أفكَار

من الأقمار الصناعية إلى القاعات البرلمانية.. اللغة والسياسة في صراع النفوذ العالمي

بوتين: إنه لا يمكنني أن أكون ضد إسرائيل وفي دولتها يعيش مليونان من المتحدثين باللغة الروسية! الأناضول
بوتين: إنه لا يمكنني أن أكون ضد إسرائيل وفي دولتها يعيش مليونان من المتحدثين باللغة الروسية! الأناضول
في عالم اليوم المتشابك بين السياسة والثقافة والاقتصاد، لم تعد اللغة مجرد وسيلة للتواصل، بل أصبحت أداة استراتيجية في يد الدول والسياسيين لتوجيه الشعوب وفرض النفوذ وصياغة الهويات. فاللغة يمكن أن تكون جسرًا يربط بين الثقافات أو سلاحًا يمزق المجتمعات، ووسيلة للهيمنة أو درعًا لحماية السيادة الوطنية. من الصراعات الإعلامية المتسارعة عبر الأقمار الصناعية والفضائيات العابرة للقارات، إلى المنافسة على النفوذ الثقافي والهوية الوطنية، تلعب اللغة دورًا حاسمًا في رسم الولاءات السياسية وتحديد موازين القوى.

في هذا المقال، يسلط الدكتور أحمد بن نعمان، الكاتب والباحث الجزائري، الضوء على المظاهر التفاعلية بين اللغات والأنظمة السياسية، مؤكداً أن اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل أداة استراتيجية يستخدمها السياسيون والدول في الصراع على النفوذ والهوية والسيادة. يوضح الدكتور بن نعمان كيف أن اللغة تتداخل مع السياسة في كل أبعادها: من الصراعات الإعلامية والتنافس على النفوذ الثقافي، إلى تحديد الولاءات السياسية والهوية الوطنية، وصولاً إلى تأثيرها في المجتمعات متعددة اللغات حيث يمكن للغة أن تصبح سلاحاً للهيمنة أو أداة للحماية.

اللغة والسياسة

يمكن أن نلمس هذه العلاقة بين السياسة واللغة في العديد من الأوضاع والحالات السائدة في عالمنا المعاصر، ومنها على سبيل المثال :

أولا ـ الصراع الإعلامي بين الدول المتعارضة النظم والمصالح في الوقت الحاضر، وقد ساعد على هذا الصراع تطور وسائل الاتصال بين البلدان بكيفية زادت من خطورة اللغة كوسيلة فعالة من وسائل الحرب العصرية (النفسية والعسكرية) ويظهر ذلك جليا في تفنن معظم دول العالم في أساليب الدعاية لنظمها السياسية وأجنداتها العقدية ومكافحة الدعاية المضادة لها باقتناء أحدث الأجهزة العلمية المتطورة للإرسال والاستقبال، وقد بلغ ذلك ذروته باستعمال الأقمار الصناعية والفضائيات العابرة للقارات والمحيطات  والتي تنقل الصوت والصورة اللحظية والرقمية في لمح البصر.!! وقد تصل إلى المرسل إليه في قارته من الكرة الأرضية بلغته قبل أن يرتد إليه طرفه وهو جالس على مكتبه أو نائم في حجرة نومه  !!!

ثانيا ـ حرص معظم الدول المتقدمة في العالم  على نشر لغاتها بكل ما تملك من وسائل الترغيب والترهيب في البلدان الأخرى، إدراكا منها لخطورة اللغة في التأثير على الرأي العام السائد في البلدان التي تنتشر فيها، وذلك بهدف الاستحواذ الثقافي الذي يعتبر المفتاح الذهبي للاستقرار السياسي، والاقتصادي، وأبرز مثال على ذلك نلمسه فيما هو قائم بين فرنسا وبريطانيا من تنافس على نشر لغة كل واحد منهما في بلدان العالم عموما والقارة الإفريقية على وجه الخصوص، حتى أصبحت الدول الإفريقية اليوم مقسمة من حيث التسمية على أساس اللسان الوطني والرسمي المعتمد في كل بلد منهما داخل القارة  وهي الدول الناطقة بالفرنسية والدول الناطقة بالإنجليزية، ويتأكد ذلك بما نجده من انتماءات سياسية لفرنسا وبريطانيا في هذه البلدان بحسب اللغة التي يعتمدها كل بلد رسميا ومؤسساتيا واجتماعيا فيها كلغة مشتركة..

ويكفي دليلا على ذلك أن فرنسا قد أنشأت من أجل ذلك  وزارة للهوية الوطنية ومنظمة عالمية  للفرنكوفونية  وقنوات فضائية خاصة بمستعمراتها السابقة والحالية في ما وراء البحار (ما دون كل بلدان  العالم..) تصرف عليها الملايين من ميزانية الدولة، وكمثال على ذلك نورد هذا التصريح  لوزير فرنسي إثر تأميم الجزائر للبترول سنة 1971 يقول فيه: "إن قطع العلاقات السياسية مع الجزائر، سيؤثر على وجود اللغة الفرنسية في هذا البلد الذي يلاحظ فيه النزوع القوي نحو التقليد للنموذج الفرنسي الناتج عن انتشار اللغة الفرنسية"، هذا كان من 54 سنة أما الآن فاضرب هذا التأثير في أرقام مذهلة!!؟

وحول هذا الموضوع أيضا، ورد في صحيفة (المجاهد): "مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية يشتد النقاش والصراع على الساحة السياسية بين مختلف الأحزاب، حيث يحاول كل حزب تمرير أطروحاته في وسط الرأي العام لكسب تأييده ودعمه للفوز بالكرسي الرئاسي، وتحتل سياسة فرنسا الإفريقية في حلبة هذا الصراع السياسي حيزاً كبيرا، حيث يحاول كل حزب أن يظهر بمظهر الغيور على مصالح فرنسا بالقارة السمراء أكثر من غيره، وتتجسد تلك المواقف التي تعد تعبيرا واضحا عن الرواسب الاستعمارية التي لا تزال قائمة في الذهنية الفرنسية في تصريح السيد بيار ميسمار(رئيس الوزراء الفرنسي السابق،) ورئيس مجموعة حزب التجمع من أجل الجمهورية  في البرلمان أمام جمعية الصحافة الأوروبية  قال فيه: "تعتبر السياسة الإفريقية لفرنسا رهان في الحملة الانتخابية الرئاسية، فإذا أعيد انتخاب السيد (فرانسوا ميتران) رئيسا للجمهورية سيعود لحلمه القديم... في حين نحن بالعكس من ذلك نعطي الأولوية لإفريقيا وبالخصوص لإفريقيا الفرنكوفونية".

ويؤكد استمرارية فرنسا في هذه السياسة اللغوية الاستراتيجية "المتبعة من طرف الرئيس الأسبق جاك شيراك ما جاء في جريدة الخبر الجزائرية (بتاريخ 2000/04/09) تحت عنوان: "التلفزيون يراقب برقيات الرئيس" جاء فيها: "أسقط مقص الرقابة لمؤسسة التلفزة الجزائرية من محتوى البرقية التي وجهها الرئيس الفرنسي جاك شيراك للرئيس بوتفليقة بعد انتهاء القمة الإفريقية الأوروبية بالقاهرة، فقد جاء فيها: وهذا التكريم الذي خصصتموه للغة الفرنسية باختيارها لتنشيط نقاشات جلسة العمل التي ترأستموها، وعلى عكس هذه الرقابة التليفزيونية التي حذفت هذه الجملة السابقة، فقد أوردت وكالة الأنباء الجزائرية البرقية المذكورة كاملة وهو ما يؤكده الكاتب الصحفي سعد بوعقبة معلقا على هذا الحدث بقوله: "إذا صح ما أوردته وكالة الأنباء أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك قد شكر الرئيس الجزائري على استعماله اللغة الفرنسية في تدخلاته.. فإن الرئيس الفرنسي قد أساء الأدب للرئيس الجزائري من حيث أراد شكره، لأننا لا  يمكن أن تتصور مثلا رئيس وزراء بريطانيا يشكر الرئيس الفرنسي جاك شيراك على استعماله اللغة الأنجليزية دون أن يحس شيراك بالإهانة أن تثار حوله ضجة كتلك التي أثارتها الصحافة الفرنسية عندما نطق شيراك جملة واحدة بالأنجليزية عند زيارته لأمريكا، ولا أعتقد أن الرئيس الجزائري الذي يقول عن نفسه أنه محنك في الديبلوماسية قد تغيب عنه هذه الإهانة التي وجهها له الرئيس شيراك بمثل هذا القول.. والأكيد أن إهانة القاهرة هذه لن تمحى من ذاكرة الجزائريين إلا إذا تحدث بوتفليقة مع شيراك خلال زيارته القادمة لفرنسا بواسطة مترجم ولكن ذلك أمل بعيد المنال في وضع أصبحت فيه عناصر السيادة المقدسة دينيا وتاريخيا وشعبيا طابوهات يراد لها التحطيم والاستئصال تحت شعارات مختلفة وراءها سياسات استحلالية ممنهجة بشكل رهيب ومريب.! ؟!!

اعتماد النظم السياسية الديمقراطية في العالم على اللغة في المناظرات السياسية في التلفزيون والجدل والنقاش الذي يدور في القاعات البرلمانية والتجمعات العامة وحملة الشرح والدعاية الانتخابية، حيث يتبارى الجميع في اختيار أحسن التعبيرات اللغوية وأقواها تأثيرا في النفوس
كما جاء حول هذا الموضوع أيضا في جريدة "الفجر" بتاريخ 2001/04/31: استذكر الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) سيطرة الاعتبارات التاريخية على العلاقات الجزائرية الفرنسية، ودعا إلى التخلص مما أسماه "بعقدة الثورة" وفي حديث أدلى به لإذاعة (مونتي كارلو) قال فيه: «لقد حدث اليوم انفراج كبير في أزمة العلاقة بين الجزائر وفرنسا مع المصالح الاقتصادية الهائلة والمصالح السياسية والثقافية كذلك، ومع تأكيده على دور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في تحسين العلاقات الجزائرية الفرنسية، أبرز الرئيس شيراك أهمية سنة الجزائر الثقافية في فرنسا عام  2003، وعبر عن رغبته في أن تكون هذه السنة ثقافية بالدرجة الأولى... وحسب الرئيس شيراك تبقى الجزائر الشريك الأكثر أهمية في المنطقة كلها"..

ثالثا ـ اعتماد النظم السياسية الديمقراطية في العالم على اللغة في المناظرات السياسية في التلفزيون والجدل والنقاش الذي يدور في القاعات البرلمانية والتجمعات العامة وحملة الشرح والدعاية الانتخابية، حيث يتبارى الجميع في اختيار أحسن التعبيرات اللغوية وأقواها تأثيرا في النفوس للدفاع عن الرأي وإبطال حجج المنافسين وكل حزب سياسي في العالم لا يعدو نشاطه أن يكون عملا دعائيا لترغيب الناس فيه للانضمام إليه، ولا يكتب النجاح إلا لتلك الأحزاب التي يعرف زعماؤها كيف يستعملون اللغة للتأثير في الجماهير، والدليل على ذلك أن معظم الزعماء السياسيين الحقيقيين في العالم هم من ذوي القدرات اللغوية العالية والمواهب الخطابية اللافتة للنظر!؟!؟  

وأذكر بالمناسبة انني كنت ضمن ملايين المشاهدين للمناظرة التي جرت في التلفرة الفرنسية بين مرشح اليمين (جاك شيراك) ومرشح اليسار (ليونال جوسبان) قبل إجراء الدور الثاني للرئاسيات في شهر مايو من سنة 1995 ولاحظت أن أول ما اهتم به المحللون والمعلقون على خطابي الرجلين هو مستوى اللغة الفرنسية في تعابير كل مترشح "لأن اللغة الوطنية بالنسبة للشعوب والأمم الحية هي مرآة  السياسة وعنوان السيادة وثابت الهوية الوطنية لكل الشعوب الحية غير القبلية وغير الرعوية والبدوية مثل بعض مستعمراتها السابقة واللاحقة في شمال القارة السمراء على الخصوص !!!!.

وكما تحدث السياسة كلمات وتركيبات خاصة بها، فإنها تقوم بإزالة كلمات أخرى من التداول بعد مدة تقصر أو تطول، ويبدو ذلك على الخصوص في الأنظمة السياسية المتقلبة أو الانقلابية في العالم (المتخلف) حيث تظهر كلمات كثيرة مع ظهور النظام، وتختفي من الاستعمال باختفائه.  (كالجماهيرية والكتاب الأخضر والبريسترويكا والقومية والبعثية والاشتراكية والربيع العربي؛ الأخضر والأحمر والأسود والأغبر !!؟؟) ومن المعلوم أن المفردات اللغوية التي لا يعود لمسمياتها وجود في الواقع الاجتماعي تأخذ في الزوال شيئا فشيئا (مثل الكلمات السالفة الذكر) .

ونخلص مما تقدم إلى القول بأن للنظام السياسي علاقة قوية باللغة، حيث يؤثر كل واحد منهما في الآخر بمقادير متفاوتة في الدرجة بحسب الزمان والمكان، ويكفي دليلا على قوة هذه العلاقة النوعية الرابطة بين السياسة واللغة أن بعض النظم السياسية قد أحيت لغات كادت تشرف على الزوال، كما هو  الحال في الأراضي المحتلة  من فلسطين سنة 1948 ونظم سياسية أخرى حاولت قتل لغات حية  وإزالتها من الوجود كما وقع للغة العربية في بعض البلاد التي وقعت تحت الاحتلال الصليبي اللاتيني في الماضي والحاضر مثل الجزائر وبلاد المغرب العربي عموماً !!!

وإذا كان هذا مثال يخص الفرنكوفونية.. فالأنجلوفونية هي أيضا لا تقل عنها أمثلة وشواهد حية من الواقع، وقس على ذلك الهيئات السياسية الأخرى في مشارق الأرض ومغاربها في ماضيها وحاضرها.. وفي هذا الخصوص يقول الدكتور حسين مؤنس ما نصه: "ومنذ بدايات الاستعمار تحول الانتشار الثقافي إلى عملية فرض فكري متفرع عن الغزو السياسي وملازم له. فأما في البلاد التي لم يكن لأهلها لغات كاملة مكتوبة فقد سهل الأمر وأصبحت الإسبانية والإنجليزية والبرتغالية والفرنسية لغات الحضارة في معظم البلاد التي فتحتها، ومع الغزو اللغوي سارت عملية غزو فكري فاتخذ أهل هذه البلاد الآراء الفرنسية والأدب الفرنسي إلى جانب اللغة، وأصبح من يريد التعلم من أهل هذه البلاد ملزما بدراسة لغة الغاليين (les gaulois) .

للنظام السياسي علاقة قوية باللغة، حيث يؤثر كل واحد منهما في الآخر بمقادير متفاوتة في الدرجة بحسب الزمان والمكان، ويكفي دليلا على قوة هذه العلاقة النوعية الرابطة بين السياسة واللغة أن بعض النظم السياسية قد أحيت لغات كادت تشرف على الزوال، كما هو الحال في الأراضي المحتلة من فلسطين سنة 1948
وقد بذل الإنجليز جهدا كبيرا في إحلال اللغة الإنجليزية محل الهندية ولغات شبه الجزيرة الهندية الأخرى. ووفقوا في ذلك إلى حد كبير، فجعلوا التعليم كله إنجليزيا، حتى اللغات العربية والإيرانية والسنسكريتية والأردو التي كانت تستعمل فيما دان للإسلام من بلاد شبه الجزيرة الهندية، أوقف تعليمها ليخلو الجو للغة الإنجليزية وحدها، ومع اللغة دخلت الأفكار والآراء والتقاليد والعادات الإنجليزية بلاد الهند، فتشبه الناس هناك بالإنجليز في كل شيء!

وهذا مثل آخر فريد في الغزو الثقافي اتخذ سلاحا من أسلحة الغزو السياسي. وقد وفقت الفرنسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى غزو ميادين واسعة من ميادين الحضارة الإنسانية، فأصبحت لغة
السياسة والمعاملات الدولية، ومع هذا الانتشار للفرنسية انتشرت أشياء فرنسية أخرى كثيرة مثل الأقمشة والفرش والعطور الفرنسية.ثم العلوم والآداب والتقنية..

ولكن الإنجليزية لم تلبث أن تفوقت عليها في الميدان الدولي بسبب النجاح الكبير الذي وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية ووصولها إلى مستوى الدولة الأولى في عصرنا الحاضر، فغلبت لغتها على ما عداها في العديد من الميادين التي تفوقت فيها. 

ومن مظاهر هذا الصراع الذي يثبت خطورة اللغة وعلاقتها بالسياسة ومصالح الدول التي تتصارع فيما بينها من أجل إثبات وجودها الحضاري والسياسي والاقتصادي بين الأمم خدمة لمصالحها، نذكر على سبيل المثال أيضا تلك الضجة التي قامت في فرنسا حول معهد باستور الطبي الشهير لاعتماده اللغة الإنجليزية لغة بحث دون الفرنسية!؟!!

رابعا ـ ظهور العديد من الحركات السياسية في العالم بسبب الاختلاف اللغوي السائد بين مقاطعات البلد الواحد، والذي يجد فيه المطالبون بالانفصال مبررا قويا لإقامة دويلات ذات كيان مستقل بخصائصه "القومية"، وأحدث مثال على ذلك تمزق العراق الحالي إلى قوميات، وترؤس الأقلية الكردية للأغلبية العربية في العراق بعد الغزو الأمريكي (سنة 2003) تفاديا لاستقلال إقليم كردستان في الشمال، نتيجة اختلاف الأكراد السنة عن العرب السنة في اللغة!! 

واستصدار قانون التدخل السريع من منظمة الأمم المتحدة لحماية الأقليات تحت الفصل السابع وكان وراءه  فرنسا للوصول إلى أهداف بعيدة المدى لخدمة المصالح الفرنسية ذاتها في الجزائر وما جاورها (ونحن نعيش تحقيق تلك الأهداف الفرنسية  هذه السنة بالذات 2025) وتأكيدا لهذه العلاقة الوظيفية القوية بين اللغة والسياسة ما لا حظه العالم كله في الحرب الأخيرة بين الكيان الغاصب لفلسطين وإيران الحليفة قبل ذلك  (في الظاهر) مع روسيا في حربها القائمة ضد أوكرانيا منذ سنوات لأسباب ذات أصل لغوي سياسي في الأساس.. لاحظنا كيف وقفت روسيا مع المعتدي (الأمريكي الصهيوني) ضد إيران ورأى العالم كله كيف برر فلاديمير بوتين وقوفه السلبي مع إيران في حربها المصيرية مع أمريكا والكيان.. وكيف برر بوتين ذلك الموقف المشين بقوله: "إنه لا يمكنني أن أكون ضد إسرائيل وفي دولتها يعيش مليونان من المتحدثين باللغة الروسية!!!!" وهو ما يؤكد ما كان قد صرح به عند غزوه أرض أوكرانيا سنة 2014  حيث ورد في جريدة الخبر الجزائرية ليوم 22 أبريل 2014 تحت عنوان (موسكو تمنح الجنسية للانفصاليين في شرق اكرانيا) جاء فيه : "وقع الرئيس الروسي فلادمير بوتين قانون منح الجنسية لمواطني شرق أوكرانيا  ويرمي  هذا إلى تمكين روسيا من التدخل لحماية مواطنيها (المتحدثين بالروسية) من الانفصاليين الذين يقفون  في وجه حكومة كييف التي يعتبرونها "غير شرعية"، كما وقع قانونا آخر يلزم الأجانب الراغبين في العمل في روسيا بإثبات معرفتهم للغة الروسية وتاريخ روسيا وتشريعها..

ولا نجد حالة من هذه الحالات المشابهة في العالم إلا وتقف وراءها قوى سياسية مدعمة ونافخة في نار الفتنة الإقليمية والتقسيم والانفصال والاستقلال من أجل أن يسود الأقوياء والأذكياء على حساب الضعفاء والجهلاء والشعوب التي يحكمها العملاء والسفهاء.. أو من تنطبق عليهم الصفتان معا!؟  والواقع التفاعلي بين اللغات والسياسات في معظم القارات معروض كالحصيرة أمام كل ذي بصر وبصيرة  وما على الذين لا يملكون سوى الأقلام مثلنا إلا التنويه والتنبيه إلى الأخطار الناجمة عن اختلاف الألسنة في الأوطان وذلك أضعف الإيمان...!!؟؟

ولعل أبلغ مانختم به هذا المقال حول علاقة اللغة بالسياسة هي جملة  مفيدة جدا قالها الأمين العالم للحلف الأطلسي في تصريح له  لمجلة نيويرك تايمز في الرابع من شهر يوليو 2025 وهي: "سنضطر إلى تعلم اللغة الروسية في حال عدم  رفع ميزانية (الناتو)!؟!؟".
التعليقات (0)

خبر عاجل