نشرت صحيفة "
إسرائيل اليوم" العبرية، مقالا للباحث يوسي منشروف، من معهد "مسغاف" للأمن القومي والاستراتيجية الصهيوني، تناول فيه التداعيات المحتملة لخطة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب الخاصة بإنهاء الحرب في
غزة، مع التركيز على رد الفعل المتوقع من
إيران في حال تنفيذها.
أوضح الكاتب أن الخطة، من الناحية النظرية، قد تحسّن الموقف الاستراتيجي لإسرائيل، إذ تتضمن إعادة جميع أسرى حماس، ونزع سلاح الحركة، وإلغاء الحاجة إلى احتلال غزة بشكل مباشر. غير أن الطبيعة "التآمرية" للنظام الإيراني، والشكوك الكبيرة التي يبديها المرشد علي خامنئي تجاه أي خطوة أمريكية، قد تدفع طهران إلى تفسير هذه الخطة على أنها خطوة استراتيجية موجهة ضدها.
وأشار منشروف إلى أن قادة النظام الإيراني قد يعتبرون أن الخطة تهدف إلى إضعاف حماس، وهي إحدى أذرع شبكة الوكلاء الإيرانية، خصوصاً في ظل الأزمات المتتالية التي يواجهها حلفاء إيران في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات الشيعية في العراق، وانهيار نظام الأسد في سوريا.
اظهار أخبار متعلقة
ونقل أن كبار مسؤولي إيران اعتادوا التأكيد في السنوات الأخيرة أن الهدف الرئيسي لكل من
نتنياهو وترامب هو "النظام الإيراني".
وبحسب المقال، وصفت وسائل الإعلام الإيرانية خطة ترامب بأنها "خطة إمبريالية تهدف إلى ترسيخ احتلال فلسطين"، معتبرة أنها تُضعف حركة حماس وتفقد إيران نفوذها في غزة.
فإذا التزمت حماس بالخطة، فستنتقل السلطة في القطاع إلى لجنة تكنوقراطية فلسطينية بإشراف "مجلس السلام" الدولي الذي يضم ترامب وشخصيات أخرى مثل توني بلير.
ويرى الكاتب أن الاستجابة الإيجابية للدول العربية وإسرائيل للخطة ستضر بالسياسة الإقليمية الإيرانية، خاصة بعد قمة الدوحة التي دعت فيها طهران إلى جبهة إسلامية ضد إسرائيل تتجاوز الإدانات إلى خطوات عملية مثل فرض مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية.
وأكد منشروف أن خطة ترامب "تقلب الطاولة"، إذ تضع إسرائيل والدول العربية في موقع واحد مقابل إيران، وفي حال رفضت حماس "وهو المتوقع" فإن إسرائيل ستستفيد من دعم أمريكي مباشر وعربي غير مباشر لعملياتها في غزة، على عكس ما تسعى إليه إيران.
اظهار أخبار متعلقة
وحول التقييم المستقبلي، أوضح الكاتب أن هناك عدة عوامل تعزز المعارضة الإيرانية للخطة، أبرزها شكوك خامنئي تجاه إدارة ترامب، وطموح طهران لإفشال أي نظام إقليمي ترعاه الولايات المتحدة، إضافة إلى رغبتها في استغلال حرب "السيوف الحديدية" والهجوم الإسرائيلي على قطر لتشكيل جبهة موالية لها.
واعتبر أن إيران تخشى أيضاً من أن تكون إسرائيل بصدد تجديد هجوم مباشر عليها، لذلك ستحاول الضغط على الدول العربية لعدم التعاون مع الخطة.
وأشار المقال إلى أن طهران ستسعى لإجراء محادثات مع حماس لبحث سبل الالتفاف على الخطة، سواء عبر عرقلة أي مناورة إسرائيلية في غزة، أو اتهام تل أبيب بتعطيل التنفيذ، أو محاولة دمج شخصيات مقربة من حماس في الحكومة التكنوقراطية المزمع تشكيلها.
كما ستعمل إيران وحماس مع قطر للحصول على دعم إضافي لمواجهة ما يصفانه بالضغوط المتصاعدة.
وخلص منشروف إلى أن الخطة، من وجهة نظر إيران، تُسقط ورقة مهمة من يد حماس لأنها تشترط الإفراج الفوري عن الأسرى ونزع السلاح منذ البداية، وهو ما يتناقض مع استراتيجيتها القائمة على استثمار هجوم 7 أكتوبر كأداة لمستقبلها السياسي حتى لو خسرت سلطتها في غزة.
وتوقع أن ترفض حماس الخطة أو تسعى عبر قطر إلى إدخال تعديلات جوهرية تُفرغها من محتواها.
وفي الخلاصة، أكد الكاتب أن إسرائيل تستفيد سياسيا واستراتيجيا من مجرد طرح خطة ترامب، إذ تعرقل مشروع إيران لإقامة جبهة إسلامية ضدها، لكنها في الوقت نفسه قد تدفع طهران إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تستعدان لمهاجمتها مباشرة بهدف إسقاط النظام.
وحذر من أن هذا الاعتقاد قد يقود إيران إلى "سوء تقدير" يترجم في صورة هجوم مفاجئ على إسرائيل، مشيراً إلى أن أصواتاً بارزة داخل النظام، مثل يحيى رحيم صفوي المستشار الأمني الكبير لخامنئي، الذي دعا في آب/أغسطس الماضي إلى شن هجوم مباغت ضد إسرائيل، قد تزداد قوة في ظل تفعيل آلية "سناب باك"، ما يرفع احتمالات حدوث تصعيد خطير في المرحلة المقبلة.