مع دبلوماسية مرنة وتمهيد لمرحلة ما بعد خامنئي.. هل تتجاوز إيران مرحلة الخطر؟
لندن- عربي2127-Nov-2512:21 PM
تقول صحيفة فاينانشال تايمز إن الآراء الداعية لتحرك إيران نحو نظام علماني تعكس ثقافة الاحتجاج والمعارضة القوية – حساب خامنئي
شارك الخبر
تحاول إيران تعزيز قدراتها في مجال القوة الناعمة بخطوات متعثرة تحت تأثير العقوبات والأزمات الداخلية، حيث اكتشفت وجود فرصة وإن كانت ضئيلة لتحسين علاقاتها إقليميًا مع دول الجوار بعد حملة القصف التي شنتها إسرائيل وأمريكا على منشآتها النووية والتي أسفرت عن مقتل نحو ألف شخص ما بين قيادات في الحرس الثوري وعلماء.
اظهار أخبار متعلقة
صحيفة الغارديان البريطانية، تقول إن التعديلات التي تجريها طهران على سياساتها الخارجية هي وليدة الضرورة، ونتاج تفُكِّك جزء كبير من شبكة تحالفات إيران العسكرية الإقليمية في السنوات الأخيرة، حيث تشعر طهران بأن انتهاك ترامب للقانون الدولي يمنحها فرصةً لعقد تحالفات أقل إزعاجًا مع جيرانها العرب، وتسعى حاليا لتغذية المظالم، واستغلالها لإعادة تموضعها في المنطقة، مادةً يد الصداقة لدول مثل السعودية ومصر وقطر.
تحول جذري في تفكير دول الخليج
يعتقد تريتا بارسي، من معهد كوينسي في الولايات المتحدة، أن إيران قادرة على إيجاد جمهور مستمع لها، ويضيف: "بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر في أيلول/سبتمبر، طرأ تحول جذري على تفكير مجلس التعاون الخليجي ككل، حيث أن لسنوات طويلة، اعتبروا إيران التهديد الرئيسي، وكان استثمارهم في الأسلحة، يهدف إلى حمايتهم من نظام طهران، أما الآن، فيرى الكثيرون أن إيران قد ضعفت، ولم يعد لديهم نفس العداء تجاهها، بينما في المقابل لا تخضع إسرائيل لأي قيود".
ويستشهد بعض المسؤولين الإيرانيين بفخر بخطاب ألقاه وزير الخارجية العماني السيد بدر بن حمد البو سعيدي في منتدى السياسة الخارجية الذي عقد مؤخرا في البحرين، حيث قال بصراحة إن: "إسرائيل، وليس إيران، هي المصدر الرئيسي لانعدام الأمن في المنطقة".
#أثير| معالي السيد وزير الخارجية في حوار المنامة:
-لقد عرفنا منذ زمن أن إسرائيل، وليس إيران، المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة
-على مر السنين، مجلس التعاون الخليجي كان متفرجًا وسمح بعزل إيران، واعتقد أن هذا يجب أن يتغير
-لطالما آمنت سلطنة عُمان بآلية آكثر شمولاً للحوار، مع… pic.twitter.com/QHyOt3EC6Y
المعضلة النووية ومخاوف الجيران
رغم كل الحديث عن حقبة جديدة محتملة في الكيفية التي تقدم بها إيران نفسها كحمامة سلام للمنطقة، فإنه لا يوجد ما يؤكد بأنها ستتخلى عن القوة الصارمة أو حقها السيادي في تخصيب اليورانيوم، يقول العديد من المسؤولين سرًا إنهم يخشون أن يكونوا بين حربين. ويقولون إنه يجب عليهم الاستعداد لهجوم أمريكي آخر قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض.
فؤاد إيزادي، الأستاذ المشارك بجامعة طهران والذي يحسب على التيار المحافظ، قال: "هناك ضغط كبير على الحكومة الحالية من الإصلاحيين للتفاوض، وعلى الجانب الآخر هناك المحافظين أيضا الذين يؤكدون بأن إيران لا تستطيع تحمّل مفاجآت جديدة".
ويزعم إيزادي، وإن كان أقل إقناعًا، أن إيران تشهد نوعًا جديدًا من التماسك الاجتماعي الداخلي، وقال: "يهدد ترامب بمهاجمة إيران بين الحين والآخر، لكن ما يفعله هو تعليم الجيل الجديد من الشباب الإيرانيين أن يصبحوا مناهضين لأمريكا كما كان آباؤهم، وهذه ليست مهمة سهلة"، ثم يستدرك معترفًا بأن الوحدة التي خلقتها هجمات حزيران/يونيو بدأت تتلاشى، حيث أصبح الإيرانيون يتذكرون المشاكل الاقتصادية الطاحنة، بما في ذلك التضخم الذي بلغ الآن 50 بالمئة، وعلاوة على ذلك، فإن الصحوة القومية لم تؤد إلى تخفيف قبضة الدولة الحديدية على المجتمع.
"النظام ضعيف لكنه سيقاتل للبقاء"
الضابط السابق المكلف بملف إيران في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، ريول مارك غرشت، الذي تسلل إلى إيران في التسعينيات، قال في مقابلة مع موقع "إيران إنترناشيونال"، إن النظام الإيراني، رغم أنه قد أُنهك بسبب الحرب واستنزفته العقوبات، لا يزال مصمماً على قمع أي حركة داخلية تهدف إلى إسقاطه، وبشكل دموي.
وأشار غرشت، الذي تابع الشأن الإيراني لأكثر من 40 عامًا، إلى أن القيادة في طهران تواجه حالة من عدم الاستقرار الأساسي بعد الصدمات الأخيرة الناجمة عن الصراع مع إسرائيل، مضيفًا أن الهجوم الجوي الإسرائيلي المفاجئ في حزيران/يونيو، كشف عن ثغرات استخباراتية واسعة وأسفر عن مئات القتلى من العسكريين والمدنيين، وأكد أن هذه التطورات أثرت على ظهور المرشد علي خامنئي في الأماكن العامة، وأصبح غيابه مؤشراً على تراجع مستوى السيطرة التقليدي للنظام.
وأوضح غرشت، أن بعض القرارات اليومية في النظام قد تُدار من قبل وكلاء ومستشارين داخليين، مشيرًا إلى أن الظهور الأقل للمرشد على الملأ أصبح معيارًا لتقييم مدى سيطرة القيادة على النظام. وقال : "أنا أشك كثيرًا أن الرجل البالغ من العمر ستة وثمانين عامًا يدير الحكومة فعليًا الآن.. نسخه هم من يديرونها.. لقد نجح في تكرار نفسه داخل النظام".
"المأزق النووي لا يزال قائمًا"
وفيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، قال غرشت إن المأزق لا يزال قائمًا رغم المزاعم عن تدمير منشآت رئيسية، مضيفًا أن العقوبات الدولية أدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الدعم الشعبي للنظام، ومع ذلك، أشار إلى أن النظام لا يزال يحتفظ بولاء بعض المسؤولين القادرين على استخدام القوة عند الحاجة، ما يعكس قدرة النظام على البقاء رغم الضغوط الداخلية والخارجية.
وأكد غرشت أن الولايات المتحدة لن تسعى للإطاحة بالنظام الإيراني بالقوة، مشيرًا إلى أن القادة الأمريكيين يفتقرون إلى استراتيجية واضحة لتغيير النظام وأن البيروقراطيات تعارض هذا المسار، وأضاف أن أي تغيير محتمل في النظام الإيراني، القائم منذ ما يقرب من نصف قرن، يجب أن ينطلق من الداخل وليس من الخارج.
هل بَدْء التمهيد لمرحلة ما بعد خامنئي؟ وكشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن نقاشات داخل أوساط من النخبة الإيرانية القريبة من دوائر صنع القرار حول ضرورة إعادة ضبط السياسة الخارجية لطهران، خصوصاً تجاه الغرب والدول العربية، حسب مقتضيات المرحلة التي جاءت بعد حرب الـ12 يوماً، وسلطت الصحيفة الضوء على تحول الجيل الثاني من أبناء (الثورة)، والمسؤولون الكبار، وشخصيات داخل المؤسسة الحاكمة، بالتزامن مع تراجع إطلالات خامنئي إلى حدها الأدنى، بعدما هدد مسؤولون إسرائيليون باستهدافه.
وأثارت وسائل إعلام إيرانية تكهنات بمساعٍ لتعيين خليفة المرشد الذي تولى مهامه في عام 1989 خلفاً للمرشد الأول (الخميني)، وهو صاحب كلمة الفصل في البلاد، كما ويتصاعد الجدل الداخلي حول مستقبل السياسة الإقليمية والملف النووي والموقف من الغرب والتحالفات مع موسكو وبكين، خصوصاً بعد إعادة فرض العقوبات.
وتطرق تقرير صحيفة الـ"فاينانشال تايمز" إلى أكثر النقاط حساسية في الخطاب الإيراني، وهي إمكانية انفتاح طهران نظرياً على دعم حل الدولتين وهو ما سيعد اعترافا ضمنيا بدولة الاحتلال، وتنقل الصحيفة عن حمزة صفوي، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران ونجل اللواء يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري البارز للمرشد الإيراني، قوله : "لو كنت في موقع صنع القرار، لانضممت إلى الخطة التي أيدتها السعودية، والتي تشترط الاعتراف بإسرائيل بقبولها حل الدولتين على أساس حدود عام 1967".
بإذن من خامنئي.. بزشكيان يراسل ترامب عبر بن سلمان رغم إعلان وزارة الخارجية الإيرانية، أنّ الرسالة الأخيرة التي وجّهها الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، إلى وليّ عهد المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان، لم تكن بهدف طلب وساطة الرياض بين طهران وواشنطن، إلا أن البرلماني الإيراني السابق، مصطفى كواكبيان، أكد أن بزشکیان، وبـ"إذن" من علي خامنئي، بعث رسالة إلى الرئيس ترامب، عبر الرياض.
دادستانی تهران بار دیگر علیه مصطفی کواکبیان، نمایندهٔ سابق مجلس شورای اسلامی، بهدلیل آنچه که «ادعای کذب او» دربارهٔ محتوای پیام رئیسجمهوری ایران به ولیعهد عربستان خواند، اعلام جرم کرد.
مرکز رسانهٔ قوه قضائیه جمهوری اسلامی روز سهشنبه چهارم آذر با اعلام این خبر گفت که وزارت… pic.twitter.com/UTp11ZkhGV
وقال كواكبيان في مقابلة مع موقع عصر إيران، إن الأمير محمد بن سلمان حمل رسالة بزشکیان إلى الرئيس الأمريكي خلال زيارته إلى واشنطن ولقائه ترامب، وبحسب قوله، فإن بزشکیان أعرب في هذه الرسالة عن استعداد إيران للتفاوض مع الولايات المتحدة "من دون شروط مسبقة أو إملاء مواقف،
وأضاف كواكبيان: "أعتقد أن إرسال هذه الرسالة كان له تأثير، وقد قال ترامب فورًا إننا سنقوم في النهاية بالتخطيط للتفاوض"، وأضاف كواكبيان إن المؤشرات القائمة، إلى جانب رسالة بزشکیان، تدلّ على أن طهران "لا تسعى إلى الحرب"، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر كانت وكالة رويترز قد نقلت عن مصدرين مطلعين أن بزشکیان طلب في رسالة إلى محمد ابن سلمان أن يقنع ترامب خلال زيارته للولايات المتحدة باستئناف المفاوضات النووية.
خاتمي يُحذر من انهيار النظام
في خطابٍ ألقاه مؤخرًا، انتقد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي عجز الحكومة عن إطلاق سراح السجناء السياسيين أو رفع القيود المفروضة على الإنترنت، وقال: "لقد ازدادت عمليات استدعاء ومحاكمة العديد من السياسيين والإعلاميين والمثقفين، وحتى الشخصيات المرموقة والمشهود لها بالكفاءة"، وأضاف خاتمي قائلًا، إن نحو 80 في المئة من الإيرانيين لا يبالون كثيرًا بـ"من هو الحاكم وكيف يُدار الحكم"، محذرًا من خطر انهيار "النظام"، فيما طالب بتغيير نهج السلطة، مؤكدًا أن إيران لم تشهد أزمة مماثلة للتحديات الحالية و"التهديدات القائمة"، منذ قيام الثورة، وحتى اليوم.
وحذر خاتمي من خطر انهيار "النظام"، مشبّهًا إيران بـ"شجرة وارفة"، وقال: "هذه الشجرة القوية قد تصمد لسنوات طويلة في مواجهة الجفاف والعواصف، لكن اليوم، التهديدات الداخلية والخارجية والمشكلات كثيفة وكبيرة إلى درجة أن هناك خوفًا من أن تذبل فجأة وتسقط؛ وهو أمر نرجو ألا يحدث"، كما أشار إلى أن "الطريقة الأقل تكلفة والأكثر واقعية" في الظروف الحالية هي تغيير نهج السلطة و"إعادة النظر في الخطوط الحمراء، دون الاستسلام للاستغلال الخارجي".
"استعدادات لما ينتظر البلاد" في حدث استثنائي، خرج قائد الوحدة الخاصة في قوى الأمن الإيرانية، الجنرال مسعود مُصدق، على وسائل الإعلام الرسمية، معلنا جاهزية قواته للتصدي لأية مظاهرات قد تخرج في البلاد خلال الأسابيع القادمة، موضحا أن قواته صارت منتشرة في كافة أنحاء إيران، رافضا نعت وحدته بـ"القوات القمعية"، حسبما تقول تقارير المؤسسات الحقوقية العالمية.
معتبرًا أن هذا اللقب "ليس من الشعب بل من الأعداء، ويهدف إلى تشويش أذهان الناس"، الأمر الذي فسره المراقبون كإعلان لاستعدادات أمنية واسعة قد تشهدها إيران، استباقا لحركات الاحتجاج المتنامية في مختلف مناطق البلاد، حيث تشهد البلاد أزمات اقتصادية وخدمية حادة جدا، وصلت حد انقطاع الكهرباء ساعات متواصلة عدة في مختلف المدن الرئيسة، بما في ذلك العاصمة طهران، ما أثار موجة سخط عامة بالتزامن مع فشل المفاوضات مع الدول الغربية، وتفعيل الكثير من العقوبات الدولية القديمة على إيران منذ عدة أسابيع.
أزمات الكهرباء والغاز والماء تهدد إيران بثورة
في تقرير حديث نشرته منصة الطاقة الدولية، جاء فيه، أن فقراء المدن والأقليات العرقية، الذين يتظاهرون حاليًا في طهران وأصفهان ومشهد، هم من يتحملون العبء الأكبر، حيث تستهدف الاحتجاجات ما يسمى "مافيا المياه" والفساد المزعوم المرتبط بالحرس الثوري الإيراني الذي يستنزف الموارد، ويحذّر المحللون من "انتفاضة كبرى أخرى"، إذ يؤثّر انقطاع المياه بشدة في فقراء المناطق الحضرية، ما يزيد من مظالم عدم المساواة والفساد.
وفي الوقت نفسه، يزيد الضغط الاقتصادي من تفاقم الأزمة، حيث قد يؤدي توقُّف الزراعة والتصنيع إلى خسائر تتراوح بين 5 و10 مليارات دولار، وقد ترتفع أسعار المواد الغذائية بنسبة 30-50%، ويهدد نقص الغاز الصناعي العمليات الجارية، كما وتؤدي الضغوط إلى تفاقم ضعف النظام، ما قد يحوّل تركيز قوات الباسيج وقوات الأمن الداخلي الأخرى من مهام حماية الحدود إلى القمع المحلي، بينما يهدد نزوح 1-2 مليون نسمة باندلاع صراعات عرقية في محافظات مثل كردستان وخوزستان.
اظهار أخبار متعلقة
في 30 أكتوبر/تشرين الأول، وجدت بَعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن إيران أن إضرابات يونيو/حزيران أعقبت حملة قمع محلية زادت من تضييق الحيز المدني، وقوّضت الإجراءات القانونية الواجبة، وقوضت احترام الحق في الحياة". وبحلول منتصف أغسطس/آب، كانت قوات الأمن قد اعتقلت حوالي 21 ألف شخص، ووصلت عمليات الإعدام إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2015.