قال الكاتب البريطاني، ورئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، إن الحرب الإسرائيلية تحولت من صراع مع الفلسطينيين إلى مواجهة إقليمية أوسع، حيث باتت تهدد الأردن ومصر ولبنان وسوريا، إضافة إلى استهداف اليمن وإيران.
وفي
مقاله المنشور على الموقع، يرى الكاتب أن نتنياهو وحكومته يسعون إلى فرض واقع جديد بالقوة، مستندين إلى دعم غير مسبوق من إدارة ترامب، وهذا جعل "إسرائيل" خطرا على دول المنطقة كافة، لا على الفلسطينيين وحدهم.
اظهار أخبار متعلقة
في المقابل، يشير المقال إلى أن المزاج العربي بدأ يتغير حول فوائد اتفاقيات التطبيع مع دولة
الاحتلال من مصر إلى الأردن مرورا بالإمارات، كما نوه إلى الاتفاق الدفاعي الأخير بين السعودية وباكستان.
وأكد أن استمرار دولة الاحتلال في هذا النهج قد يفضي إلى اصطفاف عربي وإقليمي واسع ضدها.
وتاليا المقال كاملا:
من الواضح أن إسرائيل عازمة على التوسع بالقوة الغاشمة، ولن يوقفها عند حدها سوى قوة دبلوماسية واقتصادية وعسكرية مجتمعة
قبل أن ينطلق في مهمة انتحارية لقتل جنديين إسرائيليين على جسر ألنبي، المعبر الرئيس بين إسرائيل والأردن، كتب عبد المطلب القيسي وصية قال فيها: "أبناء أمتنا، إلى متى سيظل سكوتنا تجاه من يحتل البلدان، وهل سنصمت إلى أن يصل إلى أرضنا وينتهك حرماتنا."
لم يكن القيسي فلسطينياً، مثله مثل سلفه ماهر الجازي، الأردني الآخر الذي هاجم القوات الإسرائيلية عند المعبر تقريباً في نفس الوقت من العام الماضي. كلاهما ينحدران من الضفة الشرقية لنهر الأردن.
وجه القيسي رسالته إلى "أبناء أمتنا العربية والإسلامية الشرفاء، وأخص بالذكر أبناء العشائر والباديات العربية الأصيلة في الشام من الأردن إلى فلسطين وسوريا ولبنان."
وفحوى رسالته هو التالي: إن الذي يحدث في
غزة سوف يتكرر في البلدان العربية. إن صمتنا تواطؤ. لا تفعلوا شيئاً وسوف تأتي إلينا إسرائيل الكبرى.
لو كانت هذه الرسالة تمثل، كما أعتقد جازماً، المزاج العام الذي يتجاوز ما بعد ضواحي عمان التي فيها كتبت الوصية، فإن إسرائيل تكون قد ارتكبت في تقديرها للأمور خطأ ذا أبعاد تاريخية.
إسرائيل: الخطر الوجودي
إن الكلام الذي يصدر باستمرار عن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ومعه بيزاليل سموتريتش، وزير ماليته والحاكم الفعلي للضفة الغربية المحتلة، والذي يفيد بأن إسرائيل سوف تكون الدولة الوحيدة غربي نهر الأردن، لكلام يجذب الانتباه ويثير الذعر في أقاصي الأرض متجاوزاً بمراحل حدود فلسطين.
لم تعد تنجو من التهديد الذي تشكله إسرائيل على المنطقة أي تحالفات أو سياسات أو هويات قبلية أو دينية.
ما يقرب من عامين من الحرب شهدا تعرض أجزاء من لبنان للتدمير ناهيك عما طال غزة من دمار، كما شهدا احتلالاً لجنوب سوريا، وقيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بقتل أحمد غالب ناصر الرهاوي، رئيس وزراء اليمن، وكذلك الإطاحة بالصف الأول من القيادة في إيران.
لم تعد إسرائيل خطراً وجودياً على الفلسطينيين فحسب، بل وعلى كل دول المنطقة.
اظهار أخبار متعلقة
لو حاولت التفاوض مع إسرائيل، فإن الطائرات الحربية الإسرائيلية سوف تستهدف فرق التفاوض التابعة لك، وهذا ما فعلوه الآن مرتين، عندما هاجموا إيران قبيل المحادثات التي كان من المقرر أن تجرى في سلطنة عُمان، ثم عندما هاجموا فريق التفاوض التابع لحركة حماس في الدوحة.
ها هو نتنياهو، الذي يعيش في حالة من الثمل بالسلطة، أو يستميت في التمسك بها، حتى بات إبقاء الحرب مشتعلة هو خياره الوحيد، يعتقد بأن بإمكانه أن يفرض حدود إسرائيل الجديدة على المنطقة بالقوة.
لن تحصل إسرائيل مرة أخرى على رئيس أمريكي أكثر تساهلاً وتسامحاً من الرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي سمح لها حتى الآن بضم مرتفعات الجولان المحتلة، واعترف بالقدس عاصمة غير مقسمة "للدولة اليهودية"، ويسمح الآن لإسرائيل بمسح مدينة غزة وتسويتها تماماً بالأرض.
ولن تحصل كذلك على إدارة أمريكية كهذه يهيمن عليها بشكل تام الأصوليون المسيحيون.
وهذا سفير الولايات المتحدة في تل أبيب، مايك هاكابي، يصف القدس الشرقية المحتلة، أثناء عبوره نفقاً حفر تحت بيوت الفلسطينيين في سلوان، قائلاً إنها "عاصمة اليهود إلى الأبد، عاصمة أصلية، غير مقسمة، وغير متنازع عليها."
وقال: "هنا قبل أربعة آلاف عام في هذه المدينة، على جبل مورياه، اختار الرب شعبه. ولم يكتف باختيار الشعب، بل واختار المكان أيضاً، ثم اختار للشعب في هذا المكان غاية. كان الشعب هو الشعب اليهودي، وكان المكان هو إسرائيل، وكانت الغاية هي أن تصبح منارة للعالم."
بالنسبة لهاكابي، لا توجد مناطق رمادية في هذا الصراع. إنه الخير في مواجهة الشر. حيث مضى يقول:
"أنت لا تقف مع إسرائيل لأنك تتفق مع حكومتهم .... بل تقف مع إسرائيل لأن إسرائيل تدافع عن تراث رب إبراهيم."
بمثل هذا الجنون يتكلم رجل تم تعيينه سفيراً للولايات المتحدة.
حرب دينية
لكن الجنون لا يقف عند الهذيان الذي يصدر عن أصولي إنجيلي، بل يتجاوز ذلك إلى ما يشبه الشرارة التي بها تندلع الحرب الدينية.
في نشوة انتصاره على المنطقة الإسلامية التي تعيش حالة من الذل والهوان، يكرر نتنياهو نفس الخطأ الذي ارتكبه من قبله كثير من الزعماء المحاربين، وبشكل خاص نابليون وهتلر، اللذان هاجما روسيا وتكبدا الهزيمة على يديها.
فهو يعتقد بأن 7.7 مليون يهودي في إسرائيل بإمكانهم الهيمنة على 473 مليون عربي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى 92 مليون إيراني، أو على ملياري مسلم حول العالم.
لأن ذلك بالضبط هو ما يعنيه استحضار نتنياهو لعبارة "سوبر إسبرطة".
اظهار أخبار متعلقة
وذلك لأنه بينما تمضي هذه الحرب قدماً، تصبح حملة إسرائيل العسكرية بشكل متزايد أقل تركيزاً على مسح مجموعة عسكرية واحدة بادرت بالهجوم عليها، وتتعلق أكثر فأكثر بإخماد جميع الخصوم في الإقليم، أولاً إيران ثم الآن تركيا.
تتحدى "سوبر إسبرطة" التي ببال نتنياهو سيادة جميع الدول الوطنية، الحديثة منها والقديمة، سواء القريبة منها أو البعيدة عن حدود إسرائيل الجديدة. إن التهديد الذي تشكله إسرائيل على المنطقة قائم بغض النظر عن التحالفات أو السياسات أو الهويات القبلية أو الدينية.
خذ على سبيل المثال دولة وطنية يافعة مثل الإمارات العربية المتحدة، والتي تحظى بثراء فاحش وتشعر بطاقة هائلة جعلتها تتجرأ على تقويض الإسلام السياسي من خلال فرض علمانية دكتاتورية مسلحة. قضت هذه الدولة العقد الماضي في إسقاط الرؤساء المصريين، وفي محاولة إسقاط رئيس تركيا، وفي تمويل وتسليح الثورات المضادة للربيع العربي في اليمن ومصر وليبيا وتونس. وها هي الآن تغذي الحرب الأهلية في السودان من خلال تسليح قوات الدعم السريع وتمويل زعمائها.
كان رئيسها، محمد بن زايد، واحداً من أوائل الزعماء العرب الذين أدركوا أين يكمن بحق السبيل نحو السلطة. فقام بتدريب أمير سعودي غير معروف على القيام بزيارات سرية إلى نتنياهو، ممهداً بذلك السبيل أمامه ليحظى باعتراف عائلة ترامب.
بات ذلك الرجل الآن هو الحاكم الفعلي للمملكة، إنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
مخاطرة سياسية
كانت الإمارات العربية المتحدة أول بلد يوقع على اتفاقيات أبراهام التي اعترفت بإسرائيل، ولابد أن تكون البلد الأخير الذي سوف ينسحب منها.
ومع ذلك تعكر المزاج في أبوظبي تجاه إسرائيل هذه الأيام.
غرد مؤخراً المستشار السياسي الإماراتي البروفيسور عبد الخالق عبد الله قائلاً: "للمرة الأولى، تحول جاد [في الإمارات العربية المتحدة] يفيد بأنه حان الوقت لتجميد اتفاقيات أبراهام. لقد بات الاتفاق مخاطرة سياسية، ولم يعد مكسباً استراتيجياً."
أو خذ شاهداً على سبيل المثال خلف أحمد الحبتور، مؤسس مجموعة تجارية إماراتية تدير مركزاً للبحث والتفكير أصدر ورقة بحثية حول كيف يمكن إلحاق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي بعد الهجوم الذي شنته إسرائيل على الدوحة.
خلصت دراسة مركز الحبتور للأبحاث إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يمكن أن يخسر ما بين 28 و 33.5 مليار دولار بفضل قرار عربي موحد بإغلاق المجال الجوي أمام جميع الرحلات الجوية الإسرائيلية.
"الرسالة بسيطة وواضحة: من خلال قرار موحد واحد، لدينا القدرة على إضعاف اقتصاد إسرائيل، وزعزعة أركانها، بدون أن ندخل في دائرة العنف أو سفك الدماء.
"إنني أدعو صناع القرار إلى القيام بمراجعة دقيقة لهذه الأرقام: أغلقوا المجال الجوي في وجه كل ما يتعلق بإسرائيل، وأعيدوا النظر في الاستثمارات وفي المصالح داخل البلدان التي تدعمها، وفعّلوا آليات التنسيق الاقتصادي الموحد التي تعطي الأولوية لحماية شعبنا وسيادتنا وتضعها فوق كل اعتبار."
ليست هذه زلات لسان صادرة عن أي من الرجلين، فأبو ظبي ليست المكان الذي بإمكان المرء أن يصدح فيه بآرائه الخاصة حول السياسة الخارجية.
والآن، خذ مصر بالحسبان، والتي هي واحدة من أقدم الدول الوطنية في العالم.
خلال قمة الدوحة الطارئة، والتي انعقدت بعد أسبوع من الضربة التي وجهت ضد حماس، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إسرائيل بالعدو، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذه اللغة منذ أن تقلد المنصب في عام 2014.
ما من شك في أن العلاقات بين إسرائيل وأول دولة عربية تعترف بها لم تزل تنحدر بشكل حاد منذ أن احتلت القوات الإسرائيلية معبر رفح الحدودي واستولت على ممر فيلادلفيا الذي يفصل غزة عن مصر.
يتم التعامل مع خطة نتنياهو إجبار أكثر من مليون فلسطيني على النزوح جنوباً باتجاه سيناء باعتبارها تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري. ولقد ضاعف من المخاوف تهديد إسرائيل بضرب قادة حماس في القاهرة.
حذر السيسي الناخبين الإسرائيليين بأن سياسات حكومتهم "تقضي على الفرص في التوصل إلى أي اتفاقيات سلام جديدة، بل وقد تجهض اتفاقيات السلام القائمة."
هذه ليست مجرد كلمات. فقد اشتكى نتنياهو إلى ترامب بأن الجيش المصري قام بتمديد مدارج طيران في سيناء حتى يتم استخدامها من قبل الطائرات العسكرية، وبأنه أنشأ مقرات تخزين تحت الأرض يزعم المسؤولون الإسرائيليون بأنها قد تستخدم لتخزين الصواريخ.
لا يوجد دليل يثبت حدوث أي من ذلك، ولكن المزاعم وحدها من شأنها أن تفاقم من التوتر القائم، وكما هو معتاد، من شأنها كذلك أن توفر المبرر لشن هجوم إسرائيلي في المستقبل.
لا يمكن لخطة تستهدف إخلاء غزة من نصف سكانها أن تنجح بدون تعاون من مصر. ومع تزايد أعداد الفلسطينيين الذين يجبرون على النزوح جنوباً، تصبح سيناء بشكل متزايد هدفاً محتملاً للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
تهديد الأردن
يجري حوار مشابه داخل الأردن، البلد العربي الثاني الذي وقع اتفاق سلام مع إسرائيل، حول القيمة الحالية لاتفاق وادي عربا.
وهذا، تارة أخرى، لا يتعلق بتقدير الموقف من حماس أو من جماعة الإخوان المسلمين، التي شنت المملكة ضدها مؤخراً حملة قمعية، بقدر ما يتعلق بالتهديدات المحدقة باستقرار المملكة ذاتها.
وفي ذلك كتب المعلق الأردني ماهر أبو طير يقول: "لقد أثبتت اتفاقيات أوسلو أنها مجرد مصيدة استخدمت لانتزاع الاعتراف بشرعية إسرائيل، وتجميع المقاتلين الفلسطينيين من كل أنحاء العالم، ووضعهم تحت رقابة المحتل.
"في المقابل نتساءل: ماذا عن مصير اتفاق وادي عربا؟ هل يشكل ضمانة لأمن الأردن الاستراتيجي واستقراره؟ ومن هم الضامنون في المقام الأول، إذا ما أخذنا بالاعتبار أننا رأينا ضامني أوسلو يتفرجون عليها وهي تتعرض للتفكيك ويتم القضاء عليها، وأن الضامنين أنفسهم هو الخونة المحتملون."
وفي تعبير عما بات رأياً شائعاً في عمان، يقول أبو طير إن الأردن قد يتعرض للهجوم عبر طريقين، من خلال ولايته على الأقصى – الذي يتعرض لمستوى غير مسبوق من اقتحامات المستوطنين – ومن خلال الضفة الغربية. قد تقوم إسرائيل بافتعال حدث أمني على الحدود ليصبح ذلك مبرراً لإعادة احتلال جنوب الأردن.
يقول أبو طير إن الأردنيين يشعرون بقلق شديد من احتمال أن تقوم إسرائيل بإجبار الناس على الخروج الجماعي من الضفة الغربية، وذلك من خلال إلغاء إقامات مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين مازالوا يحملون أرقام هويات وطنية أردنية، تعود إلى العهد الذي كانت فيه الضفة الغربية جزءاً من المملكة الهاشمية ما قبل حرب عام 1967.
والأمر الآخر الذي قد تجربه إسرائيل هو محاولة زعزعة استقرار الدولة نفسها، الأمر الذي قد يفضي إلى بقاء الحدود مفتوحة، كما قال.
من شأن أي من الإجراءين أن يفضي إلى تشكل الحيز المطلوب لإعادة توطين الفلسطينيين الذين سوف يخرجون عنوة من الضفة الغربية.
كان نتنياهو شديد الوضوح في رده مؤخراً على اعتراف
بريطانيا وفرنسا وغيرهما من البلدان بالدولة الفلسطينية، حيث قال إنه يتوجب على إسرائيل عدم السماح بإقامة دولة فلسطينية غربي نهر الأردن، بما يعني إمكانية قيام مثل هذه الدولة شرقي النهر.
تحالفات جديدة
لم يبق الزعماء العرب ساكنين، بل يتم الآن النظر بشكل جدي في إقامة تحالفات دفاعية، وهو ما لم يكن يخطر بالبال خلال السنوات العشر الماضية.
في عام 2016، ظلت وسائل الإعلام السعودية يقظة طوال الليل بانتظار الإعلان عن وفاة رئيس تركيا رجب طيب أردوغان في انقلاب عسكري.
إلا أن أردوغان نجا، مع أن الانقلاب العسكري نفسه كاد أن يتكلل بالنجاح.
بعد عامين، وجدت القوتان الإقليميتان نفسيهما في مواجهة مباشرة بسبب جريمة قتل الصحفي السعودي والكاتب في موقع ميدل إيست آي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
سلمت تركيا وكالة المخابرات الأمريكية تسجيلاً صوتياً لوقائع جريمة قتله، وزعمت باستمرار أن جريمة القتل كانت بأمر من ولي العهد السعودي نفسه. استمر الوضع على ذلك ثلاثة أعوام. أدخلت جريمة قتل جمال خاشقجي ولي العهد السعودي في عزلة داخل العواصم الغربية.
انظر إلى الدفء الذي طرأ على العلاقات منذ ذلك الحين.
قبل عامين، وقعت السعودية صفقة مع صانع المسيرات التركية بايكار لشراء عربة الهجوم الجوية أكينجي، وكان ذلك أكبر عقد تصدير دفاعي في تاريخ تركيا.
تبدي الرياض الآن اهتماماً بالدبابة المقاتلة وبالمنظومة الصاروخية من طراز ألتاي، كما تبدي رغبة في أن تصبح شريكاً في إنتاج طائرة الشبح المقاتلة من طراز كآن.
ورد في تقرير صادر عن المجلس الأطلسي أن اهتمام الرياض في كآن ناجم عن التأخير المستمر في الاستجابة لطلبها الحصول على طائرات أمريكية مقاتلة من طراز إف 35، وهي الطائرات التي استخدمتها إسرائيل لضرب إيران وتدخلت لمنع الولايات المتحدة من بيعها لأي جهة أخرى في المنطقة.
وعلى نفس المنوال شهدت الفترة الأخيرة دفئاً في العلاقات بين تركيا ومصر، رغم أنهما خصمان قديمان، ليس فقط بسبب الخلاف حول مكان الإسلام السياسي والإخوان المسلمين، ولكن أيضاً بسبب النزاع على الملاحة شرقي المتوسط. لقد أبدت مصر أيضاً رغبة في الانضمام إلى مشروع تصنيع طائرات كآن كشريك. ولسوف ينظم البلدان تدريبات بحرية مشتركة للمرة الأولى منذ 13 عاماً.
كما أن المملكة العربية السعودية تتجه هي الأخرى شرقاً لإبرام صفقات دفاعية. ولا يمكن التقليل في الظروف الحالية من أهمية التحالف الدفاعي المشترك بينها وبين باكستان التي تملك السلاح النووي.
ظل هذا الحلف الدفاعي منتظراً لبعض الوقت، وكان ذلك بالتأكيد قبل وصول رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف إلى السلطة.
إلا أن توقيت إعلان إبرام الحلف مع القوة النووية الوحيدة ذات الأغلبية السكانية المسلمة، حيث جاء قبل أيام من الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، وجه رسالة صريحة وواضحة.
ما وراء الباكستان تقع الصين، وهذا أمر لم يمر دون أن يلاحظ في واشنطن.
ثم هنالك تركيا نفسها.
لا يقتصر الأمر على أن تركيا، والتي هي بطبيعتها شديدة الحذر، تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل بسبب احتلال الأخيرة للجنوب السوري، وخاصة سدودها الآن.
لم تكتف إسرائيل بإعلان نفسها راعية للدروز في الجنوب وللكرد في الشمال، وهو ما قد يتعارض مباشرة عند نقطة ما مع عملية السلام التي تديرها أنقرة مع حزب العمال الكردستاني، ولكنها تقحم نفسها الآن في قبرص كذلك.
سلمت إسرائيل قبرص دفاعات جوية من طراز باراك إم إكس، وهي أكثر فاعلية من الصواريخ الروسية من طراز إس 300 وبإمكانها تعقب القوات الجوية والبرية التركية في شرق المتوسط.
في شهر يوليو / تموز، قال شاي غال، نائب الرئيس السابق للعلاقات الخارجية في الصناعات الجوية والفضائية الإسرائيلية (آي إيه آي)، والتي تصنع منظومة باراك إم إكس، إنه يتوجب على إسرائيل إعادة النظر في مقاربتها تجاه قبرص ووضع خطط عسكرية من أجل "تحرير" شمال الجزيرة من القوات التركية.
وكتب غال يقول: "بالتنسيق مع اليونان وقبرص، يجب على إسرائيل إعداد خطط احتياطية لتحرير شمال الجزيرة."
من أعلى ومن أسفل، هذه مؤشرات واضحة على أن المنطقة تستعد للتصدي لطموحات إسرائيل في الهيمنة. لن يحدث ذلك في الحال ولن يحدث بالتساوي.
إن الشقاق العربي هو الصخرة التي عليها نفذ مشروع إقامة الدولة اليهودية. ولكن من الحماقة أن يظن أحد أن هذا الحال سيدوم إلى الأبد، وخاصة مع تعاظم حجم أسبرطة الصغيرة، التي تصبح أكبر فأكبر.
من الواضح أن إسرائيل عازمة على التوسع بالقوة الغاشمة، ولن يوقفها عند حدها سوى قوة إقليمية دبلوماسية واقتصادية وعسكرية مجتمعة.
ميدل إيست آي