صحافة إسرائيلية

تحذير إسرائيلي: حماس تعيد إنتاج نفسها من جديد

المقاومة سيطرت على الوضع الأمني بغزة بعد وقف إطلاق النار بصورة كبيرة- إعلام القسام
المقاومة سيطرت على الوضع الأمني بغزة بعد وقف إطلاق النار بصورة كبيرة- إعلام القسام
في الوقت الذي رحّب فيه الإسرائيليون بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في غزة، لأنه أوقف الحرب، وأعاد المختطفين، لكن المخاوف ما زالت قائمة أن يسفر الاتفاق عن "إنتاج" حماس جديدة، صحيح أن هناك معارضة إسرائيلية وإقليمية ودولية لذلك، لكن الحركة لا تعدم الحلفاء والأصدقاء الذين سيسعون لإعادة ترميمها، وهنا قد تعود الحركة إعادة نفسها بصورة جديدة، تهدد الاحتلال، ولو على المدى البعيد.

يوناتان أديري الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، أكد أن "الاحتلال صحيح أنه حقق إنجازات عسكرية في حربه الأخيرة على غزة وباقي الجبهات، لكنه الآن يُخاطر بالضعف الاستراتيجي، فبينما ينشغل النظام السياسي والأمني والعسكري بأكمله بـ"كيفية منع السابع من أكتوبر المقبل"، فإن التحول الحقيقي يحدث أمام أعيننا، وخلف ظهرانينا، صحيح أن حماس ربما "خفّضت رأسها" تكتيكياً للموجة العالية، لكن الأسابيع القليلة الماضية تُثبت أنها تمر بمرحلة تطور خطيرة".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الحركة تسعى جاهدة للسيطرة على المناطق التي انسحب منها الاحتلال في قطاع غزة، ومن ثم مواصلة حربها عليه في فترة لاحقة، صحيح أن ساحة المعركة شهدت قدرة الجيش على تفكيك قدرات الحركة العسكرية، بجانب التحالف الدولي الذي أنشأته واشنطن، الذي قدر يُجبرها على الاستسلام، ولكن "على الورق"، لكن هذا ليس استسلامًا، بل تطور استراتيجي، فحماس مستعدة لتحويل الصاروخ إلى طابع بريدي، والنفق إلى مكتب".

وأوضح أن "الحركة تُدرك أن القوة الحقيقية انتقلت من الأرض والميدان إلى الساحة الدولية، وهي مستعدة للتخلي عن السيطرة العسكرية في غزة مقابل الاندماج في مؤسسات السلطة الفلسطينية، ورفع مكانتها على الساحة الدولية، والنتيجة أن وضع الاحتلال في وضع سياسي حرج للغاية، لأنه يتعامل مع القضايا المرفوعة ضده في محاكم لاهاي، وقد انخفض تأييده في أوساط الرأي العام في الولايات المتحدة، خاصةً جيل الشباب، إلى أدنى مستوياته، وأظهر استطلاع رأي أن نصفهم يعتقدون أن هجوم السابع من أكتوبر كان مُبررًا".

اظهار أخبار متعلقة



وأضاف أن "هذه الظاهرة مألوفة، فقد رأيناها في لبنان، حين تحوّل حزب الله من مليشيا إلى الحزب المسيطر في الحكومة، دون التخلي عن سلاحه، ورأينا حركات معادية للإمبريالية العالمية في أوروبا تستبدل الزي العسكري بالبدلات، وتدخل البرلمان، ورأينا الإخوان المسلمين في مصر، مما يؤكد أن الاستراتيجية واحدة، وتتلخص في تخلّي حماس، مؤقتاً، عن شكلها العسكري، وتتخذ شكلاً مؤسسياً بأسماء جديدة لمواصلة نضالها".

وأشار أن "من يريد حماس جديدة هما دولتان راعيتان للإخوان المسلمين: تركيا وقطر، فبالنسبة لهما، حماس هي مشروع استراتيجي، وتدركان أن السبيل الوحيد للحفاظ على أهميتها هو "تبييضها"، وتحويلها من منظمة مسلحة إلى لاعب سياسي شرعي، وتحت مسمى مختلف، وقد بدت أفعالهما ظاهرة للعيان".

وزعم أن "قطر تواصل ضخّ مئات الملايين إلى غزة، وهذه المرة تحت ستار "المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، وتستضيف مسؤولي حماس، وتُجري مفاوضات سياسية نيابةً عنهم، وتُقدّمهم كشريك، وتُخضع الخط التحريري لإمبراطورية الإعلام التي تملكها، من الجزيرة ومشتقاتها لمصالح حماس، أما تركيا أردوغان، التي وصفت نتنياهو بأنه "هتلر العصر الحديث"، فهي تُوفر لحماس غطاءً سياسيًا وأيديولوجيًا، وتُروّج لها في المحافل الدولية كـ"حركة تحرير" شرعية".

واستدرك بالقول إن "هناك من يعتبر حماس الجديدة كارثة، حيث ترى السعودية والإمارات فيها تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي الذي تسعيان لبنائه استنادًا إلى "رؤية 2030" لولي العهد محمد بن سلمان، لأن حماس بنظرهما، فرعًا لجماعة الإخوان المسلمين، وليست مجرد عدو أيديولوجي، ولذلك فهما لا تريدان "تبييض" سمعتها، بل تريدان حكمًا مدنيًا حقيقيًا في غزة: إصلاحات، وشفافية، ونزع سلاح، وسيطرة على التعليم، وليس عبثًا رفضهما المشاركة في قمم "المصالحة" الإقليمية الهادفة لتجديد شرعية حماس مثل شرم الشيخ".

ودعا الكاتب إلى "ضرورة أن تبادر دولة الاحتلال، التي تعاني من وضع غير مؤاتٍ على الساحة السياسية، أن تخلق مناعةً في هذه الأروقة المعارضة لإعادة إنتاج حماس، وستأتي هذه المناعة من قناتين واضحتين: أولاهما استغلال التطبيع مع السعودية لإثبات لحماس أنها فشلت في تحقيق الهدف النهائي لقادتها، وهو منع الاحتلال من توسيع جذورها السياسية في المنطقة العربية الرائدة".

وأشار أن "القناة الثانية تتمثل بتصميم سياسي حازم على جبهتين: الأولى تعزيز قبضة الاحتلال على سوريا، ومواصلة تطوير التعاون مع قبرص واليونان كرافعة لإخراج تركيا من المعادلة، والثانية استغلال ما تبقى من إدارة ترامب لإغلاق الأونروا، والضغط على المؤسسات الدولية المعادية، واستبعاد أنقرة والدوحة تمامًا من أي تسوية مستقبلية على الأرض في غزة".

وزعم أن "هذه مرحلة دبلوماسية معقدة، ولذلك يجب منع حماس الجديدة من السيطرة على المؤسسات السياسية الفلسطينية الشرعية، لكن الخطورة أن البنية التحتية السياسية لدولة الاحتلال فاسدة، ويعمل في هذه المواقع أشخاصٌ مؤقتون، وذوو فهم محدود لما يحدث".

تتواصل التحريضات الاسرائيلية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بزعم أنه منح حماس "شهادة ميلاد" جديدة، وباعتراف دولي هذه المرة، عقب عجز الاحتلال طوال عامين على استئصالها، والقضاء عليها، الأمر الذي يدفعهم لإبداء مزيد من المخاوف من إمكانية إعادة الحركة لإنتاج نفسها، ولو بثوب جديد، ومسمى مختلف.
التعليقات (0)

خبر عاجل