أكد رئيس الحكومة
العراقية، محمد شياع
السوداني، اليوم الإثنين، أن إعادة إعمار كنيستي الساعة للآباء الدومينيكان
والطاهرة الكبرى للسريان الكاثوليك في مدينة
الموصل شمال غربي العراق، تمثل عودة
روح المدينة وإرادة أبنائها في الحياة والأمل.
وقال السوداني خلال
افتتاح الكنيستين اللتين
أعيد إعمارهما بعد تدميرهما من قبل عصابات داعش الإرهابية، إن الكنيستين
"نهضتا من بين الركام لتمثلان البيت الذي تجتمع فيه قلوب الناس بلا
تفرقة"، حسب بيان صادر عن الحكومة العراقية.
وأضاف رئيس الحكومة أن الكنيستين
"تعدان من أبرز معالم الوجود المسيحي العراقي الأصيل في نينوى، المتصل بباقي
الأطياف والمكونات في المحافظة، وأن تواجدنا اليوم يحمل رسالة تعكس اهتمام الدولة
بالمكون المسيحي في العراق".
وأكد السوداني أن إعادة إعمار الكنيستين جرت
"بتضافر كل الجهود وعكس صورة من صور اهتمام الدولة بحملة الإعمار وجهود كل من
ساهم فيها، بالشكل الإبداعي الذي حافظ على الطراز المعماري الأصلي للكنيسة".
وأضاف أن "الحملة الإرهابية عام 2014 كانت ممنهجة على
الكنائس والمساجد، وهي
تؤكد النوايا التخريبية التي حملها شذاذ الآفاق، وحاول الإرهابيون إخفاء وحشيتهم
وهمجيتهم خلف قراءات دينية منحرفة لا تمت بصلة لمبادئ الدين الإسلامي السمحاء".
وأوضح السوداني أن الإرهاب "تخيل أن
تدمير الكنائس وبيوت الله سيمحو تاريخ التعايش، لكن النتيجة كانت معاكسة تمامًا،
وأن إعادة إعمار بيوت الله تمثل رسالة تأكيد لبقاء العراقيين تحت ظل التعايش
السلمي والمجتمعي".
سيطرة داعش على الموصل وتحريرها
بدأ تنظيم داعش سيطرته على الموصل في
يونيو/حزيران 2014، عندما اجتاح عناصره المدينة بسرعة مذهلة مستغلين الفوضى
الأمنية والصراعات السياسية في العراق، وأعلنوا إقامة "ولاية داعشية"
فيها. خلال هذه الفترة، تعرضت الموصل لانتهاكات واسعة للحقوق الإنسانية، بما في
ذلك الإعدامات والاعتقالات التعسفية وتدمير المنشآت الدينية والثقافية، لا سيما
الكنائس والمساجد والمواقع التراثية، في محاولة لطمس تاريخ التعايش والهوية
المتعددة للمدينة.
استعادت القوات العراقية، بدعم التحالف
الدولي والتحالفات المحلية، المدينة بالكامل بعد حملة عسكرية استمرت نحو تسعة أشهر
وانتهت في يوليو/تموز 2017. وتميزت عملية التحرير بالتخطيط الدقيق، رغم الخسائر
البشرية والمادية الكبيرة، وفتحت الباب لإعادة الإعمار وإعادة الحياة إلى الموصل،
بما في ذلك استعادة الكنائس والآثار التاريخية وإعادة تأهيل البنية التحتية، في
خطوة رمزية لترسيخ التعايش واستعادة التنوع الثقافي والديني.
وأشار السوداني إلى أن كنيسة الطاهرة الكبرى
صارت "قصة حية على جهود إعادة الحياة، ورمزًا لإعادة الإعمار الروحي
والمعماري"، مؤكداً أن الإرهاب "لم ولن يستطيع اقتلاع جذور التنوع في
العراق، وقد فشل في أطروحته المنحرفة، والعراق الجديد يعتمد التنوع بوصفه درعًا
حامياً لوحدته وسيادته وأمنه، رغم كل ما يجري من أحداث".
وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود الحكومة
العراقية لتعزيز وحدة المكونات الدينية والثقافية، واستعادة التراث العمراني
والديني في الموصل، بعد سنوات من التدمير الذي خلفه التنظيم الإرهابي، في رسالة
للعالم بأن العراق قادر على تجاوز آثاره، وأن التعايش السلمي بين مختلف أطياف
المجتمع ما يزال أساس الهوية الوطنية.
اظهار أخبار متعلقة