كتب اللواء "احتياط" إسحاق بريك في جيش الاحتلال
الإسرائيلي مقالا تحليليا، يحذر فيه كل من يتجاهل الواقع ويتبنى مواقف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين بلا نقد.
وقال اللواء بريك إن الهدف من مقاله هو رسم صورة شاملة للمخاطر الاستراتيجية التي تواجه إسرائيل من الدول المعادية المحيطة بها، وإبراز التهديدات التي ما زال كثيرون يتجاهلونها حتى الآن، محذِّراً من أن افتراض الانتصار الكامل على خصوم مثل حزب الله أو
إيران أو
سوريا أو حماس، أو اعتبار الاستقرار مع مصر والأردن أمراً مفروغاً منه، لا يعكس تعقيد الواقع.
وبحسب بريك في مقاله بصحيفة "معاريف"، فإن التصرف بصوت مرتفع وإهمال الاستماع يُبعدان عن فهم جوهري للتحديات، وأن قلة الكلام وزيادة الإنصات قد تفضي إلى تقييمات أمنية أكثر واقعية.
واستشهد بالمثل: "حتى الأحمق الذي يصمت يُعتبر عاقلًا"، في إشارة إلى الأهمية البالغة لفهم التحديات الإقليمية بعمق.
استعداد حزب الله الحرب
يقول بريك إن حزب الله يواصل تعزيزه وقدراته رغم الأضرار التي لحقت به، وأن الأمين العام الحالي نعيم قاسم يعارض نزع سلاح المنظمة، وذكر أن الحكومة اللبنانية، بتأثير ضغوط أميركية، أقرت في آب/أغسطس 2025 جدولا زمنيا لنزع سلاح حزب الله ونقل الأسلحة إلى الجيش اللبناني، لكن حزب الله رفض هذه الخطة.
ويستشهد بريك بتقييم استخباراتي أميركي مفاده أن المنظمة استعادت نحو 25 بالمئة من بنيتها التحتية المدنية والعسكرية خلال الشهر الماضي، وأن الهدوء الظاهر جزء من استراتيجية لاستعادة القوة، لا دلالة على محايدتها.
التهديد الذي تشكله تركيا والنظام الجديد في سوريا لإسرائيل
يحذر الكاتب من أن التعاون العسكري بين
تركيا والنظام السوري الجديد يرفع من مستوى التهديد لإسرائيل. ويعدّ بريك أن وجود وحدات تركية وميليشيات موالية لها داخل سوريا، ومذكرات التفاهم الأمنية، والقواعد المشتركة مثل منبج، والتحضيرات لتوريد أسلحة وتدريب للجيش السوري الجديد، تحول سوريا إلى ساحة اشتباك إقليمي قد تتجه نتائجه ضد إسرائيل.
ويشير بريك إلى تفوّق تركيا في عناصر القوى البحرية والبشرية وتطوير منظومات صاروخية ذات مدى متزايد، مع تحذيره من أن هذه القدرات قد تُوجَّه نحو إسرائيل مستقبلاً، وأن تصريحات قيادات تركية تصاعدت إلى حدّ دعوات عدائية، ما يلزم إسرائيل باستعادة صوابها واستعدادها لمواجهة محتملة مع تركيا وسوريا.
التهديد الذي تتعرض له إسرائيل من الحدود الأردنية
ينبه بريك إلى طول الحدود الإسرائيلية الأردنية (حوالي 309 كلم) واحتمال استغلالها لتمركز خلايا إرهابية مدعومة إيرانياً، ما قد يتيح هجمات تسلل وعمليات تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية. ونقل عن مصدر أمني أردني أن نشاط النفوذ الإيراني (تمويل، تجنيد، نفوذ) تضاعف ثلاث مرات خلال ثلاث سنوات، وأن حماس وحزب الله قد يسهّمان في نقل دعم إلى عناصر داخل الأردن، بهدف إنشاء جبهة بديلة إذا فقدت إيران السيطرة على جنوب لبنان.
التهديد المصري لإسرائيل
ويشير بريك إلى أن الجيش المصري يتدرب على احتلال دولة إسرائيل، فهو يحتفظ في سيناء بقوات أكبر بأربع مرات مما يسمح به اتفاق السلام، ويُنشئ بنى تحتية لعبور الجيش المصري فوق قناة السويس ومن تحتها، حيث الحديث يدور عن أكثر من مئة معبر، ويُنشئ بنى تحتية داخل سيناء كتحضير لحرب ضد إسرائيل.
ويقدر بريك أن الجيش المصري يجري تجهيزات قد تتيح له تنفيذ عمليات عبور كبيرة عبر قناة السويس، وأن سيناء تحتوي قوات وبنى تحتية أكبر مما تسمح به اتفاقية السلام، فضلا عن تمارين بحرية مصرية تركية مشتركة ضخمة تعد تهديدا استراتيجيا.
ويرى أن مصر تقود مبادرات عربية لتشكيل قيادة دفاعية مشتركة، وأن العلاقة مع إسرائيل صارت على ورق بلا مضمون حقيقي.
التهديد الإيراني لإسرائيل بعد الضربة التي تلقتها في حرب الأيام الاثني عشر
يرى بريك أن ضربات حزيران/يونيو 2025 ألحقت أضراراً جسيمة بقدرات إيران النووية والصاروخية، وربما أخلّت ببرنامجها النووي لمدّة بضعة أشهر إلى عام. ومع ذلك، تواصل إيران إعادة بناء قدراتها: استئناف تجارب الصواريخ، تطوير صواريخٍ ثنائية القطبية وقابلة للمناورة، وتحسين دفاعاتها الجوية والرادارية.
ويشير إلى أن المنشآت في نطنز وأصفهان تعرضت لأضرار، وأن التقديرات تشير إلى أن إيران قد تصل إلى وضع "على عتبة نووية" خلال عام إذا قررت ذلك، مع استمرار تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية "حوالي 60 بالمئة وأحيانا أقرب إلى 90بالمئة" التي تتجاوز الاحتياجات المدنية، ما يثير مخاوف دولية ويقابلها مفاوضات أوروبية تهدف إلى اتفاق جديد، في ظل تهديدات إيرانية بالانسحاب من معاهدة منع الانتشار إذا فعّل الغرب آلية العقوبات.
التهديد المتنامي في يهودا والسامرة
يشدد بريك على ارتفاع مخاطر التفجر في يهودا والسامرة، مستنداً إلى مقابلات مع مئات فلسطينيين تُظهر شعوراً بأن "اليوم قادم" وأن تقوية عناصر مثل "فتيان التلال" قد تشعل المنطقة. ويورد أن شعوراً بضعف الجيش وإهمال جنود قادمين من الوسط قد يعزّز هروب المستوطنين وهلعهم، ما سيترك جيشاً مرتبكاً ومستوطنين عرضة للخطر، ويؤدي إلى حرب شاملة إن لم تُحتوَ المسألة مبكراً.
التهديد الذي تتعرض له الجبهة الداخلية الإسرائيلية
يذكر بريك بأحداث "حارس الأسوار" 2021 ويبين أن عدم وجود قوة مدنية دفاعية مناسبة مثل حرس وطني واسع يجعل الداخل عرضة لاندلاع عنف واسع النطاق. ويعزو ذلك إلى استمرار التوترات الاجتماعية والاقتصادية، ونشاط عناصر متطرفة وتحريض، وعدم تنفيذ قرار إنشاء قوة مدنية فعّالة.
وأشار اللواء إسحاق بريك في نهاية مقاله إلى أن المؤسسات السياسية والعسكرية غير منخرطة بما يكفي في إعادة تأهيل الجيش وإعداده لمواجهة التهديدات في الدوائر الثلاث المحيطة بإسرائيل، وأن تركيز الجهود على مستنقع
غزة منذ عامين أوقع الجيش في فخ متهور يقوّض قدرته على مواجهة التهديدات الحقيقية الناشئة بوتيرة متصاعدة. ويُحذّر من أن الاستمرار في هذا المسار قد يؤدي إلى تآكل القدرة الوطنية وتعريض الدولة لتهديد وجودي متنامٍ.