آخر المستجدات حول جهود البعثة الأممية
لتحريك الجمود الليبي هو التلويح بعقوبات تفرض على المعرقلين للمسار السياسي، هذا
ما قالته المبعوثة الأممية، "هانا تيتيه" في آخر تصريحاتها التي تسبق
إحاطتها عن المسألة الليبية أمام مجلس الأمن، وهو ما أشارت إليه نائبتها
"ستيفاني خوري" في لقائها مع وفد كل من مجلس النواب والأعلى للدولة
المعنيين بالتفاوض حول المناصب السيادية، وذلك إثر تعثر تفاوضهما حول إعادة تشكيل
مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات، الذي هو أحد الركائز الثلاث التي جعلتها
خارطة طريق البعثة الأساس لتمهيد الطريق للانتخابات العامة.
التهديد بفرض عقوبات على المعرقلين بات
ممجوجا لفرط استخدامه من قبل البعثة، وسبق أن فرضت عقوبات على الطبقة السياسية في
أعلى مراتبها دون جدوى أو أثر مباشر يذكر، وما لم يكن للتهديد مضمونا مختلفا عن
سابقيه، فإنه سيضاف إلى سلفه ليستمر عبث المعرقلين ويصبح هو سيد الموقف.
البعثة تواجه صعوبات تحول دون لعبها دورا رئيسيا ومباشرا في التقدم خطوات صحيحة نحو الحل، وتقرير الأمين العام لمجلس الأمن حول ليبيا والذي نشر الأيام القليلة الماضية يسلط الضوء على الأسباب الرئيسية لتخلف البعثة عن مهمتها، وفشلها في تحقيق انفراجة في الأزمة الليبية.
والحقيقة أن البعثة تواجه صعوبات تحول دون
لعبها دورا رئيسيا ومباشرا في التقدم خطوات صحيحة نحو الحل، وتقرير الأمين العام
لمجلس الأمن حول
ليبيا والذي نشر الأيام القليلة الماضية يسلط الضوء على الأسباب
الرئيسية لتخلف البعثة عن مهمتها، وفشلها في تحقيق انفراجة في الأزمة الليبية.
تضمن التقرير أربع أسباب رئيسية حالت دون
الدور الفعال للبعثة، الأول يتعلق بالعثة ذاتها، والأسباب الثلاثة الأخرى لا تتحمل
مسؤوليتها البعثة وهي: صعوبة الظرف الداخلي، والتدخلات السلبية للأطراف الأقليمية
والدولية، وعدم فاعلية المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن.
التقرير أشار بوضوح إلى عدد من النقاط تتعلق
بعجز البعثة عن أداء مهمتها بنجاح أهمها هيكل البعثة الذي لم يساعد على تحقيق
التناغم والتكامل بين أقسامها ومكاتبها، وقوع البعثة في شرك ردود الفعل وإدارة
الأزمة، وغياب التراكم بين مبعوثيها الذين بلغ عددهم نحوعشرة مبعوثين.
وأمام خلل الهيكل والوقوع في شرك ردود الفعل
فإن الوضع الداخلي الليبي كان شديد التعقيد بالشكل الذي أسهم في أن يتحول أداء
البعثة إلى إدارة أزمة، وليس وساطة مستدامة وفق
خطة محكمة وأداء متراكم، ذلك أن
أطراف النزاع الليبي يعانون من غلبة النزعة المصلحية الخاصة التي تتقدم على
المصلحة العامة، وهذا التقييم اتفق فيه جل، إن لم يكن كل، المبعوثين الأمميين
الذين تعاقبوا على ليبيا. يضاف إلى ذلك افتقارهم إلى الوعي الكافي لفهم تعقيدات
الأزمة ومآلاتها والحلول الصائبة لتجاوز المنزلق الخطير الذين ينحدر إليه الجميع.
البعثة إذاً في حالة عجز، وتحتاج إلى إعادة هيكلة ودعم حقيقي من قبل مجلس الأمن، وهو ما لا يمكن توقعه أو التعويل عليه في المدى القريب، لهذا ستكون فرص الحل من خارجها، عبر تدخل طرف دولي وازن، هو الولايات المتحدة
وهناك أيضا التدخلات الخارجية، الاقليمية
والدولية، والتي أصبحت مكونا أصيلا من مكونات الأزمة الليبية، إلى درجة اختلاط
مواقف ومصالح الفرقاء الخارجيين مع أطراف النزاع المحليين، وتفكيك المسار السياسي
المتعثر منذ الانقسام السياسي، يكشف عن أثر بارز للتدخل الخارجي كعامل من عوامل
التأزيم، وليس العكس.
التقرير أشار أيضا إلى الدور غير الفعال
للمجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن، والذي كان خلافه حول كيفية حل الأزمة الليبية
أحد أسباب استمرارها، ومعلوم أن اختيار المبعوث الخاص كان ولا يزال محل تجاذب بين
الدول المتمتعة بحق النقض، وأن القرارات التي ربما تسهم في كسر الجمود من خلال
الضغط على الفرقاء الليبيين المعنيين بحل الأزمة عادة ما تواجه برفض من داخل
المجلس، فتصبح البعثة بلا دعم حقيقي وضغط فعال لدفع المسار السياسي إلى الامام.
البعثة إذاً في حالة عجز، وتحتاج إلى إعادة
هيكلة ودعم حقيقي من قبل مجلس الأمن، وهو ما لا يمكن توقعه أو التعويل عليه في
المدى القريب، لهذا ستكون فرص الحل من خارجها، عبر تدخل طرف دولي وازن، هو
الولايات المتحدة، وهو ما يترقبه المتطلعون لإنهاء الوضع الراهن، ويحذره المتشبثون
بالمناصب العليا، وحالة اليتم هذه المسؤول عنها الليبيون أنفسهم، وفي المقدمة منهم
الطبقة المتنفذة، وسيستمر الوضع الراهن، ويتسبب في مزيد من التدهور إلى أن تقع هزة
قوية يحركها الشارع ويتفاعل معها المجتمع الدولي ويخضع لها المعرقلون.