صحافة دولية

صمت الشرع تجاه غزة والجولان.. قراءة في التموضع السياسي الجديد

تطبيع بلا سيادة.. تقرير يكشف كيف تدار سوريا بعد الحرب عبر بوابة الطاقة - سانا
تطبيع بلا سيادة.. تقرير يكشف كيف تدار سوريا بعد الحرب عبر بوابة الطاقة - سانا
شارك الخبر
سلطت صحيفة "موندويس" الأمريكية الضوء على ما وصفته بـ"إعادة إدماج سوريا في النظام الإقليمي" ضمن معادلة يخضع فيها القرار السيادي لهيمنة أمريكية–إسرائيلية، مع الإبقاء على مؤسسات الدولة في حدود تسمح بالتحكم بقطاعات الطاقة والقطاعات الإستراتيجية. 

وترى الصحيفة أن موجة التطبيع السياسي الأخيرة مع دمشق لا تحيي الدولة، بل ترسخ تبعيتها وتضعف الدور التاريخي للأرض السورية في مشروع التحرير الفلسطيني.

وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن زيارة الرئيس أحمد الشرع للبيت الأبيض مطلع الشهر الجاري، التي تم التسويق لها بوصفها عودة إلى "الشرعية الدولية"، تعبر عمليا عن اتجاه مغاير: إعادة تشكيل دولة منهكة ضمن منظومة تبعية محكمة، يديرها اللاعبون أنفسهم الذين ساهموا في تمزيقها خلال الحرب.

الطاقة.. محور السيطرة وحدود “التعافي المسموح”
وتشير الصحيفة إلى أن واشنطن تستخدم لغة إنسانية في توصيف ما تسميه “إعادة تأهيل” سوريا، بينما يجري بسط النفوذ الحقيقي عبر التحكم بقطاع الطاقة؛ باعتباره الرافعة الحاسمة التي تحدد مدى السيادة السورية مستقبلا.

أما خطوط التعافي الاقتصادي المسموح، فهي محددة مسبقا — وفق معاهد السياسات الغربية ومنصات المانحين — بحيث تسمح بعودة القطاعات منخفضة المخاطر مثل الزراعة واللوجستيات والصناعات الخفيفة، بينما تبقى القطاعات الإستراتيجية مثل النفط والغاز والبنى التحتية الكبرى والاتصالات مغلقة بوجه دمشق إلا بشروط سياسية صريحة ترتبط بالعقوبات والاصطفاف الإقليمي.

وترى الصحيفة أن هذا النهج يجعل من “التطبيع” خطوة لتعزيز التبعية، وليس تجاوزها، إذ يتحول التعافي السوري إلى مشروع تشرف عليه جهات خارجية: شركات استشارات غربية، وصناديق سيادية خليجية، ووكالات مانحين تعمل بمفهوم “الوصاية” لا الشراكة.

اظهار أخبار متعلقة


سيادة تؤدى شكليا وتنتزع عمليا
وتقول الصحيفة إن معالم سوريا الجديدة تتشكل تحت ضغط هذه الشروط؛ حيث يربط الوصول إلى عائدات الطاقة بـ"الطاعة السياسية"، ويتجسد مفهوم السيادة كطقس رمزي بينما تنتقل مراكز القرار الفعلية إلى قوى أجنبية.

وتستشهد الصحيفة بمؤتمرات بروكسل الخاصة بسوريا منذ 2022، وتقارير صندوق النقد الدولي، وتحليلات “المجلس الأطلسي” و“كارنيغي”، التي تعلن بوضوح أن رفع القيود عن قطاع الطاقة سيتم فقط إذا التزمت دمشق بالأجندة الإقليمية الغربية.

وترى الصحيفة أن موقف الرئيس الشرع يعكس هذا التحول؛ إذ لم يبد انتقادا للاتفاقيات التطبيعية العربية منذ 2020، ولا للهجوم الإبادي الإسرائيلي على غزة بين 2023 و2025، ولا لترسيخ الاحتلال في الجولان. ويقرأ هذا الصمت — بحسب التحليل — كقبول ببنية إقليمية تسيطر فيها إسرائيل عسكريا، بينما تتقاطع مصالحها الطاقية مع دول الخليج.

كما أشارت إلى مقابلة أجراها مع برنامج "فرونتلاين" عام 2021، قال فيها: "لسنا تهديدا للغرب… نريد علاقة متوازنة مع كل الدول"، معتبرة أن “التوازن” هنا يعني الاعتراف بأن الشرعية السياسية السورية باتت محكومة بأطر ترسم خارج حدودها.

فلسطين.. تغييب مقصود تحت عنوان “عدم الانجرار”
وتذكر الصحيفة أن الشرع أكد في خطاب داخلي عام 2022 أن سوريا "لن تسحب إلى حروب تخدم أجندات خارجية"، وهو خطاب يبدو سياديا لكنه — بحسب التقرير — يلبي توقعات الغرب ودول الخليج بشأن تقييد الفصائل الفلسطينية في دمشق، خصوصا تلك المحسوبة على إيران أو حزب الله.

وترى الصحيفة أن التاريخ السوري عرف هذا النمط، إذ كان التضامن الخطابي مع فلسطين يترافق مع سياسات تضعف الحركة الفلسطينية وفق اعتبارات الدولة، وهو ما يعاد إنتاجه اليوم ضمن منظومة نفوذ خارجي.

وتلفت الصحيفة إلى أن صعود الشرع جاء متزامنا مع تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في سوريا أواخر 2024، استهدف الدفاعات الجوية ومحطات الطاقة وشبكات الكهرباء، ما عطل قدرة دمشق على استعادة الردع، وعزز سيطرة الاحتلال على جبل الشيخ والجولان.

وتضيف أن واشنطن تعتبر الشرع "محورا مضادا لإيران" يغني عن التدخل العسكري المباشر، وتستخدم عقوبات تخفف بشكل انتقائي بما يخدم قواعد اللعبة.

كما تشير إلى أن إسرائيل تستثمر حالة الغضب في السويداء لتعزيز النزعات الانفصالية وإضعاف الدولة، في إطار استراتيجية تهدف لإبقاء سوريا عاجزة عسكريا وضعيفة اقتصاديا.
التعليقات (0)