ارتفع منسوب التفاؤل مع إعلان البعثة
الأممية عن إطلاق
خارطة طريق لكسر الجمود والدخول في عملية سياسية تنتهي إلى إجراء
انتخابات عامة، وكان كثيرون يحدوهم الأمل في أن تختار البعثة خيار "المجلس
التأسيسي" من بين الخيارات التي اقترحتها اللجنة الاستشارية فيكون الطريق الأقصر
لإنهاء الأجسام الحالية والترتيب للاستقرار، ذلك أن الثقة في هذه الأجسام وفي
قدرتها على الاتفاق على مخرج من الوضع الراهن قد تراجعت خلال السنوات الأخيرة بشكل
كبير وفق ما كشفت عنه عديد استطلاعات
الرأي، فكان خيار البعثة مختلفاً حيث رجحت
خيار الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد إعادة تنظيم المفوضية ومراجعة قوانين
الانتخابات ثم إعادة تشكيل الحكومة.
أعلنت البعثة عن الخارطة ودعت مجلس الأمن
لدعمها، وهي بصدد تهيئة الظروف للعمل بها، وهنا يظهر على السطح العامل الداخلي
والوضع السياسي العام؛ والذي لا يشكل حافزا لتنفيذ الخارطة، وهو لم يكن كذلك في
التجارب السابقة على اي حال.
الغرب الليبي برغم تجاوز أزمة المجلس الأعلى
للدولة ولو نسبياً، إلا أنه يشهد صراعاً قد تكون تداعياته خطيرة، وشهد تراجعاً في
تأييد الحكومة التي أصبح الفساد لصيقا بها هذا بالإضافة إلى تضارب خياراتها
السياسية خاصة مع الارتباط غير المفهوم مع عائلة حفتر في الشرق. الأشهر القليلة
الماضية وما شهدتها من أحداث تؤكد على تراجع التماسك الذي عرفته المنطقة الغربية
في فترات سابقة ويدلل على أن قيادة حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد ادبيبة للجبهة
الغربية ليست محل إجماع، بل نقطة افتراق بين مكونات مهمة في الغرب الليبي. هذا الوضع
القلق جدا في الجبهة الغربية يمكن أن يتطور إلى مشهد أشد تعقيدا مما يضيف عراقيل
إلى تلك التي تواجهها خارطة الطريق.
الأشهر القليلة الماضية وما شهدتها من أحداث تؤكد على تراجع التماسك الذي عرفته المنطقة الغربية في فترات سابقة ويدلل على أن قيادة حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد ادبيبة للجبهة الغربية ليست محل إجماع، بل نقطة افتراق بين مكونات مهمة في الغرب الليبي. هذا الوضع القلق جدا في الجبهة الغربية يمكن أن يتطور إلى مشهد أشد تعقيدا مما يضيف عراقيل إلى تلك التي تواجهها خارطة الطريق.
في الشرق لم تكن الترتيبات العسكرية
والامنية مؤشر قوة وتماسك، بل ربما هي انعكاسا لمخاوف تتعلق بالمنافسة داخل عائلة
حفتر ضمن الإخوة المتنفذين إما ماليا او عسكريا، فليس دلالة عن وضع طبيعي وصحي أن
يصبح الأخ الرابع في ترتيب الأشقاء الراجل الثاني في الصلاحيات وفق قرار من أعلى
السلطات (مجلس النواب والقيادة العامة)، دع عنك الأثر السلبي لتكريس سلطان العائلة
بعيدا عن الشراكة التي قامت على أساسها عملية الكرامة وما يترتب على ذلك من تطورات
غير محمودة يأتي في مقدمتها الاغراق في الاستبداد والقمع.
تصدير الأزمة والهروب إلى الأمام لتجاوز
اشكاليات الداخل تميل إليه السلطات العسكرية، عليه قد لا يكون مستبعدا سيناريو
البناء على التوترات الكبيرة في المنطقة الغربية ومحاولة استغلال التدافع في
العاصمة لفرض واقع جديد عبر القوة العسكرية ومن خلال تفاهمات مع الأطراف الخارجية.
صحيح انه ليس سيناريو راجح ولكن يمكن أن يكون البديل في حال فشل خارطة الطريق،
وإذا ما حالت المواقف الدولية دون هذا السيناريو في الاتجاه إلى تكريس الانقسام
أكثر وربما تحويله على واقع قانوني وإداري هو الغالب.
وبالمختصر فإن البيئة السياسية تشهد
اضطرابات لا تساعد على تسهيل عمل البعثة وتنفيذ خارطة الطريق، وسيتطلب منع تطور
الأوضاع على الشكل السلبي الذي سبق ذكره تدخل خارجي من الطراز الثقيل للدفع باتجاه
الخارطة أو بديل عنها والوصول إلى الانتخابات العامة والضغط على كافة الأطراف
للقبول بنتائجها.
وتثبت التطورات في المشهد الليبي وسلوك
القوى المتنفذة انها غير مؤهلة بشكل منفرد لقيادة البلاد إلى بر الأمان عبر
توافقات وطنية، وأن الضغط الخارجي أو الفورة المحلية هما السبيل لتجاوز العبث
وتصحيح المسار.