تتكرر منذ عقود طويلة ذات العناوين الخبرية التي تتحدث عن مختلف جوانب القضية
الفلسطينية ومخططات تهجير قطاع
غزة ووعود إقامة دولة فلسطينية واعتراف كبرى الدول العالمية بها، دون تغيير على أرض الواقع سوى بما يخدم
الاحتلال الإسرائيلي.
وعند استحضار بعض أغلفة الصحف العربية والفلسطينية، حتى ولو بشكل عشوائي، يبدو أن أبرز عناوينها تتطابق أو تتشابه مع الأحداث الجارية في قطاع غزة ومختلف جوانب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتتحدث هذه الأغلفة "القديمة الجديدة" أيضا عن جهود إقامة دولة فلسطينية والمفاوضات وزيارات وفود وتوجهها إلى القاهرة وغيرها من العواصم العربية، وهي التي جرى تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي للمقارنة التاريخية للأحداث مع الواقع الحالي.
تكرار المشاهد
عام 1969، جاء في العنوان الرئيسي ضمن غلاف لصحيفة "الدستور" الأردنية أنه يجري تجويع اللاجئين في قطاع غزة، وأن "إسرائيل" منعت دخول المؤن، وأن هناك "ألوف المتظاهرين وعشرات الجرحى في غزة"، مع عناوين أخرى تتحدث عن إقامة المتاريس في الشوارع وحرق دبابتين ونسف 17 منزلاً، واعتصام طالبات في دار المعلمات برام الله.
وجاء في الغلاف أيضا الحديث عن تظاهرات في العاصمة البريطانية لندن احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي الأمريكي، مع تساؤل حول إمكانية دعوة الرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر لعقد قمة عربية.
وفي نسخة أخرى من ذات الصحيفة لكن في عام 1970، جاء عنوان يتحدث عن "بدء تفريغ قطاع غزة من السكان"، وأن هناك "اتصالات عربية عاجلة لوقف الخطة الإسرائيلية ضد 300 ألف مواطن عربي في القطاع"، مع تضمين مقال يحمل عنوان "رأي الدستور" يتحدث عن عملية تهويد جديدة.
ويأتي ذلك بينما يتعرض أكثر من مليوني فلسطيني للتهجير الوشيك في قطاع غزة مع استمرار حرب الإبادة، بدعم أمريكي غير مسبوق وبشكل علني لمخططات تفريغ غزة وتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية بحسب تصريحات الرئيس دونالد ترامب.
وعود دولية
في عام 2005، وقُبيل خطة فك الارتباط والانسحاب الأحادي الإسرائيلي من قطاع غزة، جاء عنوان في صحيفة "القدس" ليتحدث عن أن "الجيش الإسرائيلي يميل لتنفيذ عدوان عسكري كبير في غزة قبيل الإخلاء"، وأن "إسرائيل" ستغادر محور "فيلادلفيا".
وجاء في العناوين الفرعية أن "قريع: جاهزون لتسلم الأراضي التي ستخليها إسرائيل"، وهو أحمد قريع الذي كان رئيس الحكومة الفلسطينية حينها.
وذكرت العناوين الفرعية أن الرئيس الفرنسي (جاك شيراك حينها) كرر تأييده لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو تصريح يكرره حالياً بشكل متواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
في غلاف آخر خلال عام 2004، جرى تضمين عناوين: "رئيس الوزراء: أجرينا محادثات بناءة جداً جداً"، وأن "باول (وزير الخارجية الأمريكي) أكد لقريع التزام واشنطن بإقامة دولة فلسطينية مستقلة بحلول 2005"، وأنه "لا يمكن تحقيق أي تقدم في خريطة الطريق إلا إذا تخلى عرفات عن السيطرة على الأجهزة الأمنية".
أما العناوين الفرعية، فأبرز ما جاء فيها أنه "احتجاجاً على ممارساتها ضد الفلسطينيين: تركيا تلغي العقود العسكرية مع إسرائيل"، وأن "الإجماع الدولي يؤكد وجوب إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي 67".
وفي عنوان بارز آخر، جاء كالتالي: "200 ألف إسرائيلي تجمعوا وسط تل أبيب وطالبوا بإخلاء القطاع ومحاورة الفلسطينيين"، وهو ما يشابه حالياً التظاهرات الواسعة التي تطالب بعقد صفقة تبادل للأسرى مع المقاومة وإن أدت إلى وقف حرب الإبادة.
وتتشابه هذه الأحداث إلى حد التطابق مع الواقع الفلسطيني الحالي سواء داخل قطاع غزة والضفة الغربية أو حتى على الساحة الدولية فيما يتعلق بالمطالبات بدعم الشعب الفلسطيني أو الوعود بإقامة دولة فلسطينية معترف بها.
ويبدو أن الاختلاف مع هذه الأحداث هو حدتها الحالية، فقد تصاعدت سياسة تجويع اللاجئين في غزة إلى مجاعة تم تنفيذها بشكل علني، ومخططات التهجير أصبحت أكبر بعد تدمير معظم مدن القطاع، والتظاهرات التي كان يشارك فيها عشرات الآلاف في تل أبيب أصبح يشارك فيها مئات الآلاف.