كتاب عربي 21

الأزمة النقدية والاستجابة لسياسات وإجراءات المركزي الليبي

السنوسي بسيكري
المركزي مطالب بتوضيح كيفية استدامة الأثر الإيجابي التي تحقق مؤخرا، حتى لا يكون نتيجة مؤقتة، وكيف سيواجه التحديات التي سبق الإشارة إليها في هذا المقال والتي تطرق إليها أهل الاختصاص.. الأناضول
المركزي مطالب بتوضيح كيفية استدامة الأثر الإيجابي التي تحقق مؤخرا، حتى لا يكون نتيجة مؤقتة، وكيف سيواجه التحديات التي سبق الإشارة إليها في هذا المقال والتي تطرق إليها أهل الاختصاص.. الأناضول
بات ملحوظا بشكل جلي الأثر النقدي الإيجابي للسياسات والإجراءات التي اعتمدها المصرف المركزي الليبي خلال الاشهر القليلة الماضية، والتي كان من بين اهم أهدافها رفع قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وتجفيف منابع السوق الموازي للعملات. ويتجلى الأثر المباشر لتلك القرارات في تراجع سعر صرف الدولار في السوق الموازي من نحو 8 دينار للدولار مطلع الشهر المنصرم الى أقل من 7 دينار للدولار اليومين الماضيين.

كان من بين الإجراءات التي اتخذها المصرف المركزي التحكم في عرض النقود الذي شهد توسعا كبيرا ليصل إلى ما يزيد عن 170 مليار دينار وذلك لمحاصرة عمليات المضاربة على العملات الأجنبية، وسحب البساط من دكاكين المتاجرة في النقد الأجنبي بإحلال شركات الصرافة المقننة، وذلك بجانب المصارف التجارية، القناة الاعتيادية لبيع العملات للاعتمادات المستندية وللأغراض الشخصية، واللذان يستنزفان نحو 75% من النفقات بالدولار. هذا بالإضافة إلى الأداة المستحدثة وهي الاتجاه إلى عرض شهادات العائد بنحو 15 مليار دينار.

بالنسبة لسياسة تجفيف منابع السوق الموازي وإحلال شركات الصرافة محل دكاكين بيع العملات، فلا ضمانة أن لا تسلك شركات الصرافة سلوك دكاكين بيع العملات، في المضاربة بالعملات الأجنبية واحتكار بيعها وتخزينها وتمريرها ضمن قنوات خاصة طلبا لتحقيق أرباح اكبر، وما يزال شق الرقابة الصارمة على شركات الصرافة غائبا عن السياسات والإجراءات التي اعتمدها المصرف المركزي.
ومع التأكيد على حيوية الإدارة الجديدة للمصرف المركزي واتباعها سياسات وإجراءات أخرجت المصرف المركزي من حالة الجمود إلى دائرة الفعل بمفهوم ومعيار السياسة النقدية، فإن عوامل عدة تجعل من الحكم بإطلاق جملة الإجراءات التي اتبعها المصرف المركزي كفيلة باحتواء الازمة حكما متعجلا، والان النتائج الايجابية التي تحققت قد تكون محدودة الأثر والزمان.

لم نسمع من المصرف المركزي شيئا مقنعا بخصوص الاستمرار في سياسته التوسعية في عرض النقد الأجنبي لتلبية الطلب عليه، وبالنظر إلى آخر بيانات المصرف فإن العجز الشهري بالدولار بلغ نحو 6 مليار دولار، والملاحظ ان العجز في زيادة وليس العكس، ولا توجد مؤشرات إيجابية بخصوص بندي الايراد والانفاق بالدولار، مفادها زيادة الأول وتراجع الثاني، ليكون ذلك دافعا للاطمئنان والحكم بصوابية سياسة التوسع في عرض النقد الأجنبي.

بالنسبة لسياسة تجفيف منابع السوق الموازي وإحلال شركات الصرافة محل دكاكين بيع العملات، فلا ضمانة أن لا تسلك شركات الصرافة سلوك دكاكين بيع العملات، في المضاربة بالعملات الأجنبية واحتكار بيعها وتخزينها وتمريرها ضمن قنوات خاصة طلبا لتحقيق أرباح اكبر، وما يزال شق الرقابة الصارمة على شركات الصرافة غائبا عن السياسات والإجراءات التي اعتمدها المصرف المركزي.

شهادات الإيداع تجربة مستحدثة، وضمان مطابقتها للشريعة يفرض قيودا ويتطلب جهودا كبيرة، وهذا ما لا يمكن الحكم بانتظامه بشكل يجعلها أداة حيوية واساسية للتحكم في عرض النقود والتخفيف من مشكلة نقص السيولة.

هناك تحدي الإنفاق المنفلت للحكومات في الغرب والشرق، ولأن الاتفاق السياسي غير مضمون في الاجل القريب بل حتى الاجل المتوسط، فإنه لا ضمانة لاستجابة الحكومات لطلب المصرف المركزي كبح جماح فاتورة الصرف المتضخمة عاما بعد آخر، وقد جعل المصرف المركزي هذا المطلب شرطا لنجاح خطته لاحتواء الازمة النقدية.

المركزي حاول، ولا يزال، أن يقوم بما يراه ضمن مسؤولياته وصلاحياته، وسبقت الإشارة إلى جهوده التي أخرجته من السكون ومجرد العمل كخزينة عامة لا اكثر، وهذا توجه ينبغي تثمينه، والملاحظات التي أوردناها تصب في دائرة التنبيه والتوعية للرأي العام، وخوض غمار الإصلاح وتصحيح الأوضاع مع الخطأ والقصور أفضل من الجمود وترك الأمور تتفاعل بتأثر عوامل سالبة آثارها سيئة على الاقتصاد وعلى المواطن. غير أن المركزي مطالب بتوضيح كيفية استدامة الأثر الإيجابي التي تحقق مؤخرا، حتى لا يكون نتيجة مؤقتة، وكيف سيواجه التحديات التي سبق الإشارة إليها في هذا المقال والتي تطرق إليها أهل الاختصاص.
التعليقات (0)

خبر عاجل