ما زالت تصريحات وزير المالية
الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ضد
السعودية، رغم اعتذاره لاحقا، تحدث جدلا واسعا في الأوساط السياسية داخل إسرائيل.
وذكر الكاتب نير كيبنيس في موقع "ويللا" أن السعودية تُعد أهم دولة عربية، مشيرًا إلى أن التطبيع معها لن يجعل جميع المسلمين مؤيدين لإسرائيل، لكنه سيشكل نقطة تحول تاريخية في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، قد تفوق في أهميتها اتفاق السلام مع
مصر، الذي مثّل حينها انطلاقة جديدة. وأضاف أن اتفاق "كامب ديفيد" واجه في حينه معارضة داخل إسرائيل، إذ وصف اليمين المتطرف رئيس الحكومة آنذاك مناحيم بيغن بـ"الخائن"، ما أدى إلى انشقاقات داخل حزب الليكود وتأسيس حزب جديد من قبل عدد من قادته.
وأضاف كيبنيس في
مقال ترجمته "عربي21" أن تلك الفترة شهدت دعوات داخل إسرائيل لوقف "التراجع في سيناء"، ورفعت شعارات مثل "لا تقتلعوا المغروس"، إلا أنه يرى اليوم أن اتفاق السلام مع مصر كان خطوة أنقذت دولة الاحتلال. وأوضح أن السلام، رغم برودته وعدم تحقيقه كامل التطلعات، أثبت استمراريته، إذ ستصادف بعد عامين الذكرى الـ48 لزيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات إلى تل أبيب، فيما لا تزال الحدود المشتركة بين الجانبين هادئة، لأن كليهما يدرك أن استمرار الاتفاق مصلحة وجودية للطرفين.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار أن "الإسرائيليين مطالبون بأن يتخيلوا فقط كيف كانت حرب السابع من أكتوبر ستبدو لو كانت الجبهة المصرية نشطة ومعادية، مع العلم أننا علمنا هذا الأسبوع فقط بخطة تسليح مجنونة للجيش المصري ستحظى بمباركة الرئيس الأمريكي، رغم أنها تتعارض مع شروط اتفاق السلام، ولكن حتى لو انفجر الاتفاق في المستقبل، فيبدو أنه سدد ثمنه بالفعل بأرباح وفيرة منذ زمن طويل، رغم أنه أعاد سيناء للسيطرة المصرية".
وأكد أنه "يمكن للإسرائيليين أن يعارضوا عمليات الانسحاب من الأراضي المحتلة، وإعادتها للفلسطينين والعرب، وأن يرفضوا التسوية السياسية التي يكون ثمنها الأمني مرتفعًا للغاية، لكن غير الممكن، والممنوع، هو الخطاب العنصري الظلام الذي يتبناه سموتريتش ورفاقه من المتدينين، رغم أنها ليست المرة الأولى التي يقفز فيها هذا العنصري منه، فقد انفجر عدة مرات في الماضي، لاسيما في قسم أمراض النساء حين رفض أن يتم تتواجد مع زوجته في غرفة الولادة نساء عربيات".
وأوضح أن "الخروج الغبي هذه المرة لسموتريتش يُمثل الطريق المسدود الذي وجد اليمين نفسه فيه، ويحاول جرّ الدولة معه، ففي خطابٍ لم يتضح غرضه، سوى التسبب في ضرر، طالب السعوديين العودة لركوب الجمال إذا كان التطبيع معهم سيؤدي لدولة فلسطينية، لأنه بهذا الخطاب أثبت أنه ليس يمينيًا شرعيا، وليس معسكرًا وطنيًا يضع أمن الدولة نصب عينيه دائمًا، بل يميني عنصري، لأن هذا الخطاب سيأخذنا لمزيد من تبادل الألقاب العنصرية: العرب يركبون الجمال، واليهود ذوي الأنوف الطويلة، وعيون مائلة مثل آكلي الكلاب".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "النقد لا يتعلق بمستوى فكاهة هذا الرجل المثير للاشمئزاز، لأنه وزير في حكومة يرأسها بنيامين
نتنياهو الطامح لانضمام السعودية لاتفاقيات التطبيع، ولو كنا في عالم متحضر، فإن سموتريتش الذي لا يفهم معنى المسؤولية الوطنية مطالب بالانسحاب من الحكومة اليوم، لكن في عالم يمسك فيه نتنياهو بقرون المذبح، يحق لسموتريش أن يحتفل، لأنه لا يملك ما يقدمه سوى المصطلحات العنصرية، لكن الأسوأ من ذلك، أنه لا يعي ما يقول حقا".
وأشار أن "سموتريتش الذي دأب على إلقاء خطابات نارية حول احتلال غزة، وتهجير سكانها، واستيطانها، وتهويدها، لكن الحكومة الإسرائيلية، لسوء حظه، وقعت اتفاقًا يقضي بإطلاق سراح الرهائن، وإبعاد حماس ونزع سلاح القطاع، ولن تسمح للمستوطنين بالاستقرار في غوش قطيف، ومع ذلك فقد عارضه بشدة، لكنه تشبث بكرسيه بكل قوته، بمعنى آخر، فنحن أمام "كلام فاضي"، "كلام في كلام"، تماما مثل زميله ومنافسه الشعبوي الرخيص، إيتمار بن غفير، الذي يواصل الحديث عن عقوبة الإعدام للمقاومين".
لم تقتصر الانتقادات الموجهة لخطاب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على الفلسطينيين والعرب فحسب، بل امتدت إلى داخل الشارع الإسرائيلي نفسه، حيث يرى كثيرون أن تصريحاته لا تعبر إلا عن سعيه لإثارة الجدل وخوض معارك كلامية بهدف تعزيز موقعه بين أحزاب اليمين المتنافسة على مقاعد الكنيست، حتى وإن كان ذلك على حساب مصالح إسرائيل.
ويُنظر إلى سموتريتش، بحسب منتقديه، على أنه يجسد صورة السياسي العنصري الجاهل، ما يسيء إلى صورة الدولة التي يتولى فيها منصبًا وزاريًا رفيعًا.