ملفات وتقارير

كيف أطاحت ثورة "جيل زد" برئيس مدغشقر.. وهل تنتقل العدوى لبلدان أخرى؟

في 25 آذار/ مارس الماضي خرجت مظاهرات شبابية محدودة تطالب بتوفير خدمات الماء والكهرباء وتوفير فرص عمل للشباب لكن سرعان ما توسعت هذه الاحتجاجات لتعم أنحاء واسعة من البلد- malagasynews
في 25 آذار/ مارس الماضي خرجت مظاهرات شبابية محدودة تطالب بتوفير خدمات الماء والكهرباء وتوفير فرص عمل للشباب لكن سرعان ما توسعت هذه الاحتجاجات لتعم أنحاء واسعة من البلد- malagasynews
بعد أسابيع من احتجاجات غاضبة عمت أنحاء واسعة من البلاد، نجح ما بات يعرف بحراك "جيل زد" في مدغشقر، بالإطاحة برئيس البلاد أندري راجولينا، وإن تم تنفيذه من خلال انقلاب عسكري سبقه قرار من الجمعية الوطنية بعزله.

وفي آخر تطورات المشهد في مدغشقر أعلن الكولونيل الملغاشي مايكل راندريانيرينا عن فترة انتقالية لمدة عامين برئاسته، يليها تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، وذلك إثر إعلان وحدة النخبة في الجيش استيلائها على السلطة.

وأوضح راندريانيرينا وهو قائد وحدة النخبة في الجيش الملغاشي، أنه وخلال عامين كحد أقصى "سيتم إجراء استفتاء لوضع دستور جديد، تليه انتخابات لإنشاء المؤسسات الجديدة تدريجيا".

تعليق الهيئات الدستورية
وأعلن الانقلابيون في مدغشقر تعليق عمل مجلس الشيوخ، والمحكمة الدستورية العليا، والهيئة الانتخابية، وعدة مؤسسات حكومية أخرى، فيما دعت المحكمة الدستورية الملغاشية إلى إجراء انتخابات خلال 60 يوما، بعد الانقلاب العسكري.

وينص الدستور على وجوب إجراء الانتخابات التشريعية "بعد 60 يوما على الأقل و90 يوما على الأكثر من إعلان حل الجمعية الوطنية".

اظهار أخبار متعلقة


تمسك بمقعد الرئاسة
وقد أعلن الرئيس المطاح به راجولينا، تمسكه بمنصبه كرئيس للبلاد، وندد بالإجراءات التي اتخذتها الجمعية الوطنية وتلك التي اتخذها الجيش.
وأعلن في خطاب مطول أنه يوجد "بمكان آمن"، بعد تعرضه "لمحاولة اغتيال"، مضيفا أنه اضطر "لإيجاد مكان آمن" لحماية حياته.

وأوضح راجولينا في خطاب لم يبثه التلفزيون الرسمي، واقتصر بثه على صفحة الرئاسة على "فيسبوك"، أنه "لم يتوقف يوما عن البحث عن حلول"، وحض على "احترام الدستور"، دون أن يعلن استقالته.
وفر راجولينا، من البلاد الأحد الماضي على متن "طائرة عسكرية فرنسية" دون معرفة وجهته النهائية، وذكرت إذاعة فرنسا الدولية (آر إف آي) أن الرئيس نقل من جزيرة في المحيط الهندي على متن طائرة عسكرية فرنسية يوم الأحد، بموجب اتفاق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ولم يكشف راجولينا، الذي حصل على الجنسية الفرنسية عام 2014، عن موقعه الحالي.

وقال ماكرون، إنه لا يستطيع تأكيد التقارير التي تفيد بأن فرنسا ساعدت راجولينا على الفرار من البلاد. وأضاف أنه يجب الحفاظ على النظام الدستوري في مدغشقر، وأنه بينما تتفهم فرنسا مظالم الشباب في البلاد، لا ينبغي أن تستغلها الفصائل العسكرية.

كيف تطورت احتجاجات "جيل زد"
في 25 آذار/ مارس الماضي خرجت مظاهرات شبابية محدودة تطالب بتوفير خدمات الماء والكهرباء وتوفير فرص عمل للشباب، لكن سرعان ما توسعت هذه الاحتجاجات لتعم أنحاء واسعة من البلد.
وبعد اتساع نطاقها تحولت مطالب شباب "جيل زد" في المستعمرة الفرنسية السابقة من توفير الخدمات الأساسية إلى الإطاحة بالرئيس والحكومة ومحاكمة المفسدين.

وشكل انضمام وحدة النخبة العسكرية إلى صفوف الشباب المحتجين نقطة تحول كبرى في مسار الاحتجاجات الشبابية، فمع تزايد هذه الاحتجاجات واتساع نطاقها، أعلنت وحدات النخبة في الجيش رفضها أوامر إطلاق النار على المتظاهرين الصادرة عن قادة الجيش، ضد متظاهري "جيل زد".
وطالب عناصر وحدة "فيلق الأفراد والخدمات الإدارية والتقنية" من الجيش والشرطة والدرك بالوقوف "صفا واحدا" في وجه السلطات، ودعم مطالب الشباب المتظاهرين.

وحث عقيد يدعى ميكائيل ظهر في الفيديو بوجه مكشوف الجنود الذين يحرسون القصر الرئاسي إلى المغادرة، و"منع أي طائرة من الإقلاع من مطار إيفاتو"، كما طالبوا "بإغلاق البوابات وعدم طاعة الأوامر الصادرة من القادة".

اظهار أخبار متعلقة


وبعدها مباشرة التحق عدد من العسكريين بآلاف المتظاهرين الذين تجمعوا جنوبي العاصمة، ورحب العديد من المتظاهرين بالجنود، الذين كان بعضهم يلوح بأعلام مدغشقر.
واستلهم المحتجون، الذين يصفون أنفسهم بأنهم دون سن الثلاثين، أسلوبهم التنظيمي من حركات "جيل زد" احتجاجية مماثلة في دول أخرى من بينها كينيا.

مرحلة جديدة
وبعد فرار الرئيس وسيطرة الجيش على مقاليد السلطة، دخلت البلاد مرحلة سياسية جديدة ينتظر أن تكون حافلة بالمعارك السياسية، فيما يسود القلق من إمكانية عودة احتجاجات "جيل زد" إذا لم يجد العسكريون الممسكون بالسلطة حلولا للأزمات التي تسببت في الاحتجاجات.

وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي أحمد محمد فال، إن القادة العسكريون سيكونون أمام تحد كبير يتمثل في إقناع الشباب المتظاهرين في التوقف عن النزول للشوارع ومنح السلطات الجديدة فترة لإيجاد حلول لأزمات الكهرباء والتشغيل.

وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "ستواجه السلطات الجديدة في هذا البلد الأفريقي تحد كبير بخصوص رصد أموال لتوفير الخدمات الأساسية" مشيرا إلى أن دولا كبيرة على رأسها فرنسا تعارض الانقلاب وبالتالي لن تكون جزاء من توفير موارد لتخفيف حدة هذه الأزمات.

وأشار إلى أن العسكريين سيواجهون تحديات أخرى مثل العمل للحصول على شرعية دولية وتنظيم المسار الانتخابي خلال العامين القادمين، في ظل التعارض الحاصل بين نص دستور البلاد ورؤية العسكريين الممسكين بالسلطة.
ولفت إلى أن الدستور ينص على تنظيم الانتخابات في غضون 60 إلى 90 يوميا في حين أعلن العسكريون عن فترة انتقالية مدتها سنتين.

هل تنتقل العدوى لدول أخرى؟
ويرى متابعون للشأن الأفريقي أن نجاح حراك "جيل زد" في الإطاحة بالنظام في مدغشقر، قد يغري شبابا في دول إفريقية أخرى تعاني نفس الأزمات من نقص المياه والكهرباء والتشغيل.

وفي هذا السياق يقول أحمد ولد محمد فال، أن العيد من الدول الإفريقية الأخرى معرضة لحراك مماثل، خصوصا أن الشباب في سن الثلاثين يمثلون أغلبية في بلدان القارة.

ولفت في حديثه لـ"عربي21" إلى أن شرارة احتجاجات "جيل زد" بإفريقيا انطلقت العام الماضي من العاصمة الكينية نيروبي، ثم انتقل الحراك إلى المغرب ومنها إلى "مدغشقر".
وأضاف: "نتوقع أن يتسع نطاق هذا الحراك ليشمل بلدانا إفريقية أخرى، وربما نرى قريبا حكومات إفريقية أخرى تسقط جراء الاحتجاجات الشبابية الغاضبة".

ولفت إلى أن القارة الأفريقية هي قارة الانقلابات، ما يعني أن أي حراك شبابي قد يكون مبررا لانقلابات عسكرية يقودها عسكريون يطمحون للسلطة.

وشهدت القارة الأفريقية منذ العام 2012 نحو 46 انقلابا أو محاولة انقلابية على السلطة، وذلك بمعدل 4 انقلابات أو محاولة انقلابية في العام تقريبا، فيما تشير بعض الإحصاءات إلى أن الانقلابات في أفريقيا شكلت ما يقرب من 36% من جميع الانقلابات على مستوى العالم، وغالبية هذه الانقلابات في بلدان منطقة غرب أفريقيا، التي تضم بوركينافاسو ومالي والنيجر وبنين والرأس الأخضر وغامبيا وغانا وغينيا وغينيا بيساو وساحل العاج وليبيريا ونيجيريا وموريتانيا والسنغال وسيراليون وتوغو.
التعليقات (0)

خبر عاجل