صحافة دولية

فورين بوليسي: الاعتراف بفلسطين لا يكفي يجب الضغط على "إسرائيل" لإنهاء الاحتلال

حتى الآن لم تشعر دولة الاحتلال الإسرائيلي أبدا بعواقب حقيقية- جيتي
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مقالا، لنائب الرئيس التنفيذي لمركز السياسة الدولية، ماثيو داس، قال فيه إنّ: "وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، بيني غانتس، في مقالة له بصحيفة نيويورك تايمز يوم الأربعاء، انتقد الموجة المتزايدة من الحكومات الغربية التي تعترف بدولة فلسطين". 

وكتب غانتس، في إشارة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: "غالبا ما يصوّر الدعم المتزايد في الغرب للاعتراف على أنّه توبيخ لكل من نتنياهو وسياساته الحربية. الحقيقة هي أنّ الاعتراف الدولي بفلسطين، في ظل الظروف الحالية لا يعني رفضا لنتنياهو، بل رفض للإجماع الأمني بين الحزبين في إسرائيل"، في هذا على الأقل، غانتس محق، كما يقول داس.

وقال الكاتب إنّ: "من المنطقي والعادل رفض أي "إجماع أمني" في أي بلد يعتمد على نظام الفصل العنصري ويؤدي إلى إبادة جماعية. في الواقع، ساهمت الدول الغربية، بخضوعها لالتزام إسرائيل الحزبي بسحق الحقوق الفلسطينية، في خلق الأزمة التي نواجهها اليوم".

وبقدر ما يمثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة نحو إنهاء هذا الإجماع، فهو خطوة طال انتظارها في الاتجاه الصحيح. لكنه ليس كافيا بأي حال من الأحوال.

فكما كتب مارك لينش وشبلي تلحمي، في مقال نشر في مجلة "فورين بوليسي" في تموز/ يوليو: "هناك خطر في اعتبار الاعتراف غاية في حد ذاته"، مردفا: "إذا أصبح الاعتراف الرسمي بديلا عن الدفاع عن سيادة القانون الدولي ومعالجة الحقائق الجوهرية لمعاناة الفلسطينيين. وإلا فسيكون ذلك في أحسن الأحوال مجرد بادرة جوفاء، وفي أسوأ الأحوال سوء توزيع هائل لرأس المال السياسي الدولي النادر".

"بعد اعترافها بدولة فلسطين، يتعين على الحكومات الغربية أن تتحرك ردا على استمرار استعمارها وتقطيع أوصالها بطرق ملموسة، لا مجرد صور رمزية. وينبغي على جميع هذه الحكومات أن تتخذ خطوات فورية لدعم القانون الدولي، وأن تضغط بشكل حقيقي على الحكومة الإسرائيلية لوقف حملتها المتمثلة في التهجير القسري والتجويع والمجازر في غزة" وفقا للتقرير.

وتابع: "بالإضافة إلى ضمّها غير القانوني للضفة الغربية. ينبغي عليها وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وتعليق أشكال التعاون الأخرى، وتطبيق أوامر المحاكم الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين المتورطين بشكل موثوق في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب".

وطالب أوروبا بأن تأخذ زمام المبادرة في هذه الجهود. كان عدم تعليق الاتحاد الأوروبي مؤخرا لاتفاقية الشراكة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، على حد تعبير الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أغنيس كالامارد: "خيانة قاسية وغير قانونية".

لكن يبدو أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي يعيدون النظر في هذا القرار. وعلى الاتحاد الأوروبي أيضا النظر في تعليق مشاريع البحث والتطوير المشتركة في إطار برنامج "أفق أوروبا". كما يمكن، بل ويجب على كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي المضي قدما في إجراءاتها الفردية لمعارضة انتهاكات القانون الدولي.

ووفقا للتقرير نفسه، فإنّ أوروبا تعدّ وجهة ما يقرب من ثلث الصادرات الإسرائيلية. وينبغي للحكومات أن تستخدم هذا النفوذ وتفرض حظرا واسع النطاق على التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. في غضون ذلك، واستنادا إلى خطاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الأمم المتحدة، من شبه المؤكد أنّ: "الولايات المتحدة ستظل جزءا من المشكلة".

واسترسل التقرير: "هناك أمور لا يزال بإمكان السياسيين المؤيدين للسلام في أمريكا القيام بها. يمكن لأعضاء الكونغرس التوقيع على إجراءات تؤيد قيام الدولة الفلسطينية، مثل رسالة مجلس النواب التي قادها النائب رو خانا. كما قدم السيناتور جيف ميركلي قرارا يدعو الولايات المتحدة إلى الاعتراف بفلسطين، وشارك عدد من زملائه في مجلس الشيوخ في رعايته بالفعل". 

ولكن الأهم من ذلك، ينبغي على الكونغرس دعم إجراءات منع مبيعات الأسلحة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، مثل قانون "حظر القنابل" الذي قدمته النائبة ديليا راميريز، إلى جانب قرارات أخرى رافضة لوقف المزيد من عمليات نقل الأسلحة. من غير المرجح أن تغيّر هذه الإجراءات السياسة الأمريكية على المدى القصير، لكنها مفيدة في إثبات أن عهد الشيك المفتوح الذي منحه الغرب لدولة الاحتلال الإسرائيلي سينتهي.

وبالعودة إلى غانتس. في حين لا ينبغي السماح للإجماع السياسي لأي دولة بأن يكون درعا للإفلات الدائم من العقاب، فإن الحقيقة هي أن أي حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يجب أن يتعامل مع حقائق السياسة الداخلية الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء. 

"لهذا السبب، يجب على الدول التي تفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي لانتهاكها القانون الدولي أن توضح أنها ستنتهي بمجرد انتهاء انتهاك الاحتلال الإسرائيلي للقانون. فالهدف ليس معاقبة دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل ضمان التعايش السلمي لجميع سكانه وفلسطين" أردف التقرير.

وتابع: "مع كل مستوطنة إسرائيلية جديدة تبنى في الأراضي المحتلة، تتضاءل احتمالات حل الدولتين، كما هو مفهوم تقليديا. ودفع هذا، لأسباب مفهومة، الكثيرين إلى استنتاج أن الدعوة إلى دولة فلسطينية مجرد وهم".

ولكن حتى الآن، لم تشعر دولة الاحتلال الإسرائيلي أبدا بعواقب حقيقية وملموسة للسياسات التي تهدف إلى تدمير احتمال قيام دولة فلسطينية. إن فرض هذه العواقب اليوم ضروري للحفاظ على أي أمل في حل عادل.

في الأمم المتحدة، الثلاثاء، ادعى ترامب أن الاعتراف بدولة فلسطينية هو "مكافأة للإرهاب". لكن العكس هو الأقرب إلى الحقيقة: الاعتراف السياسي يكافئ الدبلوماسية. إن الاعتراف بذلك لا يكافئ الإرهاب، بل هو اعتراف بالواقع: لن يقبل الناس ببساطة أن يبقوا في قفص إلى الأبد. في غياب الأدوات السلمية للتحرير، سيختارون الأدوات العنيفة.

يجب أن يكون إنهاء الإبادة الجماعية في غزة الأولوية الأكثر إلحاحا للعالم. إذا تبع ذلك تدابير ملموسة، فإن دعم الدولة الفلسطينية وتقرير المصير يمكن أن يكونا جزءا مهما من ذلك. إن خلق مسار سلمي موثوق به لتحرير فلسطين هو أفضل طريقة لتجنب إراقة الدماء في المستقبل.