نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا
أعدته هايدي ليفين، ولويزا لافلاك، وليؤر سوروكا، من بلدة جبع في
الضفة الغربية،
تناولوا فيه خروج المستوطنين عن السيطرة وزيادة هجماتهم ضد الفلسطينيين، فيما زعمت الصحيفة أن المسؤولين
الإسرائيليين يبذلون "جهودا حثيثة" لاحتواء موجة الهجمات
الاستيطانية الأخيرة في جميع أنحاء الضفة الغربية.
وأضافت الصحيفة المسؤولين حذروا من المزيد من العنف الذي
يستهدف القرى والبلدات الفلسطينية، حيث قام المستوطنون بأعمال شغب في القرى
المحلية وضرب السكان وإحراق مسجد، وأظهرت الهجمات، التي نفذتها
عصابات جوالة من الرجال والفتيان الملثمين، مدى سماح الحكومة الإسرائيلية
للمستوطنين اليهود بالعمل دون عقاب، كما كشفت عن صدع عميق بين أكثر
المستوطنين الإسرائيليين تطرفا، الذين يعتقدون أن لهم حقا (إلهيًا) في الأرض وقطاعات
في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي ترى أن العنف مزعزع لاستقرار الدولة.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضحت أنه في الأيام الأخيرة، أدان كبار المسؤولين
الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس،
ما وصفوه بـ"حوادث عنف ارتكبتها مجموعة صغيرة من المتطرفين"، وتعهد كاتس بتخصيص المزيد من الأموال والموارد لمبادرة وزارة الحرب التي قال إنها تسعى إلى "الحد من الهجمات من خلال الحوار".
وذكرت أن "أعضاء حاليين وسابقين من
النخبة السياسية والأمنية الإسرائيلية دقوا ناقوس الخطر بشكل عاجل، وبدلا من ذلك
ألقوا باللوم على الحكومة لسن سياسات قالوا إنها إما شجعت عنف المستوطنين أو سمحت
له بالانتعاش"، وقال إسرائيل زيف، وهو جنرال متقاعد شغل منصب رئيس مديرية العمليات
في جيش
الاحتلال: "تحصد إسرائيل ما زرعته: أي السياسة العنصرية المتمثلة
في دفع الفلسطينيين وإيذائهم، مع منح الإرهاب اليهودي حرية كاملة في العمل"، وأضاف: "من خلال سياسات صريحة من جهة والصمت من جهة أخرى، رفض الإدانة ورفض
التصرف، فقدت (الدولة) السيطرة".
وقدمت الحكومة اليمينية
الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو، دعما كبيرا لتوسيع المستوطنات في الضفة
الغربية واتخذت خطوات مهمة لضمان احتفاظها بالسيطرة على معظم الأراضي، وبينما
وافقت الحكومة على مشاريع الإسكان وغيرها من مشاريع البنية التحتية للمستوطنات
الإسرائيلية بمعدل قياسي، زادت أيضا من هدم الممتلكات الفلسطينية، ومنحت أولوية
قليلة للتحقيق في الهجمات على الفلسطينيين، وفقا لجماعات حقوقية تراقب الأوضاع.
ومع تشديد الحكومة قبضتها على
الضفة الغربية، فقد تجاوز ت عدد الهجمات التي يشنها المستوطنون أو الجنود الإسرائيليون
على المجتمعات الزراعية الفلسطينية في عام 2025 أي عام منذ أن بدأت الأمم المتحدة
في تسجيل الهجمات في عام 2006، وشهد موسم حصاد الزيتون السنوي،
الذي يقترب الآن من نهايته، قيام عصابات من المتطرفين اليهود بإحراق السيارات ونهب
المعدات الزراعية وتخريب أكثر من 5,700 شجرة وشتلة يزرعها الفلسطينيون في 87 بلدة
وقرية.
وفي يوم الخميس، أحرق المستوطنون
وخربوا العديد من المساجد في قرية دير استيا بالضفة الغربية، على بعد حوالي خمسة أميال شمال
غرب مستوطنة أرييل، وكتبوا رسالة إلى رئيس القيادة المركزية للجيش قبل مغادرتهم:
"لسنا خائفين، سنعود يا آفي بلوث"، وفي جنوب الضفة الغربية يوم الإثنين، أثارت
خطوة نادرة من الجيش لتفكيك بؤرة استيطانية غير قانونية تابعة لمستوطنة أكبر
اشتباكات مع قوات الأمن، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.
في غضون ساعات، هاجمت عصابات من
الشبان قريتين فلسطينيتين مجاورتين، وأحرقت الممتلكات واعتدت على السكان بالضرب، وأفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن الهجوم على قرية أم البطم، الواقعة أسفل بؤرة تسور مسغافي
الاستيطانية، بدأ بينما كانت قوات الأمن لا تزال متمركزة أعلى التل، وذكرت "هآرتس"
أن إحدى المجموعات اقتحمت منزل امرأة تبلغ من العمر 66 عاما وضربتها بالعصي، ثم جاء دور قرية جبع الفلسطينية،
جنوب غرب بيت لحم، حسبما قال السكان.
واستذكر "موسى مشاعلة" لحظة سماعه المهاجمين يقتربون
من منزله، وقال إنه شاهد من خلال كاميرات المراقبة رجالا ملثمين يحرقون سيارته
ويرشقون المبنى بالحجارة، وفي المجمل، قال محمد أبو صبحية،
عضو المجلس المحلي، إن المستوطنين أحرقوا أربع سيارات ومبنيين، وقال أبو صبحية: "أحدهم قال لابنة أخي إنهم
سيعودون ويحرقون منزلنا"، وأحد كتاباتهم تقول: "اليهودي لا يطرد
اليهودي".
وقال الأهالي إن الجيش حضر في
الساعة السابعة مساء، بالتوقيت المحلي، بعد ساعات من مغادرة المستوطنين. وقال أبو
صبحية: "يبعد حاجز الجيش مئة متر عن قريتنا، لو كان الجيش معنيا بمنع
الحادثة، لتمكن من منعها"، وأصدر الجيش بيانا قال فيه إنه يقوم بعملية بحث
عن المتورطين في الهجمات، إلا أن المراقبين السياسيين شددوا مجددا على دور الحكومة
في تأجيج الصراع.
اظهار أخبار متعلقة
وقالوا إن وزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، ووزير المالية،
بتسلئيل سموتريتش، شخصيتين رئيسيتين في مساعي ضم المنطقة، وعلق زيف، الجنرال
المتقاعد: "إنهم يثيرون المخاوف - ثم فجأة يشعرون بالخوف مما صنعوه
بأنفسهم"، وقال عوفر شيلح، وهو عضو سابق في البرلمان
وباحث الآن في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن : "تصاعد العنف جاء لأن
الجناة يشعرون بأن الحكومة تقف إلى جانبهم"، وأضاف شيلح، في إشارة إلى
جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: "أضف إلى ذلك ضعف الشرطة وقيادتها ومحدودية
أدوات كل من الشرطة والشين بيت، هذا ما نشهده". وأضاف: "يجب ألا يفاجئ
هذا أحدا".
وحث يائير غولان، زعيم حزب
الديمقراطيين الإسرائيلي ونائب رئيس الأركان السابق، قيادة البلاد على وصف الهجمات
بـ"الإرهاب اليهودي"، وقال في مقابلة مع قناة "كان
نيوز"، وهي هيئة الإذاعة العامة العبرية: "كيف يمكن وصف هذا؟ لو
ارتكب الفلسطينيون نفس الأعمال، لوصفناه بالإرهاب الفلسطيني". وأضاف:
"إن الدولة التي لا تستطيع حماية نفسها من الإرهابيين ولا تستطيع تطبيق سيادة
القانون، تحكم على نفسها بالزوال".