قضايا وآراء

تفاعلات "إسرائيل الكبرى" في مخيال نتنياهو وسلوكه

حازم عيّاد
الحرب لا يخوضها نتنياهو بموارده الذاتية وقدرات كيانه المعزول، بل حصيلة دعم خارجي أمريكي وأوروبي وصمت وتواطؤ وتخاذل دولي وإقليمي.. الأناضول
الحرب لا يخوضها نتنياهو بموارده الذاتية وقدرات كيانه المعزول، بل حصيلة دعم خارجي أمريكي وأوروبي وصمت وتواطؤ وتخاذل دولي وإقليمي.. الأناضول
موقف جديد ومتجدد لنتنياهو من صفقة وقف إطلاق النار سواء كانت جزئية ام شاملة في قطاع غزة، والجديد قوله: سنواصل السيطرة على قطاع غزة وإن وافقت حماس على اتفاق وقف إطلاق النار، أما المتجدد فهو محاولة تعطيل الصفقات والاتفاقات وإفشالها، إذ لا يرغب نتنياهو في وقف الحرب، ويدفع نحو السيطرة المطلقة على قطاع غزة وتهجير سكانه بغض النظر عن الوسطاء والاتفاقات وأطرافها.

تصريحات نتنياهو جاءت بعد تسريبات نقلها مكتبه يوم أول أمس الأربعاء تفيد بأن نتنياهو يريد اتفاقا شاملا لإطلاق سراح الأسرى رافضا بذلك الاتفاق الجزئي الذي اقترحه الوسيط الأمريكي ستيف ويتكوف تموز / يوليو الفائت، و قبلته حركة حماس بعد أن كانت تحفظت عليه سابقا إثر تعديلات أجراها نتنياهو على خرائط الانسحاب حينها.

الهروب نحو الاتفاق الشامل معضلة لا تختلف عن الجزئي بل أشد سوءا بالنسبة لنتنياهو، إذ  لا تعارضه حركة حماس بل تفضله على الصفقة الجزئية، ما دفعه لتعديل موقفه مجددا في أقل من 24 ساعة في لقائه مع قناة فوكس نيوز الأسترالية يوم أمس الخميس والذي نقلته صحيفة يديعوت أحرنوت بتأكيده الرغبة في مواصلة السيطرة على قطاع غزة بغض النظر عن موقف حركة حماس من الاتفاق، موقف يضع نتنياهو في حرج مع الوسطاء والحكومات الأوروبية التي تعد لمؤتمر نيويورك للاعتراف بالدولة الفلسطينية خصوصا تلك التي هددت الاعتراف بالدولة الفلسطينية حال واصل حربه على غزة وعلى رأسها أستراليا التي خاطب شعبها وحكومتها عبر فوكس نيوز وأنجلترا وكندا.

الحرب لا يخوضها نتنياهو بموارده الذاتية وقدرات كيانه المعزول، بل حصيلة دعم خارجي أمريكي وأوروبي وصمت وتواطؤ وتخاذل دولي وإقليمي، فالحرب لم تعد حرب نتنياهو ولم تكن كذلك، ما يجعل الأطراف المعنية بالحرب رهينة لتصورات ومعتقدات نتنياهو وحساباته فهو اليوم يبتز أصدقاءه وحلفاءه قبل أن يبتز أعداءه وخصومه.
إرباك إعلامي واضح في آداء نتنياهو كشف صعوبة الاختيار بين الاتفاق الجزئي والشامل، فكلاهما سواء وافق عليهما أو رفضهما يضعانه أمام استحقاقات سياسية داخلية وإقليمية يحاول التهرب لتداعياتها على استراتيجيته وأهدافه في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما دفعه لطرح تصور عابر للاتفاقات الجزئية والشاملة يتمسك فيه بالسيطرة على قطاع غزة وإدارته مستعينا بسياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتجويع والتهجير بشراكة وغطاء من الولايات المتحدة ودول الإقليم إن أمكن ذلك.

الهروب من الاتفاق الجزئي نحو الاتفاق الشامل، والانقلاب على الوسطاء ومحاولة فرض رؤيته لليوم التالي متجاوزا مصالح دول الإقليم والجوار والدول الأوروبية التي تعاني من حراك داخلي مناهض للحرب والإبادة يفوق في أهميته الحراك الداخلي في الكيان الإسرائيلي، يهدد برفع الكلف على الاحتلال وشركائه وحلفائه إلى جانب الدول الإقليمية دون طائل أو نتيجة حاسمة مرتقبة، فالحرب ستتواصل والاستنزاف سيستمر والمخاطر ستتعاظم في الإقليم والساحة الدولية  لتشمل سوريا ولبنان والإقليم برمته.

فالحرب لا يخوضها نتنياهو بموارده الذاتية وقدرات كيانه المعزول، بل حصيلة دعم خارجي أمريكي وأوروبي وصمت وتواطؤ وتخاذل دولي وإقليمي، فالحرب لم تعد حرب نتنياهو ولم تكن كذلك، ما يجعل الأطراف المعنية بالحرب رهينة لتصورات ومعتقدات نتنياهو وحساباته فهو اليوم يبتز أصدقاءه وحلفاءه قبل أن يبتز أعداءه وخصومه.

ختاما و في المحصلة النهائية لا أحد يعلم ما يدور في عقل نتنياهو وكيف سيحسم خياراته تجاه الصفقات والحرب علما أن عقله تتنازعه حسابات عقلانية موضوعية ورؤى روحية وعقائدية مدمرة، فالقبول بالاتفاقات بغض النظر عن صيغتها يهدد منجزاته ومنجزات يمينه الحاكم الذي يبحث عن نصر مركب على المقاومة والإقليم بما فيهم الوسطاء وصولا إلى إسرائيل الكبرى، والاستمرار في الحرب استنزاف يتجاوز حدود الجغرافيا الفلسطينية نحو الإقليم وجواره العربي والأوروبي، خيار الانحياز إليه يعني أن الأيدولوجيا والرؤية الروحية المرتبطة بإسرائيل الكبرى ناظمة لخياراته تدفعه وبالإقليم نحو استنزاف طويل يذكر بالخيارات غير العقلانية لأمريكا في كوبا وفيتنام ستينيات القرن الماضي فهل تمنع أوروبا وأمريكا  ذلك أم أنها جزء من هذه الرؤية الحمقاء المجنونة.

https://x.com/hma36
التعليقات (0)

خبر عاجل