كشفت مصادر صحفية وعشائرية لـ"عربي21" أن قوات
الاحتلال تمارس ضغوطا على بعض العائلات في مدينة
غزة لدفعها إلى تشكيل مليشيات مسلحة تعمل تحت إمرتها، على غرار "
مجموعة أبو شباب"، مقابل حمايتها ومنع استهدافها، إلا أن هذه الطلبات قوبلت بالرفض.
وقال مصدر عشائري مطلع لـ"عربي21" إن ضابطا في مخابرات الاحتلال تواصل مع مختار عائلة بكر التي تسكن منطقة غرب مدينة غزة، وخيرّها بين التعاون وتشكيل
مليشيا مسلحة من أبناء العائلة لتنفيذ مهام خاصة، أو الرحيل عن بيوتهم والنزوح إلى جنوب القطاع، تحت طائلة التهديد والابتزار، إلا أن العائلة رفضت التعاون.
وشدد المصدر على أن مختار العائلة، مروان بكر، رفض التعاطي مع ما طرحه ضابط المخابرات، واضطر إلى مغادرة منزله، وأخبر أفراد العائلة بما جرى وحثهم على الخروج من بيوتهم والتفرق، خشية استهدافهم على إثر موقفهم الرافض للتعاون، ولكن بعد ساعات، نفذت قوات الاحتلال مجرزة مروعة طالت منازل وتجمعات للعائلة، ما تسبب في سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، خصوصا من النساء والأطفال.
ولم يقتصر العرض والتهديد الإسرائيلي على عائلة بكر، فقد أجرى ضباط في مخابرات الاحتلال اتصالات مع عائلات أخرى في حي الصبرة جنوب غزة، عرف منها عائلة دغمش، وهي عائلة كبيرة تسكن المنطقة، بهدف دفعها إلى تشكيل مليشيا مسلحة، فما كان من مختارها إلا أن رفض التعاطي مع العروض التي قدمتها قوات الاحتلال. بحسب مصدر صحفي تحدث لـ"عربي21".
ابتزاز منهجي
من جهته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السبت، إن الاحتلال يمارس سياسة ابتزاز منهجي ضد العائلات
الفلسطينية، ويضعها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التعاون مع الاحتلال أو مواجهة القتل الجماعي والتهجير والتجويع.
ويصف المرصد هذا النهج بأنه "نمط إبادي متصاعد"، يستهدف تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني عبر تحويل الإغاثة إلى "أداة ضغط"، وتدمير الروابط المجتمعية، وإجبار السكان على الاختيار بين الموت أو الخيانة.
كما سجّل المرصد شهادات صادمة من عائلات أخرى تعرضت لضغوط مباشرة للتعاون مقابل الحصول على مساعدات أو السماح لهن بالبقاء في مناطق آمنة، في وقت تُحوّل فيه المساعدات الإنسانية إلى "وسيلة ابتزاز منظّم"، بدلاً من كونها حقًا إنسانيًا غير مشروط.
وأكد المرصد أن جيش الاحتلال ارتكب مجزرة بحق عائلة بكر في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، حيث استُشهد تسعة من أفراد العائلة، بينهم نساء وأطفال، السبت، في قصف استهدف منازل متجاورة للعائلة.
وأوضح المرصد، ومقرّه في جنيف، أن هذه الجريمة جاءت بعد يوم واحد فقط من رفض العائلة طلبًا إسرائيليًا بالتعاون الأمني، يقضي بتشكيل "مليشيا محلية" تعمل تحت إمرة الجيش الإسرائيلي، على غرار ما يُعرف بمجموعة "أبو شباب" جنوبي القطاع.
ونقل المرصد عن معتصم بكر أحد أفراد العائلة قوله إن "المختار اضطر للنزوح القسري بعد أن عرض عليه الجانب الإسرائيلي البقاء بأمان شريطة أن يعمل أبناؤنا كميليشيا تابعة لهم (..) فضلنا النوم في الطرقات وافتراش الأرض على الانخراط في درب الخيانة".