ملفات وتقارير

"مئة مليار".. لماذا تعرقل مليشيات عراقية استثمارات السعودية؟

أكثر من 100 نائب وقعوا على رفض إدراج الاتفاقية مع السعودية في جدول أعمال البرلمان- جيتي
أكثر من 100 نائب وقعوا على رفض إدراج الاتفاقية مع السعودية في جدول أعمال البرلمان- جيتي
تعرقل المليشيات العراقية الموالية لإيران عبر نوابهم في البرلمان، تمرير قانون الاستثمار السعودي في العراق، والذي يمنح بموجبه السعودية أراضٍ صحراوية لاستثمارها في الزراعة والدواجن، على أن تمتد الاستثمارات إلى مجالات أخرى كقطاع الطاقة والبنى التحتية.

في عام 2018، شُكّل مجلس تنسيقي بين العراق والسعودية، وقعت فيه اتفاقيات عدة، أبرزها ، لكن بضغط من فصائل مسلحة منحت إلى شركة "المهندس" التابعة للحشد الشعبي في عام 2023.

"استعمار سعودي"
وبعد تأجيل انعقاد جلسة البرلمان العراقي التي كانت مقررة الثلاثاء، دعا سعود الساعدي النائب عن كتلة "حقوق" النيابية التابعة إلى مليشيا "كتائب حزب الله"، وعدد من نواب القوى الشيعية، إلى سحب قانون الاستثمار السعودي في العراق الذي كان مدرجا على جدول أعمال الجلسة.

وصرّح الساعدي خلال مؤتمر صحفي في البرلمان، قائلا: "نستغرب إصرار رئاسة مجلس النواب على إدراج القانون وعدم إعادته إلى الحكومة، خاصة أنه من مشاريع حكومة عبد المهدي (2018- 2019)".
وتابع: "الاتفاقية تنتزع ملايين الدونمات من الأراضي في المناطق الغربية والجنوبية للعراق لصالح السعودية، وتسمح بتحويلات مالية للمملكة دون شرط أو قيد، وتوفر حماية استثنائية للشركات" ، مدعيا بأنه مشروع "مدمر، واستعمار سعودي".

اظهار أخبار متعلقة


وبحسب قول النائب، فإن "أكثر من 100 نائب وقعوا على رفض إدراج الاتفاقية في جدول الأعمال"، وذلك بعدما عرقلت كتلة "حقوق" تمرير مشروع القانون  في البرلمان خلال شهر آب الماضي.
وفي السابق دعا ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي إلى إيقاف مشروع الاستثمار السعودي في المناطق الصحراوية لما يحمله من "تداعيات خطيرة" على أمن وسيادة البلاد، فضلًا عن الأضرار المحتملة بالمخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية.

كما رفض زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي ما وصفه بمحاولات "النظام السعودي" للاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي الأنبار والنجف والمثنى والبصرة تحت غطاء الاستثمار، معتبرًا أن المشروع يتزامن مع خطوات التطبيع مع "إسرائيل".

وفي 2023، زار وفد من وزارة الاستثمار السعودية والصندوق السعودي للتنمية العراق، والتقى وزير الزراعة العراقي، عباس جبر العلياوي، الذي أكد حاجة العراق إلى الاستثمارات الزراعية والطاقات الحديثة، مرحبًا بدخول الشركات السعودية.

وخلال مقابلة تلفزيونية في نيسان/ أبريل 2024، أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني خلال مقابلة تلفزيونية أن "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أبدى استعداده لاستثمار 100 مليار دولار في العراق".

"فيتو إيراني"
وبخصوص أسباب رفض هذه الأطراف، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل، إن "العلاقة بين السعودية والعراق تخضع للأجندة الإيرانية في السياسة العراقية، لذلك فإن بعض الفصائل وغالبية الأحزاب الشيعية ترتبط بشكل أو بآخر مع القرار السياسي الإيراني".

وأضاف المشعل لـ"عربي21" أنه "ثمة صراع وتنافس على المنطقة، وهناك إستراتيجية إيرانية تصطدم الإستراتيجية السعودية، وأن الفصائل الولائية التي ترتبط بإيران ومع مكتب الولي الفقيه (مرشد إيران)، تتطابق تماما مع الإرادة الإيرانية في الداخل العراقي".

وتابع: "لذلك، فإن أي مشروع استثماري سعودي أو خليجي وحتى تركي، يقفون بالضد منه ويعتبرونه تمددا، وهم يتطابقون مع الموقف الإيراني، وبالتالي ما يصدر منهم لا يعبر عن نزعة شخصية".
وأكد المشعل أنهم "يريدون الإرادة الإيرانية فقط هي الفاعلة في العراق، ويعلنون صراحة ارتباطهم وولاءهم لإيران، لذلك هم قالوا إن الاستثمار السعودي سيقود إلى نفوذ سياسي ودعم وتشجيع مشروع الانفصال السني، والكثير من التفسيرات التي يطرحونها".

ولفت إلى أن "مشاريع الاستثمار هذه تبقى معلقة طالما أن قرار الحكومة العراقية ليس قرارا وطنيا خالصا، بل تشوبه مدخلات من دول الجوار وتحديدا إيران، لهذا يبقى موضوع الاستثمار متعثرا".
وبحسب ما نشرته صحيفة "المدى" العراقية، الأربعاء، فإن "إيران ما زالت تضع فيتو على النفوذ السعودي الاقتصادي أو حتى السياسي في العراق، رغم التقارب الذي حدث بين البلدين قبل عامين".

وذكرت أن "فصائل مسلحة تسيطر على مناطق حدودية تتنافس للحصول على استثمارات هناك، وهي بذلك تحقق هدفين: الأول الحصول على امتيازات مالية، والثاني تنفيذ هدف إيران في منع السعودية من دخول العراق".

ونقلت الصحيفة العراقية عن مصادر سياسية شيعية (لم تكشف هويتها)، أن "الاعتراضات ما زالت قائمة، وهناك من يتذرع بأن تلك الاستثمارات قد تشجع على تشكيل إقليم سني".

اظهار أخبار متعلقة


"علاقات أوسع"
وعن مستقبل العلاقة بين بغداد والرياض في ظل الموقف الذي يبديه حلفاء إيران من الاستثمار السعودي، قال المشعل إن "طبيعة علاقة لا تتحدد بالمشروع الأخضر الذي تتبناه المملكة الداعم للعراق العربي، لذلك فإن غياب وتعثر المشروع هو خسارة للعراق أولا".

في عام 2021، أطلقت السعودية المبادرة الخضراء، وهي مبادرة وطنية طَموحة أطلقتها المملكة بهدف مكافحة تغير المناخ ورفع مستوى جودة الحياة وحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة.
وأعرب المشعل عن اعتقاده بأن "آفاق العلاقة بين السعودية والعراق أوسع من أن يحددها مشروع استثماري، لأن البلدين بينهم علاقات وتبادل تجاري بمليارات الدولارات، إضافة إلى مواسم الحج والعمرة والمعابر المفتوحة وانتقال البضائع بشكل سلس وطبيعي".

ولفت إلى أن "السعودية تؤيد أي نجاح عراقي، لذلك فإن المسؤولين السعوديين أعلنوا في أكثر من مناسبة أنهم جاهزون في دعمهم للعراق بأي مشروع اقتصادي وحتى في مشاريع الاستثمار بمجال الطاقة".

وفي السياق ذاته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، أحمد العبيدي لـ"عربي21" إن "حلفاء إيران، هدفهم تخريب أي علاقة تعيد العراق إلى حضنه العربي وتنهي الهيمنة الإيرانية على البلد في جميع الجوانب، السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية".

وأشار الباحث إلى أن "العلاقات قد تتأثر بين بغداد والرياض في حال أقدمت هذه الأطراف على استهداف المصالح السعودية، خصوصا أن العراق اليوم بأمس الحاجة إلى جيرانه، ولاسيما البلدان المستقرة، لكن هذا الشيء لا يروق لإيران وحلفائها في بغداد".

وتوقع العبيدي أن "تشهد الانتخابات البرلمانية المقبلة تراجعا واضحا للقوى المرتبطة بإيران، وصعود لأطراف أقل التصاقا بها، ولاسيما قائمة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، الذي من المتوقع أن يحصل على غالبية المقاعد الشيعية في ظل غياب التيار الصدري".

ومن المقرر أن يشهد العراق انتخابات برلمانية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وهي الأولى في ظل غياب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، إضافة إلى التغييرات التي شهدتها المنطقة بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتراجع المحور الإيراني.
التعليقات (0)

خبر عاجل