صحافة دولية

الوساطة لأهداف شخصية.. ويتكوف جمع مليارات الدولارات من دول الخليج

نيويورك تايمز: ابن مبعوث ترامب يسعى لجمع مليارات من حكومات الخليج أثناء المفاوضات - جيتي
كشف تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" أن أليكس ويتكوف، ابن ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، كان يسعى سرًا للحصول على مليارات الدولارات من بعض الحكومات نفسها التي شاركت في محادثات السلام مع والده، بينما كان ستيف يجري مفاوضات دقيقة لوقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس هذا العام.

وأوضحت الصحيفة أن أليكس قدّم عرضًا إلى صندوق الثروة السيادية القطري، الوسيط في محادثات غزة والحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة، بشأن صندوق استثماري مخطط له يركز على مشاريع عقارية وتجارية في الولايات المتحدة. وفي وقت لاحق، أبلغ المستثمرين المحتملين بأنه حصل على تعهدات بمليارات الدولارات من صناديق حكومية في قطر والإمارات والكويت، وفقًا لأشخاص مطلعين على العرض، تحدثوا للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويتهم.

ويتيح صندوق الاستثمار المخطط له، بحسب الصحيفة، إمكانية تحقيق إيرادات بمئات الملايين من الدولارات لمجموعة ويتكوف، التي أسسها ستيف ويتكوف عام 1997، ولا يزال مالكًا جزئيًا لها بعد بيع جزء من حصته هذا العام. 

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن هذه الخطوة تمثل مثالًا آخر على محاولة عائلة ويتكوف، الاستفادة من قرب ولدهم من الرئيس ترامب، في وقت يواجه فيه ستيف وابنه زاك اتهامات بتجاوز الحدود الأخلاقية عبر مشروعهما في مجال العملات المشفرة مع عائلة ترامب، التي كانت تُجري أيضًا صفقات في الشرق الأوسط.

راجعت الصحيفة وثائق الصندوق التي أعدتها مجموعة ويتكوف، وتحدثت مع أشخاص مطلعين على العرض التقديمي للمستثمرين. وكان أليكس يجيب على أسئلة المستثمرين المحتملين منذ نحو شهر، لكن بعد استفسار نيويورك تايمز عن الصندوق، صرّحت المتحدثة باسم مجموعة ويتكوف، آنا لابورت، بأن الخطط، التي وصفتها بـ«الأولية»، قد أُجّلت، مضيفة: «إنهم لا يتقدمون في هذا الصندوق».

وأكدت ميلاني دان، المتحدثة باسم هيئة قطر للاستثمار، أن أليكس عرض على صندوق الثروة السيادية الاستثمار في الصندوق، لكن الجهاز قرر بعد مناقشات داخلية عدم المشاركة. واعتبرت الصحيفة أن هذا التطور يعكس تعقيدات العلاقة بين مصالح العائلة المالية والمواقف الدبلوماسية للولايات المتحدة في المنطقة.

وأوضحت نيويورك تايمز أن علاقة آل ويتكوف بقطر تعود إلى إدارة ترامب الأولى، عندما بدأت حكومة الدولة الخليجية الغنية بالنفط باستخدام الاستثمارات لكسب ود المقربين من الرئيس، بمن فيهم ستيف ويتكوف. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض لاحقًا، تطورت العلاقة، ورأت مجموعة ويتكوف في قطر مصدر تمويل رئيسي لأعمالها.

وأشار التحقيق إلى أن عائلة ويتكوف تلقت في أيار/مايو الماضي 100 مليون دولار من صندوق مالي تديره شركة «أبولو جلوبال مانجمنت» للاستثمار الخاص، وتمتلك قطر جزءًا منه، مما يعكس اتساع نطاق العلاقات المالية للعائلة في المنطقة أكثر مما كان معروفًا سابقًا.

ومن جانبها، ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، على أسئلة نيويورك تايمز، ووصفت ما أوردته الصحيفة بأنه «حملة تشويه كاذبة»، مؤكدة أن ستيف ويتكوف كان يضع اللمسات الأخيرة على عملية سحب استثماراته من شركته. كما صرّح ديفيد وارينغتون، مستشار البيت الأبيض، بأن ويتكوف «يأخذ على محمل الجد التزامه بقواعد أخلاقيات الحكومة».

ورصد التحقيق أن قطر، بصندوق ثروتها السيادية البالغ قيمته 557 مليار دولار، استخدمته لتعزيز نفوذها العالمي من خلال الاستثمار في مراكز الأبحاث والجامعات وجماعات الضغط، مع تركيز كبير على الاستثمارات العقارية في الولايات المتحدة، حيث ضخّت منذ عام 2014 أكثر من 4 مليارات دولار في سوق مانهاتن، شملت فندق بلازا وفندق سانت ريجيس وحصة في مبنى إمباير ستيت، بين عقارات أخرى.

وأضافت الصحيفة أن حملة قطر لكسب النفوذ كادت أن تنهار في 2017، عندما فرضت عدة دول خليجية حصارًا على الدولة الصغيرة، مستشهدة بعلاقاتها مع إيران وحماس وجماعة الإخوان المسلمين. ولرفع الحصار، لجأت قطر إلى الولايات المتحدة، في وقت كانت فيه إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، تشك في نواياها، بينما ألمح ترامب لاحقًا إلى تمويل قطر لأيديولوجية متطرفة في الشرق الأوسط.

ووضعت قطر حينها استراتيجية لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة لتعويض الخسائر المحتملة.
ويرى مراقبون أن العلاقة التجارية بين آل ويتكوف وقطر تعكس مدى تعقيد التداخل بين المصالح السياسية والدبلوماسية في الشرق الأوسط وبين مصالح رجال الأعمال المقربين من إدارة ترامب، كما تظهر التحديات الأخلاقية التي قد تنشأ عن الجمع بين النفوذ السياسي والفرص المالية الشخصية، وهو ما أكدته التحقيقات الصحفية.