإنساني، وأنها حولت جراح الماضي إلى قوةٍ دافعة نحو ريادةٍ يطلبها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى.
إن ما يُنتظر من قطر اليوم هو ما اعتاد عليه العالم منها: ريادة لا تكتفي بالتصريحات، وإنما تنطلق إلى الفعل. المطلوب أن تعزز دورها القيادي في الترويج للسلام وإنقاذ الشعب الفلسطيني بالتعاون مع مصر، عبر إنهاء الحصار الجائر المفروض على غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ الذين تُثقلهم الكارثة يوماً بعد يوم. فالمسألة لم تعد سياسية فحسب، بل هي إنسانية بالدرجة الأولى، تمسّ كرامة الإنسان وحقه في الحياة.

ويتزامن هذا العدوان مع جريمة أخرى، حين استهدف الاحتلال مئات الأحرار من أبناء العالم الذين كانوا في عرض البحر الأبيض المتوسط، في رحلة تضامنية شجاعة من تونس إلى غزة، سعياً لكسر الحصار. هؤلاء ليسوا فلسطينيين ولا عرباً بالضرورة، ولكنهم ينتمون إلى الضمير الإنساني الذي يأبى الظلم. الرسالة التي يبعثها استهدافهم واضحة: الاحتلال يريد أن يعاقب كل من يقف مع الحرية، أيًّا كان لونه أو دينه أو وطنه.

لقد أثبتت قطر يوماً بعد يوم أنها قادرة على أن تجمع بين الصمود في وجه التحديات، وبين القدرة على القيادة في الملفات الأكثر تعقيداً. هذا الدور بات اليوم أكثر إلحاحاً، فمعاناة الشعب الفلسطيني لم تعد تحتمل مزيداً من الانتظار أو المساومات. التاريخ سيسجل أن هناك دولاً ترددت، ودولاً صمتت، لكن سيذكر أيضاً أن قطر لم تتردد في الانحياز إلى الضمير الإنساني، وأنها حولت جراح الماضي إلى قوةٍ دافعة نحو ريادةٍ يطلبها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى.

*رئيس منصة حكماء العالم
التعليقات (0)

خبر عاجل