على غير العادة، قرر مجلس الأمن بالإجماع
التمديد للبعثة الحالية في
ليبيا عام حتى
31 أكتوبر 2026م، ذلك أن ملف البعثة من بين الملفات التي يدور حولها خلاف بين
الأعضاء الدائمين في المجلس، والدلالة المهمة الظاهرة للقرار بالشكل على وقع به هو
دعم البعثة في خطتها التي تنفذها والتي محورها خارطة الطريق بركائزها الثلاث،
وغايتها التي هي الوصول إلى انتخابات عامة تكون بمثابة الحل الدائم للأزمة
السياسية الراهنة.
غير أن الظاهر من قرار مجلس الامن لا يعني
أن هناك مواقف وخيارات لأطراف دولية وإقليمية لا تركز على خارطة طريق البعثة
الأممية بل تتجاوزها، وهذا ما يفهم من التحركات والتصريحات الأمريكية، ومواقف
وتحركات بعض الدول الإقليمية، يضاف إلى ذلك ما تواجهه الخارطة من تحركات على
الصعيد المحلي والتي وإن بدا بعضها متناغم مع بعض مضامين خارطة البعثة، إلا إن
بعضها يتأسس على خيارات مصادمة بل رافضة لخيارات البعثة.
حسب خارطة الطريق، فإن السير إلى الانتخابات يكون من خلال المرور على ثلاث محطات: إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات، مراجعة وتعديل قوانين الانتخابات، والتغيير الحكومي، ويكون ذلك خلال ستين يوما، وهو ما لم يقع، فقد تعثر الاتفاق على اختيار مجلس إدارة جديد للمفوضية، وهو أمر أقل تعقيدا وحساسية مقارنة بالنقطتين الثانية والثالثة المحوريتان في الخارطة وهما تعديل قوانين الانتخابات، وإعادة تشكيل الحكومة.
حسب خارطة الطريق، فإن السير إلى الانتخابات
يكون من خلال المرور على ثلاث محطات: إعادة هيكلة المفوضية العليا للانتخابات،
مراجعة وتعديل قوانين الانتخابات، والتغيير الحكومي، ويكون ذلك خلال ستين يوما،
وهو ما لم يقع، فقد تعثر الاتفاق على اختيار مجلس إدارة جديد للمفوضية، وهو أمر
أقل تعقيدا وحساسية مقارنة بالنقطتين الثانية والثالثة المحوريتان في الخارطة وهما
تعديل قوانين الانتخابات، وإعادة تشكيل الحكومة.
حسب مصادر عديدة، فإن مفاوضات تجري بين
أطراف نافذة في الغرب والشرق الليبي حول إعادة تشكيل الحكومة، وهذه الأطراف لا
تمثل الجهات المعنية بهذا الملف وفق الاتفاق السياسي (اتفاق الصخيرات العام
2015م)، إلا إنهم يشكلون مسار سياسيا موازيا فعالا، بل إن نفوذهم أقوى من صلاحيات
وسلطات أطراف المسار الرسمي، ويظهر أن ثقلهم لا يتأتى من كونهم سلطة الأمر الواقع،
بل إنهم يستمدون مزيدا من النفوذ من الدعم الخارجي، ويبدو أن أطرافا دولية فاعلة
تستأنس لهذا المسار الموازي، والذي بالقطع لا يتناغم مع خارطة الطريق بشكل كامل،
وإن تقاطع مع بعض متطلباتها.
لقاءات خليفة حفتر وأبنائه بمجاميع القبائل
وقوى عسكرية وأمنية في مناطق عدية في الشرق والجنوب وحتى الغرب، والتصريحات التي
أطلقها الأول، واضحة الدلالة في مصادمة البعثة وخارطة طريقها، وما يفهم من هذا
التوجه هو الرغبة في الضغط على البعثة لتتماهى في نتائج خطتها مع أهداف ومطالب
القيادة العسكرية في الشرق، وربما الذهاب أبعد من ذلك بفرض مسار سياسي وحتى عسكري
بعيدا عن الخطط الدولية والأممية.
التفسيرات المتعددة لحراك آل حفتر يحقق لهم
مكاسب على أي حال، فالضغط على البعثة من خلال تحريك قوى اجتماعية وأخرى مسلحة على
الأرض يجعلها تتراجع وتغير في مواقفها من الاطراف المحلية وتقييمها لمعوقات الحل
السياسي، بما يعني تغيير في الموقف من قيادة الرجمة بعد الانتقادات التي وجهتها
المبعوثة الأممية لها.
برغم الدعم الظاهر للبعثة من قبل مجلس الأمن والذي كشف عنه التمديد للبعثة لعام بالإجماع، إلا أن طريقها ليس ممهدا وميسرا، والتأزيم الذي تواجهه يزيد من ارتباكها وتخبطها، ما يعني أن حظوظها في إحراز تقدم في الأزمة الليبية لن يكون مختلفا عن سابقاتها.
من جهة أخرى، فإن التشبيك مع القوى
الاجتماعية والسياسية والعسكرية وكسب ولائها يسهم في تعزيز الموقف التفاوضي للرجمة
محليا ويساعدها في تحصيل المكاسب التي تسعى ورائها من حوارها حول تشكيل حكومة
جديدة والذي بحسب بعض المصادر المطلعة يجري بين سلطتي الواقع في غرب وشرق البلاد.
البعثة تركز اليوم، أمام التعثر في خارطتها،
على ما أطلق عليه "الحوار المهيكل"، والذي لم تتضح مملامحه بشكل جلي
بعد، فالغاية هي جمع عدد من الفواعل السياسية والاجتماعية والمجتمعية وحتى
العسكرية للحوار حول القضايا العالقة، لكن لم تتحدد الطريقة التي سيتم من خلالها
اخيتار أعضاء الحوار المهيكل، كما لم تحسم صلاحيات هذه الألية، وإذا ما ستتحول إلى
بديلا عن المسار السياسي الذي يعنى به المجلسان، النواب والأعلى للدولة.
برغم الدعم الظاهر للبعثة من قبل مجلس الأمن
والذي كشف عنه التمديد للبعثة لعام بالإجماع، إلا أن طريقها ليس ممهدا وميسرا،
والتأزيم الذي تواجهه يزيد من ارتباكها وتخبطها، ما يعني أن حظوظها في إحراز تقدم
في
الأزمة الليبية لن يكون مختلفا عن سابقاتها.