قالت صحيفة "
واشنطن
بوست" إن الهجوم على قيادة حماس في
قطر، ظهر في نظر معظم العالم، عملا خطيرا
وغير مجد، إذ أعاق آفاق السلام وإطلاق سراح ما تقول إسرائيل إنهم 20 رهينة على قيد
الحياة ما زالوا محتجزين لدى حماس.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه في
العالم العربي، اعتبر الكثيرون هذه الضربة خطوة ساخرة من قبل حكومة بنيامين
نتنياهو لإفشال مفاوضات وقف إطلاق النار وتمديد الحرب لمنح إسرائيل الوقت والمساحة
لمواصلة هجومها على
غزة.
وتشمل العواقب الأوسع نطاقا
تقويض هدف الرئيس دونالد
ترامب في بناء تكامل إقليمي موال للولايات المتحدة من
خلال توسيع اتفاقيات التطبيع، فبالإضافة إلى السعودية ودول أخرى في الخليج العربي،
توخت إدارة ترامب إضافة لبنان وسوريا وأذربيجان وغيرها إلى الاتفاقيات.
وقال مسؤول خليجي كبير في
مؤتمر عقد هذا الأسبوع في واشنطن، حيث تحدث معظم المشاركين شريطة عدم الكشف عن
هويتهم لوصف الدبلوماسية الحساسة: "إن هذه الرؤية تتعرض لضغط شديد. هذا وقت
نحتاج فيه، بعد عامين من الحرب، إلى خفض التصعيد. لقد نجحت العديد من العمليات
العسكرية الإسرائيلية تكتيكيا، لكن المنطقة لا تبدو أفضل حالا".
وقال المسؤول: "هذا
تعقيد لم نكن بحاجة إليه".
وأضافت: "لم تكن جميع
الحكومات العربية سعيدة باستضافة قطر لمسؤولي حماس وهو ترتيب تم التوصل إليه،
جزئيا على الأقل، استجابة لطلب أمريكي لتسهيل المفاوضات غير المباشرة. لكن كثيرين
قالوا إن الضربة شكلت سابقة مقلقة تشير إلى أنه لا أحد بمنأى عن الهجوم بغض النظر
عن المجاملات الدبلوماسية والمفاوضات الجارية إذا رأت إسرائيل أن مصالح أمنها
القومي على المحك".
كما جرت مفاوضات مع مسؤولي
حماس في مصر، ويقيم بعضهم في تركيا. وفي اليوم التالي لقصف قطر، هاجمت طائرات
حربية إسرائيلية أيضا عدة مواقع في اليمن، مستهدفة قادة الحوثيين المدعومين من
إيران في غارات ذكرت تقارير غير مؤكدة أنها أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين.
وقال نتنياهو في بيان مصور
عن غارات اليمن: "قصفناهم اليوم مجددا من الجو منشآتهم الإرهابية، وقواعدهم
الإرهابية التي تضم عددا كبيرا من الإرهابيين، ومنشآت أخرى أيضا.. من يهاجمنا،
سنصل إليه".
وقال مسؤول إسرائيلي إن
الحكومة غير قلقة بشأن التداعيات الدبلوماسية لضربة قطر، مشيرا إلى أنه بعد أن
اغتال عملاء إسرائيليون في عدة دول أوروبية فلسطينيين قيل إنهم شاركوا في هجوم على
رياضيين إسرائيليين في دورة الألعاب الأولمبية عام 1972 في ميونيخ، لم يغير
الأوروبيون علاقاتهم مع إسرائيل.
وقال المسؤول الإسرائيلي في
المؤتمر الذي نظمه مركز الحوار الأمريكي الشرق أوسطي إن هجوم الدوحة "لم يكن
محاولة لإهانة قطر رأينا فرصة وانتهزناها.. أعتقد أنها ستقرّب نهاية الحرب.. لكن
قد تسير الأمور في الاتجاه الآخر".
وأسفرت الغارة الجوية على
مبنى سكني في الدوحة عن مقتل ستة أشخاص - لم يكن بينهم أي من كبار مفاوضي حماس
الذين استهدفوا.
وأعرب زعيم المعارضة
الإسرائيلية يائير لابيد عن دعمه للقضاء على عناصر حماس، لكنه انتقد غياب
الاستراتيجية.
بعد محادثة هاتفية مع
نتنياهو عقب غارة الدوحة، قال ترامب للصحفيين يوم الثلاثاء إنه "غير راض عنها
للغاية، غير راض عنها من جميع جوانبها".
وقال غيث العمري، الزميل
البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط: "إذا كنتَ قائدا عربيا، وحليفا
للولايات المتحدة، وتفعل أشياء بناء على أوامرها، مثل استضافة حماس والتوسط في
المحادثات، ومع ذلك لا يحميك هذا. ستكون قلقا بشأن تلك العلاقة، وبشأن كون
الولايات المتحدة ضامنا للنظام الإقليمي".
أعرب مسؤولون عرب ومحللون
مقيمون في واشنطن عن شكوكهم بشأن إصرار الإدارة على أنها لم تكن على علم مسبق
بهجوم الدوحة، وأنها أبلغت به من البنتاغون فور بدء الهجوم.
وقال مارك دوبويتز، الرئيس
التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن: "من المستحيل أن يأمر
رئيس الوزراء نتنياهو سلاح الجو الإسرائيلي بقصف مبنى في قطر دون تنسيق وثيق مع
الولايات المتحدة".
وأشار خبراء إلى أن قاعدة
العديد الجوية الأمريكية الضخمة في قطر تراقب جميع الطائرات في المنطقة، ومن
المؤكد أنها كانت سترصد أي هجوم متجه إلى ذلك الاتجاه قبل وقت طويل من وصوله إلى
هدفه.
وقال مسؤولون أمريكيون إن
البنتاغون أبلغ ترامب بشن ضربة على الدوحة، على الرغم من أنه لا يزال من غير
الواضح ما إذا كانت إسرائيل قد أبلغت الولايات المتحدة أو ما إذا كانت القوات
الأمريكية في المنطقة قد اكتشفت هجوما قادما بتقنية متطورة.
وأشار مسؤول كبير في إدارة
بايدن، والذي دعم منذ فترة طويلة الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، إلى أنه مع شن الجيش
هجوما آخر في شمال غزة، يجب أن تقتصر المساعدة الأمريكية على الأسلحة الدفاعية.
وقال المسؤول إن الوقت ربما قد حان "للتوقف عن إعطاء إسرائيل مفاتيح السيارة
للاصطدام بالحائط مرارا وتكرارا".