كتاب عربي 21

ما يمكن أن يقال حول اتفاق الحكومة والردع في ليبيا

السنوسي بسيكري
أطراف النزاع في وضع حرج على مستوى الشرعية والمصداقية بالنسبة للجموع المتدخلة في النزاع.. الأناضول
أطراف النزاع في وضع حرج على مستوى الشرعية والمصداقية بالنسبة للجموع المتدخلة في النزاع.. الأناضول
لم يصدر عن الجهات المعنية اي توضيح وتفصيل عن الاتفاق بين حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع، وتناقلت مصادر إعلامية وأخرى مطلعة نقاطاً رئيسية مثلت أساس التفاهمات دون تأكيدات من أطراف النزاع.

المصادر المقربة للحكومة او الداعمة لخيار تحجيم جهاز الردع تحدثت عن نجاح الضغوط التي أدت إلى قبول الجهاز بمطالب وشروط الحكومة ومن يؤيدها والتي اهمها الانسحاب من مطار امعيتيقة واخضاع السجون التابعة للردع للنيابة العامة وتسليم المطلوبين ورفع اليد عن "الشرطة القضائية" والخروج من عدد من المقرات، فيما تحدث الداعمون للردع والرافضون للحكومة عن إجراءات تطال كافة التشكيلات في طرابلس وغيرها من مدن الغرب الليبي، بمعنى ان الإجراءات التصحيحية، ان صحت التسمية، لا تقتصر على الردع وإنما تعم الجميع، كما أن الردع يشترط أن لا يستبدل نفوذه وانتشاره لصالح من يعتبرهم خصوم، والإشارة هنا الى اللواء 444 وجهاز الأمن العام.

لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن الخطوات التنفيذية للاتفاق، غير أن تحركات في المطار تدل على السير في اتجاه ما تناقلته المصادر الاعلامية والمطلعة،  كذلك الانسحاب من بعض المقرات الأخرى وتسليم السجون، الا ان نقطة الشخصيات المطلوبة من قبل الحكومة ما تزال محل جدل، أيضا طبيعة القوة او الجهة التي تحل محل الردع في المطار والمقرات الأخرى لم تصل إلى مستوى ينهي الخلاف حول تبعيتها وادارتها.

المهم في الاتفاق أنه قطع الطريق على خيار الحرب في العاصمة، فبرغم اندفاع الحكومة ومن يواليها لاستخدام القوة لتحقيق مطالبها وإعلان الردع وداعموه عن الجاهزية للمواجهة المسلحة، إلا أن السيناريو الذي فرض نفسه كان الجنوح للحل السلمي،  وهنا يبرز أثر الوساطة ويتجلى تأثير التدخل التركي بشكل مباشر على خط النزاع.

المهم في الاتفاق أنه قطع الطريق على خيار الحرب في العاصمة، فبرغم اندفاع الحكومة ومن يواليها لاستخدام القوة لتحقيق مطالبها وإعلان الردع وداعموه عن الجاهزية للمواجهة المسلحة، إلا أن السيناريو الذي فرض نفسه كان الجنوح للحل السلمي، وهنا يبرز أثر الوساطة ويتجلى تأثير التدخل التركي بشكل مباشر على خط النزاع.
الأتراك لا يريدون للوضع أن يتفجر في العاصمة  فهذا مدعاة لتطورات أخطر من بينها احتمال توسع الصراع باستغلال حفتر للحالة عبر تدخل عسكري مباشر، وقد تحدثت المبعوثة الاممية عن ذلك بشكل صريح وحذرت منه. كما يمكن أن يفهم من اتجاه الوساطة التركية أن الثقة بين الأتراك وحكومة الوحدة ورئيسها عبد الحميد ادبيبة ليست في مستوى جيد وربما يرجع إلى سياسة ادبيبة في تنويع العلاقات وتعدد التحالفات وتقاطع المصالح مع أطراف إقليمية بشكل لا ترضى عنه انقرة. أيضا يستفيد الأتراك من هذه الوساطة على المستوى الدولي بإرسال رسالة مفادها أن الحضور التركي في الازمة الليبية بناء ويخدم توجهات المجتمع الدولي في ليبيا والتي يأتي في مقدمتها استدامة وقف إطلاق النار ومنع الحروب.

غير أن التحدي أمام الاتفاق كبير ويعود إلى الطبيعة المعقدة للوضع السياسي والامني وما يمليه هذا التعقيد من تطورات اجتماعية ومجتمعية تسير في ركاب التأزيم وليس العكس.

أطراف النزاع في وضع حرج على مستوى الشرعية والمصداقية بالنسبة للجموع المتدخلة في النزاع، فالحكومة التي تدافع عن مطلب مشروع ومنطقي وهو خضوع الردع لسلطتها كونه جهاز تنفيذي، تواجه حرجا في سكوتها عن تشكيلات أخرى لها نفوذ خارج سلطة الحكومة، كما انها فقدت الكثير من التأييد بسبب ممارسات تتعلق بالفساد والعلاقة غير المفهومة مع بعض النافذين في الشرق.

من جهته فإن جهاز الردع استمر في خيار تعزيز النفوذ بعيدا عن السلطات العليا، وملف السجون والسجناء بدون إجراءات قانونية دليل على ذلك،  يضاف اليه ممارسات بعض قياداته والتي انتهت إلى أن يكونوا مطلوبين للعدالة الدولية.

يضاف إلى ذلك القوى المتعددة في طرابلس ومصراتة والزاوية والتي ما تزال تتمتع بنفوذ خارج الحكومة وبعضها يتورط في ممارسات مشين.

هذا الوضع يمكن أن يتسبب في تقليل النتائج المرجوة من الاتفاق، بل ربما إفشاله خاصة إذا تعثر المسار السياسي الذي ترعاه البعثة الاممية، عندها سيكون الوضع قابل للاشتعال ويسمح بتوسع المواجهات بدخول أطراف من خارجة العاصمة فيه.
التعليقات (0)

خبر عاجل