أعلن رئيس وزراء
الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، الخميس، أن حكومته تعتزم السيطرة الكاملة على قطاع
غزة، قبل أن تقوم – بحسب زعمه – بتسليمه إلى "حكم مدني" تقوده
قوات عربية لا تهدد "أمن إسرائيل"، ما فُهم على نطاق واسع كمحاولة لفرض وصاية إقليمية بديلة في القطاع بعد إخراج حركة حماس منه.
وفي مقابلة مع شبكة "
فوكس نيوز" الأمريكية، قال نتنياهو: "نريد أن نسيطر على غزة لضمان أمننا، ثم نسلمها لقوات عربية لا تشكل تهديدا"، مضيفا: "لا نسعى لاحتلال القطاع إلى الأبد، بل نريد أن تكون هناك سلطة مدنية لا يقودها حماس أو أي جهة تسعى لتدمير إسرائيل"، من دون توضيح الجهات المعنية بهذا "الحكم المدني".
وكان نتنياهو قد أشار في مقابلته إلى أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقدم كل الدعم لإسرائيل لإنهاء الحرب بأسرع وقت"، مضيفاً أن "جزءاً كبيراً من المظاهرات ضدي في إسرائيل ممول من الخارج".
ويأتي تصريح نتنياهو في وقت تشهد فيه الحكومة الإسرائيلية انقساما حادا حول مستقبل القطاع، وذلك قبل ساعات من انعقاد المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، لبحث الخطط العسكرية للمرحلة القادمة من الحرب، التي دخلت شهرها الحادي عشر.
خلاف مع المؤسسة العسكرية
وقوبلت تصريحات نتنياهو برفض واضح من المؤسسة العسكرية، حيث حذر رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، من خطورة التوجه نحو احتلال غزة بالكامل، واصفاً إياه بـ"الفخ الاستراتيجي".
وأكد زامير في تصريحات نُشرت أمس الأربعاء، أن تنفيذ هذه الخطة "سيؤدي إلى إنهاك الجيش لسنوات طويلة، ويعرض حياة الأسرى الإسرائيليين في القطاع للخطر"، مشدداً على أن الحل الأفضل يتمثل في "تطويق القطاع عسكرياً والضغط على حماس لإطلاق الأسرى"، بدلاً من إعادة اجتياحه برياً.
ويبدو أن الخلاف بين نتنياهو وقيادة الجيش يدور أساساً حول الأولويات السياسية والعسكرية، إذ يركز رئيس الوزراء على طموحات تتعلق بـ"الردع والسيطرة"، بينما ترى المؤسسة العسكرية أن الاحتلال المباشر سيُعيد الاحتلال إلى سيناريو الاستنزاف الذي عانت منه سابقاً.
ملف الأسرى والضغوط الداخلية
وبحسب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن خطة السيطرة الكاملة على غزة تشمل مناطق يُعتقد بوجود قرابة 50 أسيراً إسرائيلياً فيها، بينهم نحو 20 ما زالوا أحياء، بحسب تقديرات رسمية.
في المقابل، يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 10 آلاف و800 أسير فلسطيني، يعانون من أوضاع مأساوية تشمل التعذيب والإهمال الطبي، مما أدى إلى استشهاد عدد منهم، بحسب تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد انسحب في 24 تموز/يوليو الماضي من جولة مفاوضات غير مباشرة مع حركة حماس في الدوحة، بعدما رفضت مطالب تتعلق بانسحابها الكامل من القطاع، وإنهاء الحرب، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، بالإضافة إلى وضع آلية واضحة لتوزيع المساعدات.
تراجع في الدعم الشعبي لحكومة نتنياهو
في السياق ذاته، كشف استطلاع رأي أجراه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن 52 بالمئة من الإسرائيليين يحملون الحكومة مسؤولية كاملة أو جزئية عن فشل التوصل إلى اتفاق مع حماس بشأن تبادل الأسرى.
كما تشير تحليلات إسرائيلية إلى أن الموقف الشعبي من خطة إعادة احتلال غزة يتسم بالحذر، وسط مخاوف من التورط في مستنقع طويل المدى، يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل انسحاب الاحتلال عام 2005، بعد احتلال دام 38 عاماً.
ويشن الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عدواناً دموياً على قطاع غزة، خلف أكثر من 61 ألف و258 شهيداً فلسطينياً، إضافة إلى 152 ألف و45 جريحاً، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
كما لا يزال أكثر من 9 آلاف شخص في عداد المفقودين، في وقت تعاني فيه مناطق واسعة من مجاعة حادة، خصوصاً شمال القطاع.
ورغم صدور قرارات من محكمة العدل الدولية تطالب تل أبيب بوقف عدوانها فوراً، تواصل حكومة الاحتلال تجاهلها، وسط دعم أمريكي سياسي وعسكري واسع.