كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنّ جيش الاحتلال
الإسرائيلي يتوقع أن تستغرق عملية "جدعون2" في
غزة نحو عام كامل، مع التركيز على شمال القطاع، فيما ستحاول حركة حماس التركيز على شن عمليات مباغتة في الجنوب، وتحديدا عند محاور الفصل التي يتمركز فيها الجيش.
وذكر يوآف
زيتون، المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، أن "عملية "جدعون2" انطلقت في مدينة غزة بقصف تمهيدي لمبانٍ شاهقة، ويتوقع أن تقترب في الأيام
المقبلة من أحياء لم تطأها أقدام الجيش منذ أكثر من عام، فيما يعمل المستوى
السياسي على تغيير اسم العملية، بهدف تسويقها للجمهور كخطوة جديدة لم تُجرّب في
الحرب بعد، ومن المحتمل أن يصدر رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو بيانًا يحمل اسمًا
جديدًا وأكثر "جاذبية" للعملية، التي قد تستمر، وفقًا لرئيس الأركان،
اللواء إيال زامير، حوالي عام".
تباينات الساسة والعسكر
وأضاف
في
مقال ترجمته "
عربي21" أن "هذا
التقييم لا يستند فقط للأنفاق الواسعة التي لا تزال قائمة في مدينة غزة، بل أيضًا لوجود
رهائن أحياء محتجزين هناك، وتم التأكيد على هذا الوضع بشكل أكبر في الأيام الأخيرة
لقادة القوات التي ستُجري مناورات في المدينة، مع العلم أن العملية بدأت بغارات
جوية تمهيدية لاستهداف مئات كاميرات المراقبة، ومواقع إطلاق الصواريخ المضادة
للدبابات، وقنص من الطوابق العليا للمباني في أحياء الشيخ عجلين والصبرة والرمال،
وسط المدينة وغربها".
وأشار
أن "حماس لا تزال تمتلك وتستخدم تقنيات مراقبة عسكرية متنوعة، رغم مرور عامين
على اندلاع الحرب، وبعض هذه التقنيات موجود ميدانيًا ضد الجنود، ويزعم الجيش أن
يؤدي انهيار المباني الشاهقة، وفي وضح النهار، وباستخدام ذخائر جوية خاصة، لتشجيع
مليون
فلسطيني يعيشون في خيام النازحين قربها على الفرار جنوبًا، عقب إعلانه عن
الانتهاء من بناء "مدينة نازحين" جديدة في خانيونس، مزودة بـ"ماء
ومأوى وغذاء وبنية تحتية طبية".
وأوضح
أن "انطلاق قطار "جدعون 2" بالفعل، قد يتعارض مع الجداول الزمنية
التي طالب بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولذلك سعى الجيش بالفعل لتقصير مدة الدخول
البري المرحلي لمدينة غزة بشكل طفيف، ويُقدّر أن السيطرة عليها نفسها لن تستغرق
أكثر من أسبوع أو أسبوعين، وربما بضعة أيام حتى الوصول الفعلي للمناطق العميقة مثل
مستشفيات الشفاء والإندونيسي والتركي، أي إلى الساحل البحري".
وأكد
أن "المسألة المعقدة لاحقا تتمثل بتحديد موقع البنية التحتية الاستراتيجية
لحماس، وتدميرها، وتمتد على مساحة كيلومترات من القواعد تحت الأرض، ويحتجز في بعضها
رهائن، ويُقدّر الجيش أن حماس ستحاول نقل المزيد منهم داخل المدينة، وهنا يكمن
مفتاح بقاء حماس، فتقييمه السائد الآن أنها لن تُغيّر نمط عملها المتمثل بمغادرة
الآلاف من مقاتليها من المدينة إلى الجنوب، مما قد يدفعه لإقامة
"حلّابات" لفرز المقاتلين من المدنيين المغادرين للجنوب، لكنه قرر
التخلي عن هذا الخيار، حتى لو كان على حساب استمرار بقاء حماس".
المخاوف من المقاومة
وشرح
أسباب ذلك متمثلة "برغبته بتسريع إجلاء سكان مدينة غزة قدر الإمكان، بجانب
الاعتبارات التقنية والعملياتية، لأنه يصعب جدًا على الجيش استنزاف مئات آلاف الفلسطينيين
عبر هذه الاختناقات في الحلابات، على شكل نقاط تفتيش، وإبطاء هذه القوافل كلما تم
التعرف على مسلح، حتى لو كان أعزلًا، وأوضح الضباط أننا لم نفعل ذلك إلا في مناطق
صغيرة، مثل حصار المستشفيات، أو مخيمات للاجئين، ولكن عندما يتعلق الأمر بنقل مئات
الآلاف، فهذا مستحيل، وحماس تستغل هذا الوضع في كل مرة".
وتخوف
الكاتب أن "تستغل حماس هذا الوضع لشنّ هجمات على القوات التي ستنتظر بجوار الفلسطينيين
الذين يتم مسحهم، وفرزهم، والفوضى التي ستسود هناك عند انفجار حزام ناسف، أو عندما
يستغل مسلح وجوده بين آلاف الأطفال والنساء، مما قد يكلف الجيش ثمنًا باهظًا".
وأوضح
أنه "في هذا الصدد، يُقرّ الجيش بأن هدف "عربات جدعون ب" ليس هزيمة
حماس، أو حتى القضاء على مقاتليها، بل إلحاق ضرر بالغ بالبنية التحتية في لواء غزة،
الذي تعافى بعض الشيء، بما يشبه الضرر الذي لحق بالبنية التحتية، فوق الأرض
وتحتها، في لواءي رفح وخانيونس في "عربات جدعون أ" خلال الأشهر الماضية".
وأضاف
أنه "رغم ضغوط القيادة السياسية للتحرك بأسرع وقت ممكن، أصدر زامير تعليماته
للقوات بمواصلة العمل وفقًا لمبدأ "السلامة قبل السرعة" لحماية الجنود،
وبالتأكيد في المناطق التي يوجد فيها رهائن، وأوضح في مناقشات جرت مؤخرًا أنه لا
يوجد ضمان بأن الرهائن في غزة بألا يُقتلوا خلال العملية، ولا يستطيع الجيش تقييم
كيفية تعامل حماس معهم خلال الأشهر المقبلة من المناورة، وما إذا كان ستستمر في
سياسة قتلهم عند سماع اقتراب قواته، ولذلك أوصى زامير على المستوى الاستراتيجي،
بالتوصل لاتفاق الآن، ولو جزئيًا".
وأشار
أن "الجيش يخشى من أن تؤدي طرق التقطيع الإضافية التي ستخترق مدينة غزة، بجانب
إنشاء مراكز توزيع طعام إضافية في شمال القطاع، إلى جرّه إلى حكم عسكري زاحف، وهو
ما يعارضه زامير نظرًا لحاجته لآلاف الجنود لتنفيذ هذه المهمة، ورغم وجود من يصفون
العملية على المستوى السياسي بأنها "غزو مدينة غزة"، إلا أن هذه الخطوة
عمليًا ستكون أشبه باستيلاء عملي عليها، عبر محاور فصل تخترقها، وتسمح بتقسيمها
وحصارها لأشهر عديدة، على غرار ما شهدناه في رفح وخانيونس".
محاور التقطيع
وكشف
أن "هذا النموذج من "عربات جدعون 3" قد يتكرر، إذا حصل الجيش على
إذن بالمناورة لأول مرة ضد كتيبتين لحماس لم يتم التعامل معهما ميدانيًا منذ بداية
الحرب، لوجود رهائن في منطقتهما: دير البلح والنصيرات في وسط القطاع، وحتى ذلك
الحين، يستعد الجيش لاحتمال تركيز حماس جهودها في الأشهر المقبلة تحديدًا على الجانب
الذي لن يكون محور الاهتمام، حيث تتولى قوات الاحتياط إدارة محاور الفصل في وسط
وجنوب القطاع، موراج وماغن عوز".
وتكشف
القراءة الاسرائيلية الحالية إلى ما يمكن وصفها تقلّبات المستوى السياسي والقرارات
التكتيكية قصيرة المدى التي اتخذها نتنياهو، والتي تتغير كثيرًا، إلى أن الجيش لم
يعد يعرف أين يستثمر موارده في القطاع، فهل يؤسس محاور التقطيع، خاصة المواقع
الدائمة للجنود، إلى مواقع متقدمة حقيقية، كما هو الحال في المنطقة العازلة شرقا،
ومحور فيلادلفيا جنوبا، بطريقة تمكن الجنود الذين يسيطرون على هذه المحاور من
القيام بذلك في ظل ظروف عملياتية ولوجستية معقولة، أو يتركون هناك في ظروف سيئة
ومعرضين لخطر التعرض والهجوم من قبل المقاومة.
وهنا
يستحضر جيش الاحتلال ما حصل مع لواء كفير خلال الهجوم المشترك لحماس قبل أسبوعين،
وللك تبدو القوات في حالة تأهب قصوى ليس فقط لسيناريوهات الهجوم عليها، ولكن أيضًا
لهجمات حرب العصابات على الحدود، في ضوء المناطق التي لا تزال فيها الأنفاق موجودة
على مسافة من الحدود.