إيران تصعّد والغرب يحذر بعد اعتماد قرار وقف التفتيش الدولي للمحطات النووية
لندن- عربي2128-Jun-2512:09 PM
0
شارك
أوروبا وروسيا ترفضان قرار إيران تعليق التعاون النووي وتدعوان للحوار- جيتي
دخلت إيران مرحلة جديدة من التصعيد السياسي والدبلوماسي مع الغرب، بعد حرب دامت 12 يوماً بدأها الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية ضد طهران وانتهت بهدنة غير معلنة البنود.
وبينما أبدت الولايات المتحدة تفاؤلاً حذراً بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران، بادرت الأخيرة بإجراءات معاكسة، كان أبرزها قرار البرلمان تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في خطوة أثارت قلقاً دولياً وردود فعل غاضبة من العواصم الغربية.
قانون تعليق التعاون مع الوكالة في خطوة مفاجئة، أعلن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني، هادي طحان نظيف، أن المجلس صادق على مشروع قانون أقرّه البرلمان الإيراني يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، أن القانون بات ساري المفعول، مشيراً إلى أن استمرار التعاون مع الوكالة أصبح "غير ممكن" قبل ضمان أمن المنشآت النووية.
وفي منشور له على منصة "إكس"، اتهم قاليباف الوكالة الدولية بأنها "أداة تنفيذية للكيان الصهيوني"، في تصعيد لفظي يعكس عمق التوتر المتزايد بين طهران والوكالة الأممية بعد الضربات الأمريكية الإسرائيلية على منشآت إيران النووية.
امروز و درپی تأیید شورای نگهبان، قانون تعلیق همکاری با آژانس بینالمللی انرژی اتمی ابلاغ شد.
ادامهٔ همکاری با آژانس که با زمینهسازی جنگ و تجاوز بعنوان حافظ منافع ضدبشری و کارپرداز رژیم نامشروع صهیونیستی ایفای نقش میکند، تا حصول اطمینان از تامین امنیت مراکز هستهای ما ممکن نیست. pic.twitter.com/QdBJXRovxC
في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية، شدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، على أن أي حل عسكري لن يكون كفيلاً بإنهاء البرنامج النووي الإيراني.
وأشار إلى أن طهران قد تكون نقلت جزءاً من مخزونها من اليورانيوم قبل الهجمات الأخيرة، مؤكداً أن الوكالة لا تملك معلومات دقيقة عن مكان المخزون المخصب حالياً.
وقال غروسي: "إيران تملك بنية تحتية نووية متقدمة ولا يمكن محو هذه المعرفة بالقصف العسكري"، مشدداً على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات.
اتهامات متبادلة وتصعيد إعلامي في المقابل، ردت طهران بغضب على تصريحات غروسي. وهاجم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، المدير العام للوكالة الدولية، واصفاً إصراره على تفتيش المواقع التي استهدفتها الضربات الأمريكية بأنه "ينمّ عن خبث نية".
وقال عراقجي إن إيران فقدت الثقة بالمعايير المزدوجة التي تتعامل بها الوكالة، متّهماً إياها بـ"التواطؤ في التحريض على العدوان".
The Parliament of Iran has voted for a halt to collaboration with the IAEA until the safety and security of our nuclear activities can be guaranteed.
This is a direct result of @rafaelmgrossi's regrettable role in obfuscating the fact that the Agency—a full decade ago—already…
وفي تصريح آخر، ذهب نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية، كاظم غريب أبادي، إلى أبعد من ذلك، قائلاً إن الوكالة "تحولت إلى أداة بيد إسرائيل والغرب"، محمّلاً غروسي مسؤولية مباشرة في تصوير البرنامج النووي الإيراني كخطر يبرر العدوان عليه.
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية على لسان المتحدث باسمها، إسماعيل بقائي، أن القانون الجديد الذي علّق التعاون مع الوكالة "يمثل إرادة الشعب الإيراني"، وأنه "رد صريح على الاعتداءات غير القانونية التي استهدفت البلاد".
ورغم نفي الوكالة الدولية تلقيها أي إخطار رسمي بشأن القانون، شدد عضو هيئة رئاسة البرلمان، علي رضا سليمي، على أن دخول مفتشي الوكالة إلى البلاد سيكون مشروطاً بضمان أمن المنشآت النووية وبموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
اظهار أخبار متعلقة
الدول الغربية ترد: قرارات إيران "تصعيد خطير" لم يتأخر الرد الدولي على القرار الإيراني. إذ حذرت موسكو، التي تُعد من حلفاء طهران في ملفات عدة، من تعليق التعاون مع الوكالة الدولية.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن "استمرار هذا التعاون ضروري لضمان مصداقية تصريحات إيران بشأن نيتها عدم تطوير أسلحة نووية".
أما وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول٬ فاعتبر الخطوة "إشارة سلبية للغاية"، داعياً طهران إلى "عدم المضي قدماً في هذا المسار".
في حين شددت باريس على ضرورة "العودة إلى مسار الحوار من دون تأخير"، مشيرة إلى أن التعاون مع الوكالة هو السبيل الوحيد لإيجاد حل يمكن التحقق منه ودائم للأزمة النووية الإيرانية.
وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة "فرانس 2"، أكد رافائيل غروسي أن "التعاون مع الوكالة ليس تفضلاً من إيران، بل التزام قانوني بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)". وأضاف أن الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية "تخالف القانون الدولي"، مشدداً على ضرورة العودة إلى الحوار.
وتزامنت تصريحات غروسي مع لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، حيث أعرب الأخير عن دعم بلاده الكامل للوكالة في مهامها المتعلقة بالأمن النووي، مطالباً بتمكين المفتشين من العودة إلى إيران فوراً.
مستقبل التفاوض "غامض" مع تعمّق الهوة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتصاعد الانتقادات المتبادلة، تبدو خيارات طهران في المرحلة المقبلة منحصرة بين التصعيد لإنتاج قدرات ردع حقيقية، أو العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط جديدة.
وفي ظل الخسائر الهائلة التي مُنيت بها الأطراف كافة خلال الحرب الأخيرة، فإن احتمال استئناف مسار دبلوماسي لا يزال قائماً، لكنه يحتاج إلى ضمانات أمنية واقتصادية حقيقية من المجتمع الدولي، وإلى إعادة تعريف العلاقة بين إيران والوكالة الدولية على أسس جديدة تتجاوز المراوغة والضغوط المتبادلة.
محطات تاريخية بين إيران والوكالة الذرية تعود العلاقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عام 1974، عندما وقّعت إيران على معاهدة عدم الانتشار. ومنذ ذلك الوقت، مرّت العلاقة بمراحل متقلبة:
(1974 – 2002): تميزت بالتعاون، حيث دعمت الولايات المتحدة وألمانيا الغربية البرنامج النووي الإيراني في عهد الشاه، قبل أن يتجمّد مؤقتاً عقب الثورة الإسلامية ويُستأنف لاحقاً بدعم روسي.
(2002 – 2006): بدأت الشكوك تحيط بالبرنامج بعد كشف منشآت سرية في نطنز وأراك. ووافقت إيران مؤقتاً على البروتوكول الإضافي، لكنها واجهت اتهامات بإخفاء أنشطة تخصيب.
(2006 – 2015): شهدت توتراً كبيراً بعد إحالة الملف إلى مجلس الأمن وفرض عقوبات قاسية على طهران التي رفضت وقف تخصيب اليورانيوم.
(2015 – 2018): تم التوصل إلى الاتفاق النووي (JCPOA) الذي قلص البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات، تحت إشراف صارم من الوكالة التي أكدت التزام إيران حتى 2018.
(2018 – 2021): انسحبت واشنطن من الاتفاق في عهد ترامب، وردت إيران بتقليص التزاماتها تدريجياً، بينما أعربت الوكالة عن قلقها من اكتشاف مواد نووية في مواقع غير معلنة.
(2021 – 2024): تعثّرت جهود إحياء الاتفاق مع إدارة بايدن، وسط تصاعد الأنشطة الإيرانية التي شملت تخصيباً بنسبة 60%، وامتلاك مخزونات كبيرة من اليورانيوم المخصب.
اظهار أخبار متعلقة
العدوان الثنائي على إيران في 13 حزيران/ يونيو الجاري، شن الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي مباشر، هجوماً شاملاً على إيران استمر 12 يوماً، استهدف مواقع عسكرية ونووية، ومقار حكومية، إلى جانب اغتيال عدد من العلماء والقادة العسكريين البارزين.
وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية أن الهجوم أسفر عن مقتل 606 أشخاص وإصابة أكثر من 5 الاف و300 آخرين، بينما ردّت إيران بقصف صاروخي كثيف طاول مواقع عسكرية واستخبارية إسرائيلية.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بمقتل 29 شخصاً وإصابة أكثر من 3 الاف و300 شخص، وسط انهيار جزئي في منظومات الدفاع الجوية الإسرائيلية.
واستهدفت واشنطن بشكل مباشر عدد من المنشآت النووية الإيرانية، مدعية "تدمير البرنامج النووي بالكامل". لكن إيران سارعت للرد، وقصفت قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر، ما عجّل بوقف إطلاق النار في 24 حزيران/ يونيو الجاري بوساطة أمريكية.