سياسة عربية

مصر توضح تفاصيل اتفاق الغاز مع الاحتلال: "لن يؤثر على موقفنا من التهجير"

مدبولي يبرر تمديد اتفاق استيراد الغاز من الاحتلال حتى 2040: لن يؤثر على موقف مصر الداعم لفلسطين - جيتي
أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، أن الاتفاق الأخير مع شركة "نيو ميد إنرجي" الإسرائيلية، الشريك في حقل "ليفياثان" للغاز الطبيعي، ليس صفقة جديدة وإنما تمديد للاتفاقية الموقعة عام 2019 حتى عام 2040، مؤكداً أن الخطوة لن تمس الموقف المصري "الثابت والداعم" للقضية الفلسطينية.

جاء تصريح مدبولي خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي لمجلس الوزراء، في أول تعليق رسمي على ما كشفه الإعلام العبري ووزير الطاقة الإسرائيلي الأسبوع الماضي، بشأن توقيع القاهرة اتفاقاً جديداً بقيمة 35 مليار دولار لاستيراد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي.

وقال مدبولي إن "هناك جدلاً واسعاً حول ما تم الإعلان عنه بشأن تمديد الاتفاق مع شركة نيو ميد إنرجي، الشريك في حقل ليفياثان، وهو اتفاق قائم بالفعل منذ 2019"، موضحاً أن "كل ما جرى هو تمديد مدة الاتفاق إلى عام 2040، مع إدخال الزيادة المتوقعة في إنتاج الحقل إلى منظومة الغاز في مصر".

وأضاف أن مصر تسعى إلى ترسيخ مكانتها "مركزاً إقليمياً للطاقة" في المنطقة، وهو ما يتطلب ليس فقط إنتاج الغاز محلياً، بل أيضاً استيراده وتداوله وإعادة تصديره، مشيراً إلى امتلاك البلاد بنية تحتية متطورة تشمل محطتي إسالة في إدكو ودمياط، "لا تتوافر لدول أخرى في المنطقة".

وشدد رئيس الوزراء على أن هذه الخطوة "جزء من رؤية اقتصادية أشمل"، نافياً ما يردده البعض حول تأثيرها على الموقف السياسي لمصر تجاه القضية الفلسطينية، أو أن تكون وسيلة ضغط على القاهرة، مؤكداً أن الاتفاقية قائمة منذ سنوات، ومصر تشهد منذ عامين حرباً إسرائيلية على غزة "لم تغير من موقفنا الثابت الرافض لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم".

شدد مدبولي على أن التعاون الاقتصادي في مجال الطاقة لا يعني تغييراً في ثوابت السياسة المصرية، قائلاً: "موقفنا من القضية الفلسطينية ثابت وراسخ، ولن يتأثر بأي اتفاقيات اقتصادية". 

وأكد أن القاهرة ترفض "كل محاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم أو تصفية قضيتهم"، وأن هذا الرفض قائم منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة قبل نحو عامين.

أكبر صفقة غاز في تاريخ الاحتلال
وصفت الصحافة العبرية، وفي مقدمتها صحيفة "معاريف"، الاتفاق بأنه "الأكبر في تاريخ إسرائيل"، مشيرة إلى أن قيمته تصل إلى 35 مليار دولار بحلول عام 2040، وأنه يوسع اتفاقية التصدير الموقعة عام 2019، والتي كانت تنص على توريد 60 مليار متر مكعب من الغاز، ليصل حجم التوريد الآن إلى نحو 130 مليار متر مكعب.

ويهدف الاتفاق الجديد إلى استغلال أكبر لاحتياطات حقل "ليفياثان"، الذي يحتوي على نحو 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. 

ووفق الصحيفة، فإن الغاز الإسرائيلي يُنقل إلى مصر عبر خط أنابيب بحري يربط حقلي "ليفياثان" و"تمار" بمحطة استقبال في شمال سيناء، حيث يُستخدم جزء منه لتغطية الطلب المحلي، فيما يُعاد تصدير كميات أخرى على شكل غاز مسال عبر محطتي إدكو ودمياط إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.

واعتبر وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الاتفاق "خبراً ساراً للاقتصاد الإسرائيلي"، مؤكداً أنه "سيُدر مليارات الدولارات على خزينة الدولة، ويخلق فرص عمل، ويعزز مكانة إسرائيل قوةً إقليميةً في مجال الطاقة". من جانبه، وصف الرئيس التنفيذي لشركة "نيوميد" الإسرائيلية، يوسي أبو، الصفقة بأنها "منجم أموال للإسرائيليين"، مشيراً إلى أن مصر ستدفع 35 مليار دولار على مدار 14 عاماً مقابل الغاز، وأن جزءاً كبيراً من هذه العوائد سيذهب مباشرة لخزينة الدولة الإسرائيلية على شكل رسوم وضرائب.


تراجع الإنتاج المحلي
تأتي هذه الخطوة في ظل تراجع إنتاج الغاز المصري خلال السنوات الأخيرة. وتشير بيانات مبادرة "جودي" (بيانات المنظمات المشتركة) إلى أن إنتاج مصر من الغاز بلغ في أيار/مايو الماضي 3545 مليون متر مكعب، مقارنة بـ6133 مليون متر مكعب في آذار/مارس 2021، بانخفاض تجاوز 42% خلال أقل من خمس سنوات.

وبحسب تقديرات رسمية، تشكل واردات غاز الاحتلال الإسرائيلي حالياً ما بين 15% و20% من إجمالي الاستهلاك في مصر. وكان سعر المليون وحدة حرارية من غاز الاحتلال يبلغ نحو 6.70 دولارات، لكن الاحتلال طلبت مؤخراً زيادة بنسبة 25%.

تنص الصفقة الجديدة على مضاعفة الكميات المستوردة من نحو 850 مليون قدم مكعبة يومياً إلى 1.7 مليار قدم مكعبة، ما يعكس اعتماداً متزايداً على الغاز الإسرائيلي لتلبية احتياجات السوق المحلي وتعزيز الصادرات المصرية من الغاز المسال، خاصة في ظل الطلب الأوروبي المرتفع على الطاقة بعد أزمة أوكرانيا.

تعاون الاقتصادي رغم الإبادة
يذكر أن مصر كررت في أكثر من مناسبة رفضها استقبال أي لاجئين فلسطينيين من غزة، معتبرة أن ذلك "سيخدم المخططات الإسرائيلية لتفريغ القطاع من سكانه"، وتواصل الدعوة لوقف إطلاق النار وفتح المجال أمام حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

تجمع الصفقة بين بعدين متناقضين٬ بعد اقتصادي يسعى لتعزيز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة، وبعد سياسي يؤكد على استمرار الدعم المصري لفلسطين، رغم كون الطرف الآخر في الاتفاقية هو الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل حربه على قطاع غزة.

ويذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يحتل ويسرق المواد النفطية والثروات الفلسطينية ويقوم ببيعها٬ رغم تحذيرات المنظمات الدولية بعدم التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل كان.