تتزايد المخاوف في الأوساط
الإسرائيلية من خسارة "الإنجاز العسكري" بسبب رفض حكومة
الاحتلال إبرام تسوية مع دمشق تهدف إلى "تحويل النفوذ العسكري إلى خطوة استراتيجية واسعة"، بما يشمل تطبيع العلاقات مع
تركيا على المدى القريب، وفتح آفاق للتطبيع الكامل مع
سوريا على المدى البعيد.
وذكر الكاتب في صحيفة "
يديعوت أحرونوت" يوناثان أديري، أن "التطورات الدراماتيكية في سوريا، وإمكانية إبرام اتفاقية أمنية مع النظام الجديد فيها، يشكل لحظةً حاسمةً لدولة إسرائيل، لأنه من الناحية الظاهرية، تُمثّل هذه فرصةً لاستقرار حدودها الشمالية، وتحسين النظام الأمني بشكل ملحوظ، لكنّ نظرةً أعمق تكشف أنّ المفاوضات الحقيقية لا تُجرى مع دمشق، بل مع القوة الحقيقية التي تُحرّك الخيوط من وراء الكواليس، وهي أنقرة".
وأضاف أديري، في مقال ترجمته "عربي21" أنه "من المهم أن نفهم قوة النفوذ الذي تتمتع به إسرائيل حاليًا، فعلى مدار الـ24 شهرًا، غيّرت سلسلة العمليات العسكرية الدقيقة الخريطة الاستراتيجية في الشمال تمامًا، حيث تضرّرت قدرات إيران وحزب الله على التمركز بشكل بالغ، وتعرّضت البنى التحتية العسكرية لتدمير ممنهج، وفقد جيش الأسد المتفكك كل قدراته العملياتية المهمة، ونتيجة لذلك، تتمتع إسرائيل الآن بتفوق استخباراتي وعسكري مطلق في الساحة، ويتحكم فعليًا في القدرة على تثبيت، أو زعزعة استقرار أي نظام مستقبلي في دمشق".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أن "هذا النفوذ هو المورد الرئيسي الذي تقدّمه إسرائيل لطاولة المفاوضات، ولم يبقَ الفراغ الذي نشأ في سوريا فارغًا، فقد أدركت تركيا، بقيادة استراتيجية لوزير الخارجية هاكان فيدان، الفرصة، ودخلت بقوة، لذلك فإن التحرك في سوريا ليس حدثًا معزولًا، بل جزء من سلسلة نجاحات مبهرة ترسخ مكانتها كقوة إقليمية، ففي ليبيا، تدخلت عسكريًا، وحصلت على حكومة متعاطفة، واتفاقية اقتصادية بحرية، وفي الصومال، عززت وجودها، وحصلت على إمكانية الوصول للموانئ والموارد".
وأكد أنه "قبل بضعة أسابيع، كشفت شركة المعادن الوطنية التركية عن مستودع نفطي بقيمة تريليوني دولار قبالة سواحل الصومال، مما يعني أن صعود وكيل تركي في دمشق للسلطة يُكمل "مثلث النفوذ" الذي يُمكّن أنقرة من تثبيت استقرار حدودها الجنوبية، والتحرك نحو ساحات أخرى، لاسيما الساحة البحرية في البحر المتوسط، وبالتوازي مع تعزيزها الإقليمي، لا ينبغي تجاهل موقف تركيا الراسخ في واشنطن".
وأضاف أنه "رغم اختلاف الآراء، ترى واشنطن في أنقرة شريكًا حيويًا، وعضوًا رئيسيًا في حلف الناتو، وتوضح التصريحات الأخيرة لكبار المسؤولين الأمريكيين هذا الأمر جليًا، فهذا الأسبوع، على هامش الجمعية العامة، وصف كبير المستشارين ستيف ويتكوف اجتماعه مع الرئيس أردوغان بأنه "شرف عظيم لمناقشة قضايا إقليمية جوهرية مع قائد ذي رؤية"، وأكد المبعوث الخاص توم براك أن "الحوار البناء مع حلفائنا الأتراك مفتاح الاستقرار من البحر الأسود إلى بلاد الشام".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "هذا الوضع يمنح أنقرة مساحة سياسية واسعة، ويُظهر بوضوح أنها طرف ينبغي على إسرائيل السعي لتعاون عميق معها، لا إلى مواجهة، حتى قبل اجتماع ترامب وأردوغان، كان هناك نقاش حول عودة تركيا لبرنامج شراء طائرات إف 35 المقاتلة، وتُتيح الظروف الراهنة فرصةً نادرةً لطي صفحة العلاقات، فإلى جانب مصلحة تركيا بالهدوء على حدودها الجنوبية، فإن تل أبيب وأنقرة تجمعهما مصالح مشتركة واسعة وعميقة، ويمكنهما، بل ينبغي، أن يكونا حليفين استراتيجيين".
وزعم الكاتب أن "أنقرة وتل أبيب تطمحان لكبح الهيمنة الإيرانية، وكلاهما مواليتان للغرب في بيئةٍ متقلبة، رغم أن الأولى أوضحت في السنوات الأخيرة اتجاهها نحو الهيمنة الإقليمية الإسلامية بدلاً من الاندماج مع الاتحاد الأوروبي، ويمكن لكليهما الاستفادة بشكل كبير من التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والتكنولوجيا، وسيُشكل هذا التحالف محور استقرار وقوة في الشرق الأوسط، وسيخدم مصالحهما مع الولايات المتحدة، ولكن قبل الوصول لذلك، يجب إفساح المجال، وإكمال عملية تطبيع كاملة في علاقاتهما".
وأضاف أن "أي اتفاق مع السوريين يكون هدفه الوحيد الهدوء هو هدية لتركيا تُمكّنها من مواصلة استراتيجيتها دون تعويض، والطريق الصحيح هو توسيع نطاق النقاش، وعلى إسرائيل أن تُطالب الولايات المتحدة، الوسيط، بجلبها لطاولة المفاوضات، وصياغة حزمة شاملة، بحيث يكون المقابل الإسرائيلي للسلام في سوريا خطوة تركية شاملة: تطبيع كامل، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، وتجديد التعاون الاقتصادي".