ملفات وتقارير

12 عاما من الانقلاب | لماذا خفت صوت المصريين بالخارج.. هل انتهى حلم التغيير؟

ملف المعتقلين السياسيين في مصر يظل هدف وبصلة للمعارضين - عربي21
ملف المعتقلين السياسيين في مصر يظل هدف وبصلة للمعارضين - عربي21
بعد 12 عامًا من الانقلاب العسكري الذي قاده رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في تموز / يوليو 2013، مغيرا لوجه الدولة سياسيا واجتماعيا وأمنيا، أصبحت مصر في قبضة أمنية صارمة أوقف مسيرة الحريات، واعتقل الآلاف من المعارضين السياسيين، ما ترك أثرا عميقا على المشهد السياسي داخل مصر وخارجها.

على خلاف السنوات الأولى التي تلت الانقلاب، شهدت فيها الجاليات المصرية في الخارج نشاطا متواصلا واحتجاجات مستمرة ضد سلطة الانقلاب مطالبة بإسقاطه وخروج المعتقلين، ما أثر في الرأي العام الدولي، بدأ الحراك المعارض بالخارج يعاني من عزوف ملحوظ في السنوات الأخيرة، وانشغل المعارضون بالقضايا الإقليمية، أو تأثروا بالخلافات الداخلية.

وقد يعزى هذا العزوف إلى عدة أسباب، أولها إحساس عدد من المعارضين بأن الجهود المبذولة لم تثمر تغييرات فعلية في الداخل، خاصة مع استمرار القمع والتشديد الأمني، بالإضافة إلى ذلك، أدت التطورات الإقليمية على رأسها سوريا وغزة إلى تحويل أنظار كثيرين من المعارضين المصريين نحو هذه القضايا.

اظهار أخبار متعلقة


كما شهد المشهد السياسي في الخارج حالة من الانقسام بين رفقاء الدرب سواء كانت خلافات إدارية أو اختلاف الأسلوب فمنهم يصر على الاستمرار في الحراك وبين من أصابه اليأس، ما أدى إلى ضعف التنسيق وصعوبة تنظيم فعاليات مؤثرة بشكل مستمر كما كان من قبل.



ملف المعتقلين السياسيين.. قصة القمع المستمر
رغم تراجع الحراك في الخارج، يبقى ملف المعتقلين السياسيين في مصر هدف وبصلة للمعارضين بالخارج حيث يعد من أكثر الملفات إيلاما ووضوحا على حجم القمع الذي تمارسه النظام فعشرات الآلاف من الشباب، الناشطين، والصحفيين، يقبعون في السجون المصرية تحت ظروف اعتقال قاسية، مع غياب أي مسار واضح للعدالة أو الإفراج عنهم.

دور السياسيين وتحديات المعارضة
في ظل هذا الواقع، يتباين دور السياسيين والنواب البرلمان في عهد الثورة والمعارضين بالخارج بين من يحاولون إعادة إحياء الحراك وتجديد الخطاب السياسي، ومن انشغلوا بأمور أخرى إضافة إلى عدم وجود قيادة موحدة وموارد كافية، أثر على قوة المعارضة الخارجية.


شرعية مرسي أم إسقاط الانقلاب؟
ومن جانبه أكد عضو البرلمان المصري السابق النائب طارق مرسي، أن تراجع زخم دعم الشرعية في الخارج خلال السنوات الماضية يعود إلى أسباب متعددة ومتداخلة، موضحا في تصريحات خاص لـ "عربي21" أن تفكك ما كان يعرف باتحاد دعم الشرعية في السنة الأولى للانقلاب كان من أبرز العوامل التي أثرت سلبا على تنظيم الحراك وتنسيقه بين مكوناته.

وأشار مرسي إلى أن التوصيف الحالي للمشهد السياسي أصبح مختلفا بين الفرقاء والنخبة الرافضة للانقلاب، حيث تجاوز الكثيرون منهم قضية الشرعية بعد استشهاد الرئيس المصري الراحل محمد مرسي في سجنه، وأصبحت القضية تعتبر بين الرئيس والعسكر فقط، وليس صراعا من أجل الديمقراطية وحرية الشعب واختياره.

اظهار أخبار متعلقة


وأوضح النائب البرلماني السابق أن الشباب والمكون الشعبي الرافض للانقلاب هم الأكثر تمسكا بمفهوم الشرعية مقارنة بالنخبة السياسية التي تحاول التأقلم مع النظام العسكري وتقبل دور المعارضة ضمن المساحات المحدودة التي يفرضها الانقلاب.

أسباب العزوف عن الحراك

وفيما يتعلق بالعزوف الظاهر من قطاعات واسعة من المصريين في الخارج عن التفاعل مع قضية إسقاط الانقلاب، أكد مرسي أن ذلك لا يمكن اعتباره عزوفًا بالمعنى الحرفي، وإنما يعود إلى أسباب منها ضعف الحراك الداخلي، الذي أثر بشكل مباشر على نشاط الخارج، إلى جانب الضغوط الحياتية المتزايدة التي يعاني منها المصريون بالخارج، مثل تحمل نفقات الأسر، ورسوم المحامين، ومصاريف الزيارات، بالإضافة إلى مشاكل فقدان جوازات السفر ورفض النظام تجديدها، مما زاد من معاناة المهاجرين.

وحول تأثير الخلافات والانقسامات بين الكيانات السياسية بالخارج على ضعف الحراك، أكد مرسي أن أداء النخبة السياسية تسبب في إحباط الكثيرين، مشيرا إلى غياب بعض الأطراف عن المشهد أو قبولها بالأمر الواقع، ما ساهم في ضعف المشروع السياسي الوطني، مضيفا أن حالة الانقسام والتراشق بالاتهامات بين مكونات المعارضة زادت من إضعاف دورها، مؤكدًا أن مصر تعاني من ضعف رموزها السياسية والتيارات المؤثرة التي يمكنها إدارة العمل السياسي في ظروف الأزمة الراهنة.

وبالحديث عن "حالة اليأس" في صفوف المصريين بالخارج، استدرك مرسي بأنه لا يفضل وصف الوضع بهذا المصطلح، لكنه لا ينكر وجود الغضب بسبب مواقف بعض الدول والمنظمات التي تدعي دعم الحرية وحقوق الإنسان لكنها تستقبل السيسي بحفاوة وتقدم الدعم المالي لنظام الانقلاب، وكذلك الكيانات والسياسيين في الخارج مما يقلل من ثقة المعارضين في المجتمع الدولي.


Image1_72025283326378330970.jpg

غزة جذب اهتمام المصريين

من ناحية أخري أثرت الأحداث الإقليمية، خاصة العدوان على غزة، على أولويات المصريين بالخارج، حيث أكد مرسي أن انتصارات المقاومة الفلسطينية تركت أثرا إيجابيا وأملا في قادة المقاومة، لكنها أيضا حولت اهتمام المصريين بالخارج نحو دعم غزة، مما أدى إلى تهميش قضية الانقلاب في مصر.

وأشار مرسي إلى أن مصر في عهد السيسي فقدت دورها الإقليمي الفاعل وأصبحت تابعة لأجندات دول مثل السعودية والإمارات، ومرتبطة بالأوامر الإسرائيلية والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن هذا الواقع أثر هو الآخر على المشهد السياسي الداخلي والخارجي، كما أن التفاؤل الذي أعقب نجاح الثورة السورية كان نشوة مؤقتة، حيث أن الظروف المعقدة للصراع السوري مختلفة كليا عن الملف المصري، مما جعل الأمل في إسقاط النظام السيسي أقل واقعية.

المعارضة المصرية بحاجة لتجاوز الخلافات
وفي السياق ذاته أكدت عضو المجلس الثوري المصري، الدكتورة نهال أبو سيف، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن جزءا كبيرا من المعارضين المصريين في الخارج تأثروا بالخلافات بين النخب السياسية، وهو ما انعكس سلبا على تماسك الحراك المعارض وفعاليته خلال السنوات الماضية.

وقالت إن كثيرًا من النشطاء، خاصة ممن يقيمون في لندن، كانوا يتحركون بقوة في الفترة الأولى بعد مغادرتهم لمصر، لا سيما أثناء تقديمهم طلبات اللجوء، في محاولة لإثبات أنهم معارضون سياسيون، ولكن بعد حصولهم على اللجوء، انشغل عدد كبير منهم بتأمين سبل العيش أو تقنين أوضاعهم القانونية والاجتماعية في البلدان المضيفة، في ظل غياب أوراق ثبوتية أو جوازات سفر، وضغوط متزايدة تمارسها بعض الدول.

ورأت أن هذه العوامل أدت إلى تراجع في النشاط السياسي لكثير من المعارضين، إلى أن جاءت أحداث غزة التي أعادت الشغف والحماسة لدى شرائح واسعة من المصريين، خاصة أن حل أزمة غزة يبدأ بإسقاط النظام المصري المشارك في حصار القطاع، بحسب تعبيرها.

أما فيما يتعلق بالساحة السورية، فأشارت أبو سيف إلى أن التفاؤل بعد الثورة السورية تراجع بعد مواقف الرئيس السوري أحمد الشرع، لا سيما بعد توليه المنصب رسميا، حيث بدا أنه يسعى للتموضع داخل النظام الدولي عبر البوابة الأمريكية، وظهر ذلك في رد فعله على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت: "ربما يبرر ذلك بأن سوريا تعاني أزمة خانقة وتحتاج للانفتاح، لكن النتيجة كانت تأثيرا سلبيا على طموحات كثير من المعارضين في مصر والوطن العربي بشأن التغيير وفرص انطلاق التغير وإسقاط الأنظمة الديكتاتورية من بوابة سوريا ".

اظهار أخبار متعلقة


وختمت بالتأكيد على ضرورة نبذ الخلافات بين مكونات المعارضة المصرية، وعلى الرغم من مشاركة عدد من النواب والسياسيين بالحراك إلا أن عدد كبير منهم غير متفاعل والقضية تحتاج لمزيد من الجهد السياسي الدبلوماسي والحراك على أرض الواقع.


Image1_72025283759551482546.jpg

أشارت إلى أن الحراك يحتاج إلى العمل على توحيد الصفوف وإحياء القضية في نفوس الناس من جديد، مؤكدا إن المجلس الثوري المصري يبذل جهودًا في هذا السياق من خلال تنظيم فعاليات وفتح قنوات تواصل بين التيارات المختلفة، كما شددت على أن قضية المعتقلين يجب أن تبقى حيّة في الوجدان، وألا يتم التخلي عنها تحت أي ظرف.
التعليقات (0)