اقتصاد دولي

بمشاركة من غزة.. مؤتمر دولي يضع حلول لتحديات إعمار القطاع

غزة تعاني من دمار هائل أثر على نحو 80 بالمئة من البنية العمرانية - عربي21
غزة تعاني من دمار هائل أثر على نحو 80 بالمئة من البنية العمرانية - عربي21
شهدت أعمال المؤتمر الدولي السادس للأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي في جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم، في يومه الثاني جلسة علمية بعنوان "إعادة الإعمار بين الفرص والتحديات"، ترأسها أستاذ الاقتصاد بالجامعة الدكتور عبد الرحمن المقداد، بمشاركة باحثين وخبراء اقتصاديين من دول عربية وإسلامية.

في كلمته، أكد الباحث الاقتصادي سامر البني أن إعادة الإعمار لم تعد مجرد عملية ترميم للبنية التحتية والمساكن، بل أصبحت "مشروعاً استراتيجياً متعدد الأبعاد" يمس الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية.

وأشار البني إلى أن أبرز التحديات تتمثل في فجوة التمويل، والانقسامات السياسية والمؤسسية، وضعف التنسيق بين القطاعات الخدمية، إضافة إلى هشاشة الوضع الأمني والاجتماعي في الدول المتأثرة بالنزاعات.

ولفت البني إلى أن غياب المعايير البيئية وتضارب أجندات الفاعلين الدوليين يعرقلان تنفيذ مشروعات الإعمار، مشدداً على أهمية إشراك المجتمع المحلي في صياغة الأولويات، وأعطى مثالاً على الحاجة إلى إعادة هيكلة قطاع الكهرباء، الذي قد يتطلب استثمارات تصل إلى 800 مليون دولار، لضمان عودة الخدمات الأساسية بشكل مستدام.

اظهار أخبار متعلقة


من جانبه، عرض الباحث الاقتصادي نبيل البابلي دراسة موسعة تناولت غياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة لعمليات الإعمار في الدول العربية والإسلامية، وانتقد اعتماد العديد من الحكومات على "الاجتهادات الفردية" للوزراء والمسؤولين، مما يؤدي إلى إهدار الموارد وتكرار التجارب الفاشلة.

وأشار البابلي إلى أهمية الانتقال إلى بناء نظام مؤسسي متكامل لإدارة ملفات الإعمار، مستشهداً بالنماذج اليابانية والكورية التي نجحت في تحويل الكوارث والدمار إلى انطلاقة اقتصادية وتنموية، واقترح نموذجا لإدارة الاستراتيجيات القومية يقوم على ثلاث مراحل: مرحلة الطوارئ لوقف النزيف، ثم مرحلة إعادة البناء المبدئي، وصولا إلى مرحلة النهوض والتنمية المستدامة.

وفي مداخلة عبر الزوم من فلسطين، أكدت الباحثة الاقتصادية أماني جوهر أن قضية الإعمار في فلسطين "ليست مجرد شأن محلي بل مسؤولية إنسانية وأخلاقية جماعية"، مشيرة إلى أن الحصار المستمر منذ أكثر من 15 عاماً أدى إلى تآكل القطاعات الإنتاجية وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
ودعت إلى تبني نموذج اقتصاد مقاوم يعتمد على تعبئة الموارد المحلية وتفعيل أدوات التمويل الإسلامي لتعزيز الصمود وتحقيق التنمية.

ومن عزة شاركت الباحثة الاقتصادية وفاء وافي مؤكدة أن قطاع غزة عانى خلال العامين الماضيين من دمار هائل أثر على نحو 80 بالمئة من البنية العمرانية، وما يقارب مليوني مواطن بشكل مباشر، وقد أظهرت الدراسة أن الأضرار لم تكن عشوائية، بل تركزت بشكل ممنهج على البنية التحتية والمساكن، ما جعل بعض الأحياء غير صالحة للسكن.

اظهار أخبار متعلقة


وأضافت وافي "أظهرت النتائج الحاجة الملحة لتوحيد قرارات التخطيط، ووضع أولويات واضحة لإعادة الإعمار، مع التركيز على المناطق عالية الكثافة والمناطق ذات الأراضي المفتوحة للتنمية المستقبلية، لضمان دمجها في النسيج الحضري بشكل مستدام."

وأوضحت الباحثة أن "قطاع غزة يواجه تحديات كبيرة بسبب الكثافة السكانية العالية وتعقيدات الأراضي الخاصة وغياب الأمن والسلام المجتمعي، ما يزيد من أهمية حشد التمويل العربي والإسلامي والدولي، وتطوير قدرات مؤسسية قوية لتنسيق جهود الإعمار."

وتابعت الباحثة: "الدراسة اقترحت منهجية تحليلية لتقييم الضرر الأولي واستخدام نماذج واقعية لمساعدة صانعي القرار على إدارة الركام وتحديد أولويات إزالة المباني المتضررة، مع توفير البنية الأساسية والخدمات الأساسية بشكل سريع لضمان التعافي المبكر."

واختتمت حديثها بأن : "الاعتماد على التحليل المكاني والمنهجيات العلمية يجعل عملية إعادة الإعمار أكثر فعالية ويزيد القدرة التنبؤية للخطط المستقبلية، ما يسهم في استعادة الحياة الطبيعية وتحقيق تنمية مستدامة في غزة."
التعليقات (0)