ملفات وتقارير

زيارة الرئيس الجزائري إلى إيطاليا ترسّخ شراكة استراتيجية وتبعث برسائل سياسية

تأتي زيارة الرئيس تبون في توقيت حساس داخليًا وإقليميًا، وتحمل في طياتها رسائل سياسية موجهة إلى أكثر من طرف. (واج)
تأتي زيارة الرئيس تبون في توقيت حساس داخليًا وإقليميًا، وتحمل في طياتها رسائل سياسية موجهة إلى أكثر من طرف. (واج)
أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، سلسلة لقاءات ومباحثات رفيعة المستوى في العاصمة الإيطالية روما، توّجت بتوقيع اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم في مجالات استراتيجية أبرزها الطاقة، الأمن، الدفاع، الاستثمار، والصيد البحري.

وتأتي هذه الزيارة ضمن الدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية ـ الإيطالية، وسط ترحيب لافت من الجانب الإيطالي وإشادة علنية بما وصفته روما بـ"قوة ومتانة غير مسبوقة" للعلاقات مع الجزائر.

توقيت لافت ورسائل متعددة

تأتي زيارة الرئيس تبون في توقيت حساس داخليًا وإقليميًا، وتحمل في طياتها رسائل سياسية موجهة إلى أكثر من طرف. فعلى الصعيد الداخلي، تمثل الزيارة عرضًا للإنجازات الدبلوماسية والاقتصادية في وقت تتصاعد فيه الانتقادات السياسية والمعيشية في الداخل الجزائري، مما يمنح الحكومة فرصة لتأكيد نجاح مقاربتها الخارجية في دعم التنمية الوطنية وتنويع الشراكات.

أما خارجيًا، فإن توقيت الزيارة يُقرأ على نطاق واسع كرسالة واضحة إلى فرنسا، التي تمر علاقتها مع الجزائر بأزمة حادة منذ صيف 2024، إذ تأتي الزيارة إلى روما لتكرّس توجه الجزائر نحو إعادة توازن علاقاتها الأوروبية، مع إعطاء الأولوية لدول تتبنى خطابًا براغماتيًا وتعاملاً نديًا، وهو ما مثّله الحضور الإيطالي القوي في ملفات الطاقة والاستثمار منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.

اتفاقات ومواقف سياسية

الزيارة شهدت توقيع اتفاقيات تشمل: بروتوكول تفاهم بين سوناطراك و"إيني" الإيطالية في مجال الطاقة، مذكرات تفاهم في قطاعات الزراعة والاتصالات والإنقاذ البحري وحقوق ذوي الهمم، اتفاقية تعاون في مكافحة الإرهاب، إعلان مشترك في مجال الدفاع، واتفاق بشأن الاعتراف المتبادل برخص السياقة.

وخلال ندوة صحفية مشتركة، قال الرئيس تبون إن زيارته "تشكل محطة بارزة في سياق العمل والتنسيق المتواصل لتعزيز وتوسيع الشراكة بين البلدين الصديقين"، مؤكدا أن ما تم إنجازه "يفتح آفاقا استراتيجية ونموذجية تعكس عمق العلاقات التاريخية وروابط الصداقة المتجذرة". من جهتها، وصفت رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي، جورجيا ميلوني، الرئيس تبون بأنه "كفاءة كبيرة"، معتبرة الجزائر "شريكًا أساسيا لضمان الأمن الطاقوي الأوروبي"، ومشيدة بما أسمته "الحركية الإيجابية التي تشهدها العلاقات الثنائية".

لقاء مع البابا وزخم دبلوماسي

وفي اليوم الثاني، انتقل الرئيس تبون إلى دولة الفاتيكان، حيث التقى قداسة البابا ليون الرابع عشر، في زيارة ذات بعد إنساني وروحي، تعكس رغبة الجزائر في تنويع أوجه انفتاحها الدبلوماسي. كما أُجريت محادثات ثنائية مع الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، توسعت لاحقًا لتشمل وفدي البلدين.

تظهر الزيارة الإيطالية للرئيس تبون كمؤشر على تحوّل محسوب في التوجه الدبلوماسي الجزائري نحو شراكات أكثر تنوعًا وتوازنًا، خاصة مع دول جنوب أوروبا. وفي وقت تتراجع فيه العلاقات مع باريس إلى أدنى مستوياتها، تمثل روما اليوم بوابة استراتيجية جديدة للجزائر نحو أوروبا، ليس فقط كممر للطاقة، بل كشريك اقتصادي وسياسي في ملفات إقليمية حساسة، بدءًا من الساحل والصحراء وصولاً إلى الهجرة والأمن المتوسطي.

اظهار أخبار متعلقة


التعليقات (0)

خبر عاجل