نشرت صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريرًا سلطت خلاله الضوء على تنسيق جهود لإجلاء سكان غزة إلى الخارج من قبل جهات غامضة وذات صلة محتملة بحكومة الاحتلال الإسرائيلي في سياق سياسات تشجيع الهجرة الطوعية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه خلال الأسابيع الأخيرة وصل عشرات من سكان قطاع غزة المدمّر بفعل الحرب إلى بريتوريا على متن رحلات جوية، تقف وراءها جهة ذات طبيعة تنظيمية مبهمة، تُتهم بأنها تعمل على نقل الفلسطينيين إلى الخارج.
اظهار أخبار متعلقة
وتضيف الصحيفة أن جنوب أفريقيا اتهمت إسرائيل بالتخطيط لتهجير الفلسطينيين إلى دول مختلفة من العالم، وذلك بعد وصول 153 غزّيًا عبر طائرة مستأجرة من دون وجود أختام خروج إسرائيلية على جوازات سفرهم، وقد تعهّد الرئيس سيريل رامافوزا بحل هذا اللغز.
وقد بقي الركاب محتجزين داخل الطائرة لمدة اثنتي عشرة ساعة قبل السماح لهم بالنزول، عقب التزام منظمة "هبة الواقفين" بتوفير الرعاية لهم، ووفقًا للمنظمة، دفع الفلسطينيون 2000 دولار لمنظمة "المجد أوروبا" مقابل مغادرة قطاع غزة، الذي أنهكته حرب دامت حوالي سنتين، من جانبها، نقلت وكالة فرانس برس عن سارة أوستويزن وهي عضوة في منظمة "هبة الواقفين": "قيل لنا إنهم وُعِدوا بالحصول على شكل من أشكال الأمان في بلد سيستقبلهم". وأوضحت أن الركاب لم يكونوا على علم بأن وجهتهم النهائية ستكون جنوب أفريقيا.
وبحسب ما أعلنته الحكومة الجنوب أفريقية، فقد غادر هؤلاء الغزّيون القطاع في حافلة، قبل أن يخضعوا لإجراءات تفتيش أمني عند معبر كرم أبو سالم، ثم نُقلوا إلى مطار إيلات جنوب دولة الاحتلال، ومن هناك أقلّتهم رحلة أولى إلى عاصمة كينيا نيروبي، قبل أن يستقلّوا رحلة مواصلة إلى جوهانسبرغ، وأفادت منظمة "هبة الواقفين" بأن هذه ليست المرة الأولى التي تُنقل فيها مجموعة مماثلة، إذ وصل 176 غزّيًا في الثامن والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وذكرت الصحيفة أن المعلومات المتوفرة عن المنظمة الغامضة "المجد أوروبا" شحيحة، ووفقًا لموقعها الإلكتروني، تأسست في ألمانيا سنة 2010، وتتخصص في تقديم جهود المساعدة والإنقاذ للمجتمعات المسلمة في مناطق النزاع والحرب، وتؤكد المنظمة أن مقرها الرئيسي يقع في حي الشيخ جراح بالقدس المحتل.
ومع ذلك، فإن أرقام الهواتف المتاحة لا تستجيب، ويظهر على الموقع اسم شخصان فقط، عدنان ومؤيد، بوصفهما المسؤولين الرئيسيين، ورغم البحث المكثف في المصادر المفتوحة، لم يُعثر على أي أثر لهما، ويشير الموقع إلى أنه سيتم الإعلان عن المنظمات التي يتعاون معها قريبًا.
ووفق تحقيق مطوّل أجرته صحيفة هآرتس العبرية، قد تكون منظمة "المجد أوروبا"، مجرد واجهة إسرائيلية، فقد كلّفت مديرية الهجرة الطوعية - التابعة لوزارة الحرب والمختصة بتهجير الفلسطينيين - المنظمة تحضير هذه الرحلات بالتنسيق مع منسق الأنشطة الحكومية في الأراضي المحتلة، ويُذكر أن هذا المكتب أُنشئ في آذار/ مارس 2025 لتسهيل
تهجير الفلسطينيين، بعد أشهر من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن استعداده للسيطرة على قطاع غزة ورغبته في نقل سكانه مؤقتًا خلال فترة إعادة الإعمار، وهو ما قوبل برفض شديد من الدول العربية، لا سيما الأردن ومصر.
وبحسب موقعها، تقدم "المجد أوروبا" خدمة الإخلاء فقط "لسكان غزة الموجودين داخل القطاع"، وذلك عبر شركة مسجلة في إستونيا باسم "تالينت غلوبوس"، وبحسب هآرتس، يترأس الشركة تومر جانار ليند، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية والإستونية، ولم يرغب في الإدلاء بأي تعليق، لكنه لم ينفِ تورطه في تنظيم مغادرة الغزّيّين.
اظهار أخبار متعلقة
وعلى الرغم من عدم إمكانية تأكيد ارتباط المنظمة بالحكومة الإسرائيلية، فإن الأخيرة لم تخفِ أبدًا رغبتها في تشجيع ما تروج له تحت مسمى "الهجرة الطوعية للفلسطينيين"، ففي كانون الثاني/ يناير 2024، صرّح رئيس حزب "الصهيونية الدينية" ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قائلاً: "إذا تصرفنا بشكل إستراتيجي وشجعنا الهجرة، فإن وجود 100 ألف أو 200 ألف عربي في غزة بدلًا من 2 مليون سيغير تمامًا الخطاب بعد الحرب".
كما دعا زعيم حركة "القوة اليهودية" ووزير الأمن إيتمار بن غفير، في نهاية كانون الثاني/ يناير من نفس العام إلى تشجيع ما وصفها "الهجرة الطوعية"، وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن استطلاعًا نشرته هآرتس في أيار/مايو الماضي يشير إلى أن 82 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون طرد سكان غزة.