أثار اهتمام وسائل إعلام دولة الاحتلال
الإسرائيلي بالتطورات الأخيرة في
اليمن المتمثلة بتوسيع الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من دولة
الإمارات نحو محافظتي
حضرموت والمهرة، شرقي البلاد، أسئلة عدة حول البعد الإسرائيلي في خضم هذه الأحداث العاصفة.
ولم يخفي
المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى لانفصال جنوب اليمن عن شماله، بدعم من حكومة أبوظبي، في السنوات الماضية رغبته في إقامة علاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والانضمام إلى "الاتفاقية الإبراهيمية"، حال تمكنه من تحقيق الانفصال وإقامة دولة في الجنوب اليمني.
وفي كانون أول/ ديسمبر 2023، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن الزبيدي، قوله: إذا اعترفت إسرائيل بحق تقرير مصير جنوب اليمن، فسيجدون حليفا ميدانيا ضد التهديد الحوثي.
اظهار أخبار متعلقة
تقاطع مصالح
فيما نقلت إذاعة "كان" الإسرائيلية، عن مصدر في المجلس الانفصالي، لم تسمه، إن هناك تقاطع مصالح بين المجلس الجنوبي وإسرائيل، في إطار دعم محتمل لإقامة دولة في جنوب اليمن تكون عدن عاصمتها.
وأضاف المصدر للإذاعة الإسرائيلية أن أي دعم إسرائيلي محتمل من شأنه تعزيز الأجندة المشتركة للطرفين، والتي تتمثل في حماية الممرات الملاحية الدولية في خليج عدن ومضيق باب المندب، إضافة إلى مكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، والتصدي لما وصفه بـ"إرهاب جماعة الإخوان المسلمين المتعاونة معهم".
وبحسب المصدر فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للحصول على دعم إسرائيلي في عدة مجالات، أبرزها تطوير القطاعات العسكرية والأمنية والاقتصادية، بما يخدم مشروع الدولة الجديدة التي يطمح إلى إقامتها.
وذكرت إذاعة "كان" أن المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات يعمل على كسب دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يسعى إلى توسيع نطاق "اتفاقيات أبراهام" وضم دول جديدة إليها، مشيرة إلى أن هناك وعودًا بالاعتراف بإسرائيل في حال إعلان استقلال جنوب اليمن.
توظيف السيطرة
وفي السياق، يرى الصحفي والكاتب اليمني، مأرب الورد إن التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي والمتمثلة السيطرة على محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، يمكنها قراءتها في سياق بعدٍ إقليمي أوسع، يفتح الباب أمام احتمالين رئيسيين، أحدهما يرتبط مباشرة بإسرائيل.
وقال الورد في حديث خاص لـ"عربي21" إن المجلس الانتقالي ينطلق من مشروعه السياسي القائم على استعادة دولة الجنوب السابقة، وهو مشروع لا يمكن أن يكتمل من وجهة نظره دون حضرموت والمهرة، باعتبارهما جزءا أساسيا من الجغرافيا التي شكّلت دولة الجنوب قبل وحدة شطري اليمن.
وأشار إلى أن السيطرة على هاتين المحافظتين تمنحه القدرة على فرض أمر واقع سياسي وجغرافي، مستغلًا التحولات الإقليمية والدولية الراهنة لإعادة إحياء مشروعه الانفصالي وتسويقه خارجيًا.
ومن غير المعروف ما إذا كان هناك تواصل بين الانتقالي وإسرائيل قبل القيام بهذه التحركات، كما أردف المتحدث ذاته.
فيما يبرز الاحتمال الثاني وفقا للصحفي الورد، والذي اعتبره "أشد خطورة"، من خلال محاولة المجلس الانتقالي توظيف هذه السيطرة في إطار تقديم نفسه طرفا مستعدا للتطبيع مع إسرائيل.
وقال: فإحكام النفوذ على حضرموت والمهرة، وما يرافقه من حضور في خليج عدن، والاقتراب من مضيق باب المندب، إضافة إلى جزيرة سقطرى ذات الموقع الاستراتيجي، يمنح المجلس أوراق إغراء جيوسياسية قد تجذب صانع القرار الإسرائيلي، خاصة في ما يتعلق بإقامة موطئ قدم أو قواعد مستقبلية في واحدة من أهم المناطق البحرية في العالم".
وأوضح أنه يمكن فهم التقارير التي تحدثت عن لقاءات بين وفود من المجلس الانتقالي ومسؤولين إسرائيليين، وإعادة إحياء خطاب التطبيع داخل أوساطه، على أنه محاولة لبعث رسالة مفادها أن المجلس "قطع الخطوة الأولى" من جانبه، وينتظر مقابلا سياسيا يتمثل في دعم دولي أو اعتراف بدولة جنوبية محتملة، أو إدماجه ضمن ما يُعرف بـ"الاتفاقيات الإبراهيمية"، التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
غير أن الكاتب اليمني أكد على أن هذا الرهان يواجه تعقيدات كبيرة منها أن إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، تدرك أن أي كيان جديد لا يمكن أن يحظى باعتراف دولي من طرف واحد، في ظل وجود حكومة يمنية معترف بها دوليا، وتعقيدات مرتبطة بالشمال اليمني، فضلا عن العامل الأهم المتمثل في موقف المملكة العربية السعودية.
اظهار أخبار متعلقة
وقال إن اليمن يقع ضمن نطاق الأمن القومي السعودي، وأي وجود إسرائيلي – مهما كان شكله – على حدوده الجنوبية أو في محيطه البحري يُعد مسألة شديدة الحساسية.
واستشهد الصحفي اليمني بما عبر عنه الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السابق للسعودية، من موقف بشأن إسرائيل، وقال إن الفيصل اعتبر أن إسرائيل تمثل أحد أكبر مهددات الأمن والاستقلال في الشرق الأوسط.
وتابع بأن استمرار السعودية في رفض مشاريع الانفصال يجعل من الصعب على المجلس الانتقالي المضي في هذا المسار، كما يفرض على إسرائيل حسابات دقيقة قبل التفكير في أي دعم مباشر أو غير مباشر.
ولفت الصحفي والكاتب اليمني إلى أن محاولات المجلس الانتقالي ربط مشروعه الانفصالي بورقة التطبيع مع إسرائيل، وإن بدت مغرية في الحسابات النظرية، تظل محفوفة بالمخاطر، ومعقدة التنفيذ، وقد تصطدم بعوامل إقليمية ودولية تتجاوز قدرته على التحكم بها.
اظهار أخبار متعلقة
ارتماء وهرولة
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن المجلس الانتقالي يبدو مهرولاً بشكل لا سابق له نحو الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني، معتقداً أن فعل كهذا سيوفر له المفتاح السحري لدخول نادي الدول المستقلة الجديدة.
وأضاف التميمي في منشور له عبر "فيسبوك" أن توالي التصريحات حول لقاءات بين الانتقالي ومسؤولين من هذا الكيان، وتصريحات لقيادات في الانتقالي تدعو صراحة إلى إقامة علاقات معه للتسريع في تحقيق هدف الانفصال، يشير إلى "طبيعة البذرة الخبيثة السرطانية التي زرعتها أبوظبي في بلدنا".
وأكد على أن الانتقالي صنيعة خارجية ويفتقد إلى البعد الوطني والأخلاقي والمبرر والذريعة المشرفة التي كانت لدى الحراك الجنوبي، قبل أن يصبح هذا الأخير جزءً من التفاهمات الوطنية لبناء الدولة اليمنية الاتحادية في مرحلة ما بعد 2011، من خلال مشاركته بمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي عقد خلال العام 2013 برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأوضح الكاتب التميمي أن الانتقالي يتذرع بأن الشراكة المأمولة مع الكيان الصهيوني، يمكن أن تحقق هدف حفظ سلام الممر الملاحي الدولي في البحر الأحمر، وهذا يعني "وضع الجغرافيا والسيادة اليمنية تحت تصرف العدو".
ودعا التميمي إلى الخروج من مربع الصمت، وقال : "لا يجب أن يبقى اليمنيون صامتين أمام هذه الخيانة المعلنة على الهواء ولا يفعلون على الأقل الإجراءات القضائية بحق هؤلاء القتلة والمجرمين والخونة"، وفق تعبيره.
زيارة سابقة لصحفي إسرائيلي
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، زار صحفي إسرائيلي ضمن وفد أوروبي العاصمة المؤقتة لليمن، عدن، جنوبا، بالتنسيق مع المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، ما أثار أسئلة عدة حينها، عن دوافع هذه الزيارة.
وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن وفدا من منتدى الشرق الأوسط، يضم صحفيا إسرائيليا، زار العاصمة اليمنية المؤقتة عدن منتصف تموز/ يوليو الماضي، وذلك بترتيب وإشراف من المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث استُقبل الوفد في مقر الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي بحضور مختار اليافعي وعدد من قيادات المجلس.
اظهار أخبار متعلقة
وأضافت الصحيفة أن الوفد التقى علي الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي، في مكتبه بعدن، إلى جانب أبو نصر، رئيس الاستخبارات في المجلس.
وأشارت إلى أن برنامج الزيارة شمل أيضا لقاء وزير الدفاع في الحكومة المعترف بها دوليا، اللواء محسن الداعري، الذي تحدث عن خطط العمليات المشتركة وتعثرها.
أقرأ أيضا:وفد يضم صحفي إسرائيلي يزور اليمن بالتنسيق مع المجلس الانتقالي يثير التساؤلات
وبحسب مراقبين فإن تلك الزيارة للصحفي والكاتب الإسرائيلي البريطاني، جوناثان سباير، الذي يشغل مدير الأبحاث في منتدى الشرق الأوسط إلى عدن، رفقة مايكل روبين، الباحث الأمريكي بارز في "معهد أميركان إنتربرايز" (AEI)، بالتنسيق مع المجلس الانتقالي المنادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله، ليست سابقة، بل تعزز خطاب زعيم الكيان الجنوبي وقادته الذين أبدوا رغبة في التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي حال تم استعادة دولة الجنوب.
وفي فبراير/ شباط 2021، أعلن الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي في مقابلة تلفزيونية عن استعداد المجلس الانتقالي للتطبيع مع إسرائيل وفتح سفارة لها في عدن، واصفا تطبيع العواصم العربية مع تل أبيب بـ"العمل المثالي" لتحقيق السلام بالمنطقة.
وقال الزبيدي إن "التطبيع مع إسرائيل مسألة واردة عندما تكون لدينا دولة وعاصمة تخص الجنوب العربي".
وفي أغسطس/ آب 2020، أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي، هاني بن بريك، استعداده لزيارة الأراضي المحتلة.
وكتب ابن بريك على "إكس" فور إعلان اتفاق التطبيع بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي: "إذا فتحت تل أبيب أبوابها، فسوف أزور إخواننا اليهود اليمنيين في منازلهم في إسرائيل، وأذهب للصلاة في المسجد الأقصى"